نتنياهو يُهدّد إيران ولكنّه عاجز عن غزّة!

بالعربي: انتهت ما أسمتها الدولة العبريّة جولة العنف الأخطر منذ عملية “الجرف الصامد”، صيف العام 2014، بين الاحتلال والمُقاومة الفلسطينيّة، وبدأ الطرف الإسرائيليّ بلملمة جراحه، وعلى الرغم من التصريحات العنتريّة التي أطلقها أركان "إسرائيل" والتوعد والتهديدات باحتلال غزّة، واغتيال قادة حركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس)، فإنّ الإعلام العبريّ بدأ منذ يوم أمس، وبشكلٍ مُكثّفٍ في نشرات قنوات التلفزيون مساء أمس الأربعاء، بإجراء إعادة تقييم لما آلت إليه الأوضاع، طارحًا وبقوّةٍ السؤال:

مَنْ انتصر في الجولة الأخيرة: جيش الاحتلال أمْ الجهاد الإسلاميّ وحماس؟

ومَنْ طلب من مصر التدّخل لإنهاء جولة العنف تل أبيب أم قادة المُقاومة في قطاع غزّة؟

على سبيل الذكر لا الحصر، كان مُحلّل الشؤون العسكريّة في القناة العاشرة، أور هيلر، الأكثر جرأةً، إذا جاز التعبير، عندما جزم قائلاً في النشرة المركزيّة إنّ حركة حماس، ومنذ أنْ وضعت الحرب الفائتة أوزارها، اجتازت لأوّل مرّةٍ حاجز الخوف، وهي التي قامت بإطلاق الصواريخ باتجاه جنوب الدولة العبريّة، زاعمًا أنّ قرار حماس نبع من رغبة الحركة في التأكيد للشعب الفلسطينيّ أنّ الحركة لم ولن تتحوّل إلى نسخةٍ ثانيةٍ من حركة فتح، التي تقوم بالتنسيق الأمنيّ مع "إسرائيل"، بسبب سيطرتها على السلطة الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، على حدّ تعبيره، واختتم قائلاً: انتهت الجولة الحاليّة، ونحن سنبقى ننتظر الجولة القادمة مع حماس، كما أكّد.

في السياق عينه، كشفت شركة الأخبار العبرية (القناتان 12 و13 في التلفزيون العبريّ)، أمس الثلاثاء، كشفت النقاب نقلاً عن مصادر عسكريّةٍ وصفتها بأنّها رفيعة المُستوى في تل أبيب، بأنّ جيش الاحتلال اضطر لنصب بطاريات القبّة الحديديّة في الجنوب في مُحاولةٍ منه لدرء الخطر الذي شكّلته قذائف الهاون، التي قامت المُقاومة الفلسطينيّة بإطلاقها باتجاه مُستوطنات ما يُطلق عليه “غلاف غزّة”، وغنيٌ عن القول إنّ هذه المنظومة تُكلّف أكثر من مليون دولار، في حين أنّ قذيفة الهاون الفلسطينيّة لا تصل تطلقها إلى عددٍ قليلٍ من الدولارات، كما أكّدت المصادر عينها في تل أبيب.

بالإضافة إلى ذلك، كشف مُراسل شركة الأخبار في الجنوب، تامير ستيانمان، النقاب عن أنّه في اليومين الأخيرين، عُقب ارتفاع منسوب العنف، على حدّ قوله، سُجّل ارتفاعٌ كبيرُ في عدد المُواطنين في المستوطنات الجنوبيّة، الذين توجّهوا لمراكز العلاج النفسانيّ بسبب حالة الذعر والهلع والإحباط التي ألّمت بهم نتيجة لإطلاق الصواريخ من قطاع غزّة باتجاه بيوتهم، كما نقل عن مصادره الخاصّة.

إلى ذلك، قال مُحلّل الشؤون الفلسطينيّة في شركة الأخبار ، أوهاد حيمو، أنّ حركة حماس باستطاعتها رفع شارة النصر أمام جماهيرها، لأنّه خلافًا للجولات السابقة من الـ”عنف” بين الطرفين، لم تقع في صفوفها إصابات في الأرواح، ولم يُقتل أيّ مُقاومٍ أوْ يُجرح، على الرغم من أنّ مُطلقي الصواريخ باتجاه جنوب "إسرائيل" كانوا معروفين لأجهزة الأمن في تل أبيب، على حدّ تعبيره. علاوةً على ذلك، لفت إلى أنّه على الرغم من تصريحات رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بأنّ جيش الاحتلال حقق نصرًا مؤزرًا في الجولة الأخيرة، تمكّنت حركة حماس من تسويق روايتها بأنّها هي التي انتصرت في المعركة التي انتهت فجر يوم أمس، وبشكلٍ خاصٍّ في الشارع الفلسطينيّ وحتى العربيّ، كما قال.

ولم يتوقّف الأمر عن ذلك، بل انتقل إلى الحلبية السياسيّة الداخليّة في تل أبيب، حيثُ بثّ التلفزيون العبريّ مقاطع من كلمةٍ ألقاها رئيس حزب العمل، آفي غبّاي، أمس الأربعاء في اجتماعٍ مُغلقٍ عُقد في إحدى المدن في مركز الدولة العبريّة، حيث قال بالصوت والصورة إنّ تهديدات وزير الأمن أفيغدور ليبرمان ووزير التعليم نقتالي بينيت العنتريّة لم تكُن مسؤولةً بالمرّة، مُشدّدًا في الوقت عينه على أنّ هذه التصريحات، هي نفس التصريحات التي قاما ليبرمان وبينيت بإطلاقها عشيّة عملية “الجرف الصامد” في صيف العام 2014، والتي أدخلت نتنياهو في ضغطٍ وأجبرته على بدء الحرب على غزّة، وهي الحرب التي لم يكُن رئيس الوزراء يرغب في خوضها بتاتًا، على حدّ تعبيره.
ولكنّ التلفزيون قام ببث مقطعٍ من تصريحاتٍ كانت غبّاي نفسه قد أدلى بها في تموز (يوليو) من العام الماضي، عندما كان يُنافس على رئاسة الحزب، حيث قال لإذاعة الجنوب، التابعة لشركة الأخبار إنّه يتحتّم على "إسرائيل" احتلال غزّة لإنهاء الحرب، وليس الإرهاب فقط، بحسب كلامه.

مُضافًا إلى ما ذُكر آنفًا، فقد تحولّت جولة العنف الأخيرة، بحسب المُعجم الصهيونيّ إلى حالةٍ من التندّر، فعلى سبيل المثال، قال النائب إيتان كابل، من حزب (المُعسكر الصهيونيّ)، لموقعٍ عبريٍّ أخباريّ، مُوجهًا حديثه إلى نتنياهو وليبرمان: هذان الرجلان يُهددان ويتوعدان باستهداف دولةٍ تبعد عن "إسرائيل" مسافة 1600 كم، في إشارةٍ واضحةٍ لإيران، ولكنّهما في الوقت عينه، شدّدّ كابل، لم يتمكّنا من حلّ مشكلة غزّة، التي تبعد عن الحدود بضعة كيلومترات، على حدّ قوله.

المصدر: راي اليوم