عميد في جيش الاحتلال: الأطفال أيضا عقوبتهم الموت إذا اقتربوا من السياج

بالعربي: لا يقتل فلسطيني بالصدفة أبدا، سواء كان عالما يخرج من صلاة الفجر في عاصمة غريبة، أو فتى لم يبلغ الحلم يتظاهر على حدود غزة المغتصبة من أجل أن يعود إلى بيت جده وجد أبيه.

يكمن القتل المستهدف في صلب عقيدة جيش الاحتلال الصهيوني، فالفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت، ولا يوجد أبدا أبرياء في غزة على ما قال وزير حرب العدو رجل المواخير أفيغدور ليبرمان.

من نمر خميس الذي شنقه المستوطنون على شجرة في الخمسينيات إلى محمد الدرة الذي تحول إلى مهداف، إذا فارس عودة الفتى الذي احتاجوا دبابة لاغتياله إلى آخرهم محمد إبراهيم أيوب، تحصد عقيدة القتل الصهيونية الأطفال الفلسطينيين، بدون تردد ولا وقفة تفكير.

لذلك، لا تكون تصريحات زفيكا فوغل العميد الصهيوني المتقاعد حول وجود أوامر محددة في غزة لإطلاق النار على الأطفال غريبة أو مفاجئة، تلك الأوامر التي وضح العميد بتفاخر أنها تأتي واضحة ومحددة، ولامجال لكي يخطئ الجندي.

ولكن إذا كانت الأوامر تأتي من فوق، فهذا لا يعني أن الجندي آلة تنفيذ عمياء، أو أنه مجرد منفذ للأوامر، فأوامر القتل تصدر تحديدا لمن هم مستعدون لتنفيذها، وكم مرة أطلق جندي النار على فلسطيني لتزجية الوقت، وليقنع أصدقاءه أنه هو أيضا يوفر الفلسطينيين؟

تحتل القوة إذن مكانتها (اللائقة) في الفكر الصهيوني، بسبب ضرورتها وحتمية وجودها ضمن المشروع الصهيوني الفاشي، فالفاشية في صراعها لإثبات وجودها، وضد القوى الأخرى، لا تهدف إلى (مجرد) النصر وإنما تدمير الخصم وإنهاء وجوده، من هنا فان مسألة القوة تأخذ بعداً أشد استراتيجية وتعقيداً طابعة الفاشية بالعنف القياسي المدمر الذي هو الدرجة من العنف الكافية لإلحاق أذى عميق بالخصم بحيث يصبح أي استعمال آخر أو إضافي العنف من أي شكل من الأشكال غير مفيد وغبي وغي ضروري بالأساس.

وهذا كان بالضبط ما انطبعت عليه الحركة الصهيونية في حربها المبيدة التي لم تستهدف النصر في واقعة أو معركة كلاسيكية وإنما النصر الهادف لإبادة الخصم، أن هذه اللغة (القوة) هي الوحيدة  التي يفهمها، نصر يهدف ليس إلى مجرد الفوز وإنما إلى إذلال الخصم وتدميره.

وهكذا ففي عرف دايان «النصر العسكري هو الطريقة الوحيدة لحمل العرب في النهاية على قبول "إسرائيل» وذلك يعود إلى أن «الشيء الوحيد الذي يحترمه العرب بالفعل هو القوة». وهكذا يؤكد في مكان آخر «نحن لولا خوذ الحديد والمدفع لما أتيح لنا قط أن نغرس شجرة واحدة أو نبني بيتا واحدا».

المقابلة الإذاعية، التي أجرتها هيئة الإذاعة "الإسرائيلية" العامة" (كان) مع رئيس الأركان السابق في القيادة الجنوبية العميد احتياط فوغل، كشفت كيف يعمل نظام القتل "الإسرائيلي" وهي جاءت تعليقا على اغتيال الطفل الفلسطيني محمد إبراهيم أيوب بدم بارد على حدود غزة في الجمعة الأخيرة، التي سميت "جمعة الشهداء والأسرى" فعمدها محمد بدمه مع شهداء آخرين لتكون اسما على مسمى.

وكما أكد شهود عيان وشريط فيديو ، فإن الطفل محمد أيوب لم يشكل خطراً محتملاً على قوات الاحتلال المدججة بالسلاح المتمركزة على مسافة عشرات الأمتار خلف الأسوار والتحصينات الأرضية على الجانب الآخر من حدود غزة عندما قُتل.

في المقابلة التي ترجمتها كاملة دينا شونرا إلى اللغة الإنكليزية (للانتفاضة الإلكترونية) والتي أجراها رون نيسيل،  يسأل المضيف فوغل عما إذا كان على الجيش "إعادة النظر في استخدام القناصة" فيندفع غوغل بحماسة للدفاع عن أوامر إطلاق النار وعن الجنود القتلة "على المستوى التكتيكي ، أي شخص يقترب من السياج ، أي شخص يمكن أن يكون تهديدًا مستقبليًا لحدود دولة "إسرائيل" وسكانه ، يجب أن يتحمل ثمنًا لهذا الانتهاك. " وأي "منتهك" بعرف فوغل، سواء كان طفلا، رجلا أو امرأة "عقوبته هي الموت".

ببرود وثقة وعنجهية يشرح فوغل بالتفصيل آلية إصدار أوامر إطلاق النار "القتل" ""أنا أعرف كيف يتم إعطاء هذه الأوامر. أنا أعرف كيف يقوم قناص بالتصوير أعرف عدد التخويلات التي يحتاجها قبل أن يحصل على تصريح بفتح النار. ليست نزوة أحد القناصين أن يقرر  أنه سيطلق النار. شخص ما يحدد الهدف بالنسبة له بشكل جيد للغاية ويخبره بالضبط لماذا يتعين على المرء أن يطلق النار وما هو التهديد من هذا ".

هي بوضوح سياسة متعمدة للقتل، وفوغل لا يكلف نفسه، حتى لأغراض الدعاية الفجة أن يخفي ذلك، أما الجنود فهم "أولادنا الأبرياء" كما يصفهم فوغل ""لدينا جنود هناك ، أطفالنا ، الذين تم إرسالهم وتلقي تعليمات دقيقة للغاية حول من يجب إطلاق النار لحمايتنا. دعنا نساندهم".

ولكن لماذا ليست مفاجأة؟ لأن تصريحات فوغل هي جزء من سلسلة متماسكة الحلقات من التصريحات الصهيونية التي تبرر وتمجد قتل الفلسطيني، باعتباره عملا من أجل خير "إسرائيل"، وكما جاء في بيان منظمة بتسيلم "لقد أوضح المسؤولون "الإسرائيليون" أن قوانين فتح النار ستسمح بإطلاق النار المميتة على أي شخص يحاول تدمير الجدار ، وحتى على أي شخص يأتي على مسافة 300 متر منه" وتضيف ""ومع ذلك ، فإن جميع المسؤولين في الدولة والعسكريين يرفضون بإصرار إلغاء الأوامر غير القانونية ويواصلون إصدارها وتبريرها" وهو أمر دعا بتسيلم كما هو معروف إلى دعوة الجنود لرفض إطلاق النار، ولكن بتسيلم ربما تعلم أنها تخاطب مجتمعا من القتلة، مجتمع جنود مدربين على القتل ولايرف لهم جفن عندما يستهدفون صبيا في الخامسة عشرة برصاصة برأسه.

.بالعودة إلى المقابلة، يقول فوغل " دعنا ننظر إلى هذا الأمر على ثلاثة مستويات. على المستوى التكتيكي الذي نحب جميعنا التعامل معه ، على المستوى المحلي ، وعلى مستوى القيم أيضًا ، وبعد الحصول على إذن منك ، سنرتقي أيضًا إلى المستوى الاستراتيجي. على المستوى التكتيكي، على أي شخص يقترب من السياج، أي شخص يمكن أن يكون تهديدا مستقبليا لحدود دولة "إسرائيل" وسكانه، أن يتحمل ثمن ذلك الانتهاك. إذا اقترب هذا الطفل أو أي شخص آخر من السياج من أجل إخفاء عبوة ناسفة أو التحقق مما إذا كانت هناك مناطق ميتة هناك أو لقطع السياج حتى يتسنى لأحدهم التسلل إلى أراضي دولة "إسرائيل" لقتلنا".

وردا على سؤال " ثم عقوبته الموت؟"، يرد فوغل بالإيجاب "عقوبته هي الموت" ويضيف مفصلا  "دعنا ننتقل إلى مستوى القيم. على افتراض أننا فهمنا المستوى التكتيكي، حيث لا يمكننا تحمل عبور حدودنا أو انتهاك حدودنا، فلننتقل إلى مستوى القيم. أنا لست أحمد الطيبي ، أنا زفيكا فوغل. أنا أعرف كيف يتم إعطاء هذه الأوامر. أنا أعرف كيف يقوم قناص بالتصوير أعرف عدد التخويلات التي يحتاجها قبل أن يحصل على تصريح بفتح النار. ليست نزوة أحد القناصين الآخرين أو الذين يحددون جسد طفل صغير الآن ويقرر أنه سيطلق النار. شخص ما يحدد الهدف بالنسبة له بشكل جيد للغاية ويخبره بالضبط لماذا يتعين على المرء أن يطلق النار وما هو التهديد من هذا الفرد". و " إذا كان هذا هو الثمن الذي يتعين علينا دفعه للحفاظ على سلامة ونوعية حياة سكان دولة "إسرائيل"، فهذا هو الثمن. ولكن الآن، بعد الحصول على إذن منك، دعونا نرتقي إلى مستوى واحد وننظر إلى النظرة العامة. من الواضح لك أن حماس تقاتل من أجل الوعي في الوقت الحالي".

" نحن فظيعون في ذلك. لا يوجد شيء يمكن القيام به ، ديفيد يبدو أفضل دائما ضد جالوت. وفي هذه الحالة ، نحن جالوت. ليس ديفيد. هذا واضح تماما بالنسبة لي. لكن دعونا ننظر إلى الأمر على المستوى الاستراتيجي: أنت وأنا وجزء كبير من المستمعين واضحين أن هذا لن ينتهي في المظاهرات. من الواضح لنا أن حماس لا تستطيع الاستمرار في تحمل حقيقة أن صواريخها غير قادرة على إيذائنا ، لأن أنفاقها تتآكل" و" نحن نضع قناصين لأننا نريد الحفاظ على القيم التي تعلمناها. لا يمكننا دائمًا التقاط صورة واحدة ووضعها أمام العالم كله. لدينا جنود هناك، أطفالنا، الذين تم إرسالهم وتلقي تعليمات دقيقة للغاية حول من يجب إطلاق النار لحمايتنا. دعنا نعيدهم.