الجرار في شهر عجزنا عنه في دهر

بالعربي-كتب- حمدي فراج:

ما الذي اراد الجرار ان يقوله في شهر لم نستطع ان نقوله في دهر؟

اولا : انه لم ينس جرح والده المتمثل في بتر ساقه ويده ولما يكن له من العمر اكثر من سبع سنوات ، وكل الاغراءات حالت دون ذلك ، وأدرك مبكرا انها مجرد مسكنات سرعان ما يتبدد تأثيرها ، ولهذا رفض تعاطيها ، وهو ما فعله تقريبا والده نصر جرار فيما فعلوه بوالده ووالدته من تشريد وتهجير وتقديم المسكنات التي تعكف الولايات المتحدة اليوم على وقفها واغلاق الدكانة برمتها "الاونروا" .

ثانيا : امتشق السلاح بعد ان تدرب على استخدامه ، إذ ليس من المعقول على اولاد الشعب تعلم عشرات الاشياء المفيدة وغير المفيدة مثل كرة القدم والبلياردو والعزف على الاكورديون ولعبة الطاولة شيش بيش  و ورق الشدة ، وتدخين النارغيلة ....الخ ، "فالشعوب الخاضعة للاستعمار ولا تمشتق السلاح تستحق معاملة العبيد" .

ثالثا : لم يكن القتل بالنسبة اليه هدفا بحد ذاته ، بل رسالة في وقت محدد ومكان محدد ، ولا نستطيع هنا الغوص عميقا بسبب الرقابة الاحتلالية التي تحكم اليوم بالسجن الفعلي على نشطاء الفيس بوك ، بالامس القريب حكمت على ابن اخي "خالد" ستة اشهر اداريا والتهمة "22 لايك على مواد تحريضية" .

رابعا : اختيار المطاردة على الاعتقال وتسليم النفس في انتظار ان تشمله صفقة التبادل القادمة ، التي لا يعرف إن كانت ستشمله ام لا ، وبالنظر الى الصفقة السالفة ، فقد تم اعادة اعتقال نحو مئة أسير محرر ، اعيدوا الى السجن كي يمضوا محكومياتهم السابقة ، ومن ضمنهم سامر العيساوي الذي امضى عشر سنوات وعليه الان ان يمضي العشرين المتبقية  ، ناهيك ان مئات الاسرى النوعيين بمن فيهم قيادات حماس من امثا3ل عباس السيد وابراهيم حامد واحمد المغربي ، لم تشملهم الصفقة الموعودة .

خامسا : فن المراوغة والتخفي والاختباء ، إذ ان "اسرائيل" جردت له العديد من قواتها واذرعها الاستخبارية والامنية والعسكرية واليمام والطائرات التجسسية واخفقت عدة مرات قبل ان تنجح في محاصرته ، ولهذا خرج المستوى السياسي والامني والشعبي يحتفلون و يهنئون بعضهم بعضا ويرفعون الاكواب إزاء هذا الانتصار المؤزر على مجرد فرد واحد لم يتجاوز الثالثة والعشرين من عمره ، وكأن حسن نصر الله .

سادسا : الاشتباك حتى الاستشهاد ، وهو أمر ادركه احمد بشكل مبكر ، ان قوة المثل ما لها ان تتحقق وتتجسد وتصمد في ذاكرة الشعب دون ان تصل الى ذروتها ، والذروة هنا هي الاستشهاد ، ولهذا عندما خرجت والدته من على الشاشات كانت قوية مؤمنة صلبة عصية حتى ذرف دمعة مواحدة "انه ليس ابني وحدي ، انه ابن الشعب الفلسطيني" .

سابعا : ان الثورة قادمة لا ريب فيها ، ومفاعيلها  ما انفكت تتصاعد وتتطور كما ونوعا ، وسيعرف المحتل انه لن يستطيع الجمع بين السلام والاستقرار والاطمئنان من جهة ، وبين مواصلة احتلاله وموبقاته وقاذورته على ارضنا وشعبنا من جهة أخرى .