اللواء سليماني يستعد للانتقام .. و"اسرائيل" ترتعد خوفا

بالعربي: التوتر الذي ساد المشهد السوري أثناء العدوان الثلاثي الأمريكي الفرنسي البريطاني فجر السبت الماضي ما زال متصاعدا، رغم انتهاء هذا العدوان الذي لم يزد عن ساعة، دون تحقيق معظم أهدافه، إن لم يكن كلها، وما حدث فجر اليوم في قاعدة “الشعيرات” الجوية السورية قرب حمص من إطلاق صواريخ إلا مقدمة، أو إنذار، لمواجهة إيرانية "إسرائيلية" يعتقد العديد من المراقبين أنها باتت وشيكة.

القصة بدأت عندما أعلن متحدث عسكري سوري عن تصدي الدفاعات الجوية السورية لعدوان خارجي، وإسقاطها عددا من الصواريخ، ولمح إلى أن كيان الاحتلال هو التي تقف خلف هذا العدوان، ليعود ويوضح أن هذا العدوان لم يحدث، وأن إنذارا خاطئا باختراق الأجواء السورية أدى إلى إطلاق صافرات الدفاع الجوية وعدد من الصواريخ.

ما يمكن استخلاصه من بين سطور هذا الحدث أن الدفاعات الجوية السورية في حالة تأهب قصوى، لتوقعها عدوانا "إسرائيليا"، أو مواجهة عسكرية إيرانية "إسرائيلية"، بعد إعلان حالة الطوارئ في صفوف جيش الاحتلال انعكست في تعزيز القوات البرية والجوية على طول الحدود السورية واللبنانية، تحسبا لرد انتقامي إيراني واسع النطاق على الغارة الصاروخية "الإسرائيلية" قبل عشرة أيام على قاعدة “تيفور” الجوية، وأدت إلى استشهاد 14 مسؤولا عسكريا، من بينهم سبعة إيرانيين، أبرزهم العقيد مهدي ديغان المسؤول عن قطاع الطيران المسير (درونز) في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، حسب ما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” نقلا عن مسؤولين عسكريين "إسرائيليين".

الحرب غير المباشرة، أو بالإنابة، بين الجانبين الإيراني و"الإسرائيلي" على أرض سورية ولبنان لم تتوقف مطلقا منذ هزيمة المقاومة حزب الله لجيش الاحتلال مرتين، الأولى عام 2000 عندما انسحب هذا الجيش مهزوما، ومنهيا احتلاله لجنوب لبنان، والثانية أثناء العدوان "الإسرائيلي" في تموز (يوليو) عام 2006، ولكن الكاتب الأمريكي توماس فريدمان توقع في مقاله الأسبوعي الأخير في صحيفة “نيويورك تايمز” أن هذه الحرب ستنتقل إلى مرحلة المواجهة المباشرة قريبا جدا نقلا عن مسؤولين عسكريين "إسرائيليين" كبار التقاهم أثناء زيارته لجبهة الجولان على الحدود السورية مع فلسطين المحتلة.

استهداف الصواريخ "الإسرائيلية" لقاعدة “تيفور” الجوية قرب حمص، يأتي لاعتقادها الراسخ بأن اللواء قاسم سليماني قائد فليق القدس يتخذها مقرا له، ويعد حاليا لهجوم بالطائرات “المسيرة” “درونز” متطورة مجهزة بمتفجرات، لضرب أهداف في العمق "الإسرائيلي".

بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال هدد أكثر من مرة بأنه لن يسمح بوجود قواعد عسكرية إيرانية على الأراضي السورية، وكرر وزير دفاعه إفيغدور ليبرمان التهديدات نفسها، وأثارت كفاءة الدفاعات الجوية السورية المتطورة التي جرى إعادة تأهيلها وتطويرها روسيا في الأشهر الأخيرة، حالة من القلق في أوساط القادة العسكريين "الإسرائيليين"، خاصة بعد إسقاطها خمسة من ثمانية صواريخ أطلقت على قاعدة “تيفور”، وتوارد أنباء عن تعزيزها بصواريخ “إس 300” الروسية بعد العدوان الثلاثي.

الجنرال غادي ديزنكوف، رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال قال في حديث لقناة تلفزيونية عبرية قبل أسبوعين أنه يتوقع حربا وشيكة على الجبهة الشمالية، (سورية لبنان)، وقبل نهاية هذا العام كحد أقصى، حيث من المقرر أن يحال إلى التقاعد من الخدمة العسكرية، وأكد علي أكبر ولايتي، مستشار السيد علي خامنئي، المرشد الإيراني الأعلى، أن العدوان "الإسرائيلي" على قاعدة “تيفور” واستشهاد إيرانيين لن يمر دون رد قوي.

انفجار حرب إيرانية "إسرائيلية" على الأرض السورية ربما يورط الدولتين العظميين، أي أمريكا وروسيا، فيها حتما، رغم محاولاتهما الحثيثة لضبط النفس، وفي ظل التقارير الأمريكية التي تؤكد اقتراب حبل مشنقة العزل من عنق الرئيس دونالد ترامب بسبب تعاظم فضائحه الجنسية والسياسية، لا نستبعد أن تعجل القيادة "الإسرائيلية" بإشعال فتيل الحرب قبل طرده من البيت الأبيض، لأنه لن يأتي رئيس أمريكي أكثر دعما لـ"إسرائيل" وغطرستها العدوانية أكثر منه.

أي عدوان "إسرائيلي" على محور المقاومة سيواجه برد قوي جدا بالقياس إلى تطور القدرات الدفاعية والهجومية لإيران وسورية و”حزب الله”، وتردد الطائرات الحربية "الإسرائيلية" في اختراق الأجواء السورية، والاكتفاء بالقصف الصاروخي من الأجواء اللبنانية خوفا من الإسقاط على طريقة طائرة “إف 16” في شباط (فبراير) الماضي، وبات واضحا للعيان ولا يحتاج إلى إثبات.

ترسانة إيران وحزب الله وسورية من الصواريخ المتطورة جدا، ويصل تعدادها إلى مئات الآلاف من مختلف الأحجام والأبعاد، كافية لإلحاق أضرار، إن لم تكن هزيمة كبرى بدولة الاحتلال ومستوطنيها، وإذا أضفنا إليها طائرات “الدرونز” المعززة بالصواريخ والمتفجرات، وهي التهديد الأحدث، فإن الصورة تبدو سوداوية بالنسبة لـ"الإسرائيليين" عسكريين ومدنيين معا.

لا نختلف مع توماس فريدمان في عنوان مقاله “سورية ستتفجر حتما”، ولكن الخلاف الأهم معه هو في توقعاتنا بأن هذا الانفجار قد ينقلب دمارا على "إسرائيل" أيضا.. ولديها الكثير الذي تخسره.. والأيام بيننا.

المصدر: رأي اليوم عبد الباري عطوان