أربعٌ و أربعون عاماً على اتفاقية فك الاشتباك.. هل تتُغيّر المعادلة؟

بالعربي: تشهد الجبهة الجنوبية من سوريا مؤشرات لعملية كبرى للجيش السوري يهدف من خلالها لاستعادة سيطرته على مناطق واسعة من الجنوب في ريفي القنيطرة و درعا كمرحلة أولى، يتبعها لاحقاً التقدم باتجاه مواقع تنظيم داعش الإرهابي أقصى الريف الغربي لدرعا بحسب المعلومات المتوافرة. الاستعدادات السورية هذه قابلها قلقٌ كبيرٌ من العدو الصهيوني الذي يقدم الدعم اللوجستي الكامل للتنظيمات الإرهابية، وتتزامن هذه التطورات مع مرور ذكرى توقيع اتفاقية فك الاشتباك التي وقعت في الحادي و الثلاثين من أيار/ مايو عام 1974 والتي أبرمت بعد حرب تشرين التحريرية في جنيف بحضور الأمم المتحدة وأمريكا والاتحاد السوفييتي  نصت حينها على انسحاب جيش العدو الصهيوني من وقف إطلاق نار وانتشار قوات أممية برعاية الأمم المتحدة لمراقبة تنفيذ الاتفاقية و عرفت باسم قوات "الاندوف".

هذه القوات موجودة منذ سبعينيات القرن الماضي في منطقة فك الاشتباك، ومع بداية الحرب على سوريا و انتشار الجماعات الإرهابية المسلحة على قرى الشريط الحدودي بريف القنيطرة انسحبت بشكل كامل، و مع استعادة الجيش السوري لبعض المناطق بدت واضحة عودتها المحدودة إلى بعض مواقعها، إذ كان انتشارها في كامل المنطقة المنزوعة السلاح من بلدة حضر شمالاً حتى حوض اليرموك جنوباً قرب درعا، و تتركز نقاطها على التلال الحاكمة و الطرق الرئيسية.

في عام 2014 حصلت حادثة كانت مفصلية لجهة وجود قوات الاندوف حيث قامت التنظيمات الإرهابية المسلحة باختطاف عدد من عناصر القوى الأممية بعد سيطرة تلك التنظيمات على معابر وقرى الشريط الحدودي، حيث أخلت قوات الاندوف كامل مقراتها قبل أن تعاود انشتارها أواخر عام 2016 في مقرها الرئيسي في منطقة نبع الفوار، الأمر الذي يؤكد أن عودة هذه القوات الأممية مرتبط باتساع رقعة سيطرة الجيش السوري في المنطقة.
مصدرٌ سياسي سوري قال لموقع "العهد" الإخباري أنّ "العلاقة بين العدو الصهيوني و الجماعات الإرهابية التكفيرية المنتشرة في المنطقة الجنوبية قائمة على تحالف وثيق و كان العدو الصهيوني يراهن دائماً على هذه التنظيمات الإرهابية لإقامة منطقة آمنة أو عازلة كما حدث في جنوب لبنان لكن هذه المحاولات الإرهابية قد فشلت برغم كل الجهود التي بذلها العدو الذي بات اليوم يتطلع بعين القلق والخوف للترتيبات الجارية في الجنوب وخصوصاً الجهود الروسية لإعادة سيطرة الدولة السورية على المنطقة التي تتواجد فيها التنظيمات الإرهابية".

العدو الصهيوني يسعى ويبذل الجهود حتى لا تعود الدولة السورية إلى المنطقة وزيارة وزير الحرب الصهيوني أفيغدور ليبرمان الأخيرة إلى روسيا دليل على ذلك بالإضافة إلى اتصال نتنياهو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي حاول من خلاله أن يحصل على بعض التعهدات و الضمانات من الجانب الروسي تعوض انتهاء دور التنظيمات الإرهابية و فشل الرهان عليها و ذلك بحسب حديث المصدر السياسي السوري ذاته الذي أكد لـ"العهد" الإخباري أنّ " العدو الصهيوني يحاول رفع سقف الأحداث بمطالبته إخراج القوات الإيرانية وقوات المقاومة الإسلامية في لبنان غير الموجودة أصلاً ووسائل إعلام العدو تصوّر الأمور على ان روسيا قد تبنّت الموقف الصهيوني وهذا الأمر مغلوطٌ تماماً وغير صحيح فموقف الجانب الروسي واضح بفرض الدولة السورية لسيادتها على المنطقة اعتباراً من أنّ ذلك يأتي في إطار تطبيق الدولة السورية لسيادتها على كامل أراضيها".

عودة قوات الاندوف بشكل كبير وازدياد عددها على الشريط الحدودي ليصبح كما كان قبل دخول الإرهابيين يتوقف على المشاورات التي تجري بين الأطراف المعنية والفاعلة في الجنوب، ولا توجد معلومات أكيدة حول زيادة عدد القوات في المنطقة بحسب المصدر السياسي السوري الذي أكد أنّ " الاندوف لن تعود قبل سيطرة الجيش العربي السوري إلى كامل المنطقة وموافقة الدولة السورية بالدرجة الأولى باعتبارها صاحبة الأرض وذات السيادة عليها".