تحقيق استقصائي: فلسطين تبحث عن تفاسير للشريعة تنسجم مع "سيداو".. وشرخ يتسع بين علماء الدين والسياسة

بالعربي: لسطين ملزمة بموائمة تشريعاتها وقوانينها مع بنود اتفاقية سيداو للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بعد توقيعها عليها دون أي تحفظ يذكر، لكن موائمة قانون الأحوال الشخصية تحديدا كمن يسير في حقل من الألغام، فما بين الحلال والحرام من جهة، والحقوق والحريات العامة من جهة أخرى، حدث شرخ بين علماء الدين والسياسة.

علماء الدين يؤكدون أن قانون الأحوال الشخصية مستند الى الشريعة الإسلامية التي تسمو على كل القوانين والمعاهدات الدولية، ورجال السياسة والمؤسسات الحقوقية، يشددون على أن الشريعة مصدر للتشريع وليس المصدر الرئيس، ويؤكدون مضيهم قدما نحو موائمة كل القوانين والتشريعات المحلية مع الإتفاقيات الدولية باعتبارها تسمو على كل ما هو محلي.

لكن السؤال المطروح هل ستجرأ فلسطين على منع تعدد الزوجات على سبيل المثال الذي تحرمه سيداو؟؟ وهل ستساوي تماما بين الرجل والمرأة في الزواج والطلاق والميراث وتبعاتها كالأملاك وحضانة الأطفال؟؟ وكيف ستتعامل مع شهادة المرأة في المحاكم الشرعية؟؟ وأسئلة كثيرة أخرى يعتبرها البعض من المحرمات.

في هذا التحقيق نكشف لكم عن توجهات فلسطين في البحث عن تفسيرات للشريعة الإسلامية تنسجم مع اتفاقية سيداو، وما رافق ذلك من رفض مطلق وقبول، لكن تحقيقنا هذا بدأ من أصوات نسوية ضاقت بها السبل جراء التمييز والتهميش المجتمعي ...

من أمام المحكمة الشرعية في مدينة رام الله التقينا بالمواطنة " م ز" وهو رمز مستعار، كونها رفضت الكشف عن نفسها لأسباب عائلية، "م ز" أكدت لنا  تعرضها لصنوف مختلفة من العذاب الجسدي والنفسي، قبل أن يطردها طليقها من بيت الزوجية مع أولادها وبناتها السبعة ليتزوج بإمرأة أخرى.

"م ز" قالت لنا : كان يضريني بأي شي، كان يكسر القشاطة على جسدي، فجئت الى المحكمة كي أحصّل شيئا من حقوقي بعد أن طلقني، وبعد 3 سنوات من المعاناة كأنني أحفر في صخر بمساعدة من القانون الفلسطيني الظالم للمرأة الفلسطينية".

مشينا مع الضحية في الشارع العام أي المكان الذي وجدت نفسها فيه بين ليلة وضحاها .. حدثتنا عن معاناتها في النفقة وسفر بناتها ومستحقاتها بعد الطلاق، ملقية اللوم بشكل رئيس على قانون الأحوال الشخصية الأردني لعام 1976 المطبق في الضفة الغربية.

وتسائلت "م ز" : أين العدالة عندما تحرم ابنتي من النفقة بسبب اختيار والدتها فقط، أين هذه العدالة عندما يرفض الشيخ تزويج ابنتي الا بموافقة طليقي، والقاضي في المحكمة يؤكد على ذلك لأن القانون لصالحه كونه الأب ويجب أن يوقع على عقد الزواج، مردفة : أين العدالة عندما أقوم ببناء منزلي بيدي والكل يشهد على ذلك، وفي النهاية تزوج بإمرأة أخرى وأسكنها في بيتي وطردني منه لمجرد أنه رجل والقانون يسمح بتعدد الزوجات".

حالة المواطنة استدعت التوجه نحو خبراء قانونيين وحقوقيين، فأكدوا لنا أن جزءا كبيرا  مما جرى معها لا يتعارض مع قانون الأحوال الشخصية الذي ينظم الزواج والطلاق والإرث وتبعاتها وأحكامها، لكنه يتناقض تماما مع بنود اتفاقية سيداو للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

نبذة عن اتفاقية سيداو :
- اعتمدت دوليا في 18 ديسمبر عام 1979، من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتوصف بأنها "وثيقة حقوق دولية للنساء"
- تساوي بين الرجل والمرأة في أمور الزواج والطلاق والإرث وتبعاتها وحيازة الممتلكات
- تساوي بالكامل في الولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم
- السلطة الفلسطينية وقعت على انضمامها للإتفاقية في الاول من نيسان عام 2014 بدون تحفظات


الخبيرة القانونية في مركز المرأة للإرشاد القانوني والإجتماعي ريما شماسنة قالت لنا إن "طليق "م ز" تزوج عليها وهذا مخالف لاتفاقية سيداو التي تمنع تعدد الزوجات، كما طلقها بإراداته المنفردة دون إذنها وموافقتها، وهذا يتعارض مع اتفاقية سيداو، أما البيت الذي قامت ببنائه بنفسها وبجهدها طردت منه، بينما تؤكد بنود الاتفاقية الدولية على حقها في نصف البيت كون الممتلكات تقسم مناصفة بين الزوج والزوجه في حال الطلاق".

وأضافت أن "قطع الأب لنفقة بناته جاء بعد إختيارهم الوالدة، وهذا وفقا لقانون الأحوال الشخصية الذي يتعارض في كثير من نصوصه مع اتفاقية سيداو ومنها موضوع حرية الإختيار".

"شهادة المرأة منقوصة" !!

قضية المواطنة "م ز" ليست الا مثالا واحدا لآلاف النساء اللاتي يعانين من التمييز بسبب قانون الأحوال الشخصية وفقا لتأكيدات المراكز النسوية والحقوقية، لكن الانتقادات التي يتعرض لها القانون بدأت تطفو على السطح أكثر بعد أن وقعت فلسطين على انضمامها في اتفاقية سيداو في الأول من نيسان لعام الفين وأربعة عشر.

وفيما يتعلق بالانتقادات التي يتعرض لها القانون، قالت مديرة الشؤون القانونية في وزارة شؤون المرأة سونا نصار إنه "من بين أبرز المشكلات، شهادة المرأة في المحكمة الشرعية والتي تعادل نصف شهادة الرجل، وبنفس الوقت هناك قاضي شرعي ومأذون من الإناث، فكيف ستشهد القاضية أو المأذونة على عقد زواج وشهادتها نفسها منقوصة ؟"

"نخاف المساس بالقانون لأنه من المحظورات"

ومن بين الانتقادات الأخرى لقانون الأحوال الشخصية، قالت المديرة العامة لمركز المرأة للإرشاد القانوني والإجتماعي رندة سنيورة إن "قانون الأحوال الشخصية المطبق لا زال يعتبر السن القانوني للزواج اربعة عشر عاما ونصف العام للفتيات، وهذا يعني تزويج القاصرات، مردفة : طفلة تتزوج وتنجب ولا زالت طفلة وهذه مشكلة كبيرة جدا نعاني منها بسبب القانون".

وأضافت سنيورة "إننا أمام معضلة، فقانون الأحوال الشخصية من المحظورات ومن القوانين التي نخاف المساس بها تحت حجة أن القانون مبني على أحكام الشريعة الإسلامية".

الأحوال الشخصية وسيداو .. خطان لا يلتقيان

ووقعت فلسطين على الإتفاقية الدولية بدون أي تحفظ يذكر، أي أنها موافقة على كل بنودها، لتصبح فلسطين مطالبة بموائمة تشريعاتها وقوانينها مع بنود الإتفاقية، لكن الأمر ليس بهذه البساطة خصوصا عند موائمة قانون الأحوال الشخصية مع المادة 16 من الإتفاقية الدولية، فخلال فترة بحثنا وجدنا تعارضا كبيرا بينهما، لأن المادة السادسة عشر من اتفاقية سيداو تنص على ضرورة اتخاذ الدول الأطراف في الاتفاقية جميع التدابير في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية، على أساس المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة حسب النقاط الآتية :

(أ ) نفس الحق في عقد الزواج
(ب ) نفس الحق في حرية اختيار الزوج، وفي عدم عقد الزواج إلا برضاها الحر الكامل؛
(ج) نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه؛
(د)نفس الحقوق والمسؤوليات بوصفهما أبوين، بغض النظر عن حالتهما الزوجية،في الأمور المتعلقة بأطفالهما وفي جميع الأحوال، يكون لمصلحة الأطفال الإعتبار الأول ؛
(هـ) نفس الحقوق في ان تقرر، بحرية وبادراك للنتائج، عدد أطفالها والفاصل بين الطفل والذى يليه، وفي الحصول على معلومات والتثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة هذه الحقوق؛
(و) نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم ، أو ما شابه ذلك من الأعراف،حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني، وفي جميع الأحوال يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول؛
(ز) نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة بما في ذلك الحق في اختيار اسم الأسرة والمهنة ونوع العمل؛
(ح) نفس الحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات والإشراف عليها وإدارتها والتمتع بها والتصرف فيها، سواء بلا مقابل أو مقابل عوض.

المعضلة الرئيسية التي تواجه فلسطين حاليا تتمثل في تطبيق المادة السادسة عشر في ظل تناقضها مع قانون الأحوال الشخصية المستمد من تفاسير الشريعة الاسلامية كما تؤكد الجهات الفقهية، فهل ستلتجىء فلسطين الى تفاسير جديدة للشريعة تنسجم مع الاتفاقيات الدولية، أم أنها ستبقي على التفاسير السائدة؟؟

بداية الشرخ في المواقف ... الهباش : الشريعة تسمو على المعاهدات الدولية وهي المصدر الأساسي للتشريع في فلسطين

قاضي قضاة فلسطين د. محمود الهباش، قال إننا مستعدون لموائمة كل القوانين ولكن بشرط أن لا تتعارض مع أصول الشريعة الإسلامية، مردفا : الحلال ما أحله الله، والحرام ما حرمه الله .. مع احترامنا لكل القوانين الدولية، ولكل المعاهدات الدولية، أي تعارض مع ما شرعه الله لن نقبله، الشريعة فوق القانون والشريعة فوق أي التزام سياسي أو اي التزام بقوانين أو معاهدات دولية.
وأضاف : المادة الأولى من القانون الأساسي، تؤكد أن الشريعة الإسلامية هي دين البلد والدولة، وهي المصدر الأساسي للتشريع، متسائلا : كيف تكون المصدر الأساسي للتشريع وهناك من يبحث عن تشريع قوانين تخالفها، مشددا : لا يمكن أن نقبل بذلك ولا يمكن للقيادة الفلسطينية أو للرئيس أو للمجلس التشريعي ولا للشعب الفلسطيني أن يقبل بذلك.
وكان رئيس المحكمة الشرعية العليا الشيخ جمال الطويل قد أكد في أكثر من مقابلة صحفية سابقة، أن اتفاقية سيداو وفي بعض جوانبها مخالفه للشريعة الاسلامية وخصوصا مساواة المرأة بالرجل في الميراث.

عوض : سمو للاتفاقات الدولية، والشريعة مصدر من عدة مصادر

وردا على ما سبق قال رئيس الإدارة العامة للأمم المتحدة ومنظماتها في وزارة الخارجية د. عمر عوض : هنالك سمو للاتفاقيات على القانون الداخلي، وكل القوانين التي تتعارض مع الاتفاقية الدولية سيتم تعديلها، وقوانين الأحوال الشخصية بحاجة الى موائمة كي تصبح  الإتفاقيات الدولية جزءا من المنظومة الفلسطينية.

وأكد أنه لا يوجد أي خلاف ما بين الشريعة الإسلامية واتفاقية سيداو، خصوصا وأن الاتفاقية دولية وتعنى بمجال عدم التمييز ضد المرأة ولا أعتقد بوجود أي دين في العالم مع التمييز ضد المرأة أو مع الإجحاف بحقها.

وأشار أن الشريعة هي واحدة من أسس القوانين الفلسطينية والقانون الفلسطيني لا يقوم على الشريعة، بل إن إحدى مصادره هي الشريعة أولا.

عابدين : المطلوب تدقيق في النصوص الدستورية

واتفق الخبير في القانون الدستوري عصام عابدين مع تصريحات وزارة الخارجية حيث قال : أن يلزمنا أحد بوجهة نظره فهذا لن نقبل به أبدا .. اذا كان الهباش يقصد القانون الأساسي فلا يوجد نص الا المادة 4 فقرة 2، تقول "مبادىء الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع"، أي أنها ليست المصدر الوحيد.

وأوضح أن النص القانوني كان واضحا في مبادىء الشريعة الإسلامية ولم يقل أحكام الشريعة الاسلامية، وهناك فرق كبير بين المبادىء والأحكام.

وأشار أن مبادىء الشريعة تعني مبدأ العدالة ومبدأ لا ضرر ولا ضرار، ومبدأ حفظ النفس والمال وعدم الاكراه في الدين، وبالتالي لا نرى أي تعارض بين هذه المبادىء والمنظومة الدولية لحقوق الإنسان، وأعتقد أنه من الضروري قبل افتعال أي مشكلة أن ندقق جيدا في النصوص الدستورية.

الكسواني : مبادىء الشريعة أحكام قطعية وظنية الثبوت والدلالة

واختلف المحاضر في كلية الحقوق في جامعة القدس د. جهاد الكسواني مع الطروحات السابقة حيث قال : المقصود بالمبادىء الأحكام القطعية، أي قطعية الثبوت والدلالة، ثابتة في مصادرها الأساسية أي القرآن والسنة، ولا يمكن تأويلها أو تفسيرها

وأشار الى أن ذلك يختلف عن الأحكام ظنية الثبوت والدلالة الصادرة عن الفقهاء، وهي قابلة للتأويل والتفسير والتدليل حسب الزمان والمكان، فما كان صالحا زمن أبي حنيفة النعمان والشافعي ومالك وابن حنبل قد لا يكون صالحا في القرن الواحد والعشرين، وفي الأحكام ظنية الثبوت والدلالة يمكن البحث عما ينسجم مع التزامات فلسطين القانونية.

فلسطيني على عتبة الأمم المتحدة

هذا السجال الفلسطيني قبل أسابيع فقط من الحادي عشر من شهر ايلول المقبل، حيث سيتوجه وفد فلسطيني رسمي على رأسه وزارتا الخارجية والمرأة الى العاصمة السويسرية جنيف لمناقشة ماذا فعلت فلسطين منذ توقيع الاتفاقية لغاية يومنا هذا للحد من التمييز ضد المرأة وماذا ستفعل مستقبلا بالقوانين السائدة.

في شهر آذار من عام 2017 سلمت فلسطين تقريرها الرسمي الأولي إلى مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان حول اتفاقية "سيداو" ، لتبيان واقع المرأة الفلسطينية في التشريعات و المجتمع والتحديات التي تواجهها دولة فلسطين في معرض تنفيذ الاتفاقية.

في الثلاثين من شهر نوفمبر عام الفين وسبعة عشر بعثت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة في اتفاقية سيداو، رسالة الى دولة فلسطين، تحتوي على عشرين ملاحظة حول واقع المرأة الفلسطينية، معظم الملاحظات كانت تدور حول قانون الأحوال الشخصية، ونقتبس الفقرة الثانية من الرسالة الصادرة عن سيداو.

"وتشـير الدولـة الطرف إلى أن التشـريعات الصـادرة عـن ولايات قضـائية متنوعـه، ومنهـا الأردن، لا تزال تنطبق إلى جانـب الشـريعة الإسلامية، فيرجـى تقـديم معلومات عـن التـدابير المتخـذة لتطـوير الأطر القانونية التي تنظم حقوق المرأة، وإلغاء القوانين العتيقة التي لا تمتثل لأحكام الإتفاقية، والتصـدي للتمييـز ضــد المرأة والفتــاة بموجب قانون الأحوال الشخصية فيمــا يتعلق بالزواج والطلاق وحضانة الأطفال والميراث".

في العشرين من شباط لعام الفين وثمانية عشر، ردت فلسطين على الملاحظات الدولية برسالة رسمية وكان من بين الردود توضيحا على الفقرة السابقة :

"وفقا للقانون الفلسطيني الأساسي المادة 4 فإن الشريعة الإسلامية هي مصدر رئيسي للتشريعي وليس المصدر الرئيسي للتشريع، أي أن هناك مصادر أخرى للتشريع يستند اليها المشرع الفلسطيني، وعليه فإن التشريعات التي تستند الى الشريعة الإسلامية تكون بمرتبة باقي التشريعات العادية ولا تكون بمرتبة أعلى".

هل المخرج بقانون مدني ؟؟

وأمام كل ما سبق يرى البعض أن مخرج الأزمة يتمثل في قانون مدني أو البحث عن تفسيرات أخرى للشريعة، وفي هذا الإطار أكدت المديرة العامة لمركز المرأة للإرشاد القانوني والإجتماعي رندة سنيورة ان المطلوب قانون مدني لكل الفلسطينيين والفلسطينيات باعتباره الحل المناسب لكل المشكلة والتناقض الحاصل مع سيداو.

من جهتها  قالت مديرة الشؤون القانونية في وزارة شؤون المرأة سونا نصار إن "الأزمة تعالج بعدة طرق أولا إعادة تفسير بعض الآيات القرآنية وحوار مع جميع الأطراف خصوصا رجال الدين"، مردفة : نتعامل يوميا مع رجال دين بحكم عملنا، والكثير منهم لديهم أفكار مؤيدة لحقوق النساء والطروحات الحالية التي تطرحها مؤسسات حقوق المرأة.

ورفض قاضي قضاة فلسطين الطروحات السابقة حيث قال : نحن نرفض ما سبق رفضا قاطعا ودعني أقول بشكل صريح، حتى لو أقرت تشريعات وقوانين في المجلس التشريعي أو من قبل السلطة التشريعية في فلسطين وخالفت الشريعة الإسلامية سنعارضها.


أما الخبير في القانون الدستوري عصام عابدين فقال : الحضارة الإغريقية أراها حضارة فلسفة، بينما الحضارة الإسلامية أراها حضارة فقه وتنوع فيه، وبالتالي هناك العديد من المذاهب الإسلامية والمسألة تخضع للاجتهادات وهناك أفكار ممتازة أيضا في الشريعة الإسلامية يمكن الأخذ بها.

الآغا : الزواج بواحدة .. قطعنا شوطا كبيرا في التعديلات

وفي ظل هذا التناقض في المواقف، شكلت لجنة برئاسة وزارة العدل مؤخرا بتنسيق مع وزارة شؤون المرأة وعدد من الوزرات والمؤسسات المعنية للبحث عن حلول.

وقالت وزيرة المرأة هيفاء الآغا إن اللجنة قطعت شوطا كبيرا في تعديلات بعض القوانين، وفي ايضاح بعض القوانين والأحكام، مثل أن شهادة المرأة تعادل نصف شهادة الرجل، فقد اتضح عندما قرأنا الآية 283 من سورة الدين، أن نصف الشهادة في الدين والمعاملات التجارية فقط، ولا تنطبق دائما على جميع الحالات، مردفة : قراءة معمقة في الدين سوف نجد الكثير من الحلول.

وأضافت : حتى زواج الأربعة " فإن خفتم الا تعدلوا فواحدة "، اذاً نجد هناك حلولا خصوصا وأن الشرع لم يترك الباب مفتوحا للرجل كيفما شاء، ولكن البعض استغل هذا، مضيفة من الآيات الكريمة، " ولن تستطيعوا ان تعدلوا بين النساء "، وكأنه سبحانه وتعالى يقول الزواج بواحدة.

الكسواني : لا يمكن للسلطة الفلسطينية تطبيق ذلك!!

وردا على تصريحات وزيرة شؤون المرأة قال المحاضر في جامعة القدس جهاد الكسواني، إن هناك مسائل من المحرمات، وإلغاء تعدد الزوجات يعني تعليق للمشانق، لأن التعدد أصل في الشريعة.

وأضاف "أن يسعى أحد الى المساس بالمقدسات الإسلامية فهذا أمر غير مقبول، من أراد أن يعلق مشنقته فليدخل في تحد كهذا".

ماذا ستخسر فلسطين ؟؟

لكن التساؤل المطروح حاليا، في حال عدم قدرة فلسطين على موائمة قانون الأحوال الشخصية تحديدا مع الاتفاقية الدولية، ماذا ستخسر على المستوى المحلي والدولي.

المستشار القانوني في مؤسسة الحق اشرف أبو حية قال إن عدم موائمة القوانين مع الاتفاقيات الدولية، سيؤثر على صورة فلسطين سواء أمام اللجان المنبثقة عن الاتفاقيات، أوعلى صورتها أمام المجتمع الدولي، ما سيعطي نظرة أن فلسطين غير جادة في مسألة الإنضمام الى الاتفاقيات الدولية وبالتالي غير جادين بتطبيق التزاماتنا الدولية.

وفي السياق ذاته قال رئيس الإدارة العامة للأمم المتحدة ومنظماتها في وزارة الخارجية د عمر عوض، إن ما سيحرج فلسطين هو أنها لا تقوم بمناهضة التمييز ضد المرأة.

في حين قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ناصر القدوة إن الإلتحاق باتفاقيات ومعاهدات دولية يلقي علينا مسؤوليات في أغلب الأحيان لا نستطيع القيام بها .. لا يوجد دولة تنضم الى 15 معاهدة بالكوم، وهذا الأمر يستحق مراجعة من الجسم التشريعي، ويستلزم دراسة حقيقية خصوصا وأنه علينا التوفيق بين قوانينيا المحلية والالتزامات الدولية الجديدة، وهذا الأمر لابد أن يؤخذ على محمل الجد لأنه يصبح له قيمة قانونية، مردفا : عندما ننضم الى اتفاقيات دولية بالجملة وما حدا قرأها، نحن نثبت أننا لسنا دولة.

فلسطين تسابق الزمن

ويشار الى أن فلسطين تسابق الزمن لتغيير بعض قوانينها حتى تنسجم مع اتفاقية سيداو قبل شهر ايلول المقبل، ففي شهر آذار الماضي ألغت زواج المغتصب من الضحية وافلاته من العقاب، كما أعلنت الحكومة في الشهر ذاته منح الحق للأم باستصدار جوازات السفر لأبنائها القصر، ومنحها الحق بفتح حسابات بنكية والإيداع لأبنائها القصر مع مراعاة التشريعات النافذة في إدارة الحساب وقواعد الإنفاق، ومنحها حق نقل اطفالها من مدارسهم، لكن التعديلات لم تشمل أيا من القضايا الشائكة في قانون الأحوال الشخصية.

فلسطين ملزمة بتطبيق بنود الأتفاقية كافة لأنها لم تتحفظ على أي منها، ليبدأ البحث عن تفاسير جديدة للشريعة تنسجم مع سيداو وتترجم على قانون الأحوال الشخصية، وهو الأمر الذي أحدث شرخا في المواقف بين علماء الدين والسياسة، والواضح أن هذا الشرخ سيتسع مستقبلا، خصوصا عند الخوض أكثر في أمور يعتبرها البعض من التابوهات الدينية.

المصدر: وطن للأنباء