هل سيسلم ترامب مفاتيح الشرق الأوسط إلى روسيا بسبب أخطائه؟

بالعربي: نشرت صحيفة "روسكايا فيسنا" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن قرار ترامب الأخير الذي كان له وقع كبير في الشرق الأوسط، خاصة أنه يخدم مصلحة العديد من اللاعبين الهامين في المنطقة.

وقالت الصحيفة، في تقريرها إنه سيكون لقرار ترامب المثير للجدل تأثيرات إيجابية على وضع بعض الأطراف في المنطقة وعلى رأسها "إسرائيل"، التي ستكون المستفيد الأول. وبهذا المعطى الجديد، ستعسى العديد من الأطراف لتعزيز موقفها في المنطقة.

وأكدت الصحيفة أن تركيا هي المستفيد الأكثر وضوحا، إذ يحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استغلال قضية القدس لتعزيز موقفه على الساحة السياسية الداخلية والخارجية.

 

وفي هذا الإطار، أكد مدير وكالة أنباء ريا نوفستي، فلاديمير أفاتكوف، أن "الوضع الراهن للقدس، يسمح لأردوغان بحشد الطبقات القومية المحافظة داخل المجتمع التركي، والحد من عدد أنصار النهج الغربي في البلاد".

وأوضحت الصحيفة أنه على الرغم من الأهمية التي تكتسيها مسألة تعزيز أردوغان لمكانته على الساحة السياسية الداخلية، إلا أن الأهم بالنسبة إليه هو السياسة الخارجية، فهو ينصب نفسه كمحام عن جميع المسلمين.

ولعل ذلك ما أكده أردوغان حين قال: "لا يحق لأحد أن يتلاعب بمصير المسلمين الذين يربو عددهم عن مليار نسمة،  في سبيل تحقيق مصالح البعض الشخصية". ومن الواضح أن الرئيس التركي تمكن من الفوز بهذه المكانة وأكد ذلك في قمة إسطنبول لمنظمة التعاون الإسلامي.

وفي حين يهدد الرئيس التركي بقطع العلاقات مع تل أبيب، لا تعير هذه الأخيرة أي اهتمام للعلاقات مع أنقرة. وعل خلفية هذه التصريحات، أكد وزير التعليم "الإسرائيلي" نفتالي بينيت "نحن نفضل الحصول على القدس على العلاقات مع أردوغان".

وأوردت الصحيفة أنه في خضم الأحداث الجارية، تنافس إيران أردوغان على مكانته "كصديق مهم للعرب".

وفي الواقع، تمكن الإيرانيون من إثبات ذلك على أرض الواقع أكثر من الأتراك فيما يتعلق بالمسألة الفلسطينية، في فرص كثيرة منذ عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

ومنذ فترة طويلة، تراهن طهران على الشارع العربي وتحاول استغلال المشاعر الدينية والقومية، في سبيل تحقيق أهدافها المعادية لـ"إسرائيل" والمناهضة للولايات المتحدة.

وأوضحت الصحيفة أن طهران ستعمل على دعم شركائها حماس وحزب الله عسكريا وماليا، ما قد يؤدي إلى اندلاع انتفاضة ثالثة.

كما تعتبر طهران حرب حزب الله ضد "إسرائيل" أمر لا مفر منه، لكنها تفضل أن يكون موقف الشارع العربي في صفها قبل ذلك. ففي البداية، قد تلجأ للعمل في الخفاء، وقد تقتصر تحركاتها على التصريحات النارية والتهديدات. ومن المرجح أن تحاول طهران قيادة الاحتجاجات العربية لإثارة رعب الحكومات العربية.

وأشارت الصحيفة إلى أن السعودية تعتبر إيران عدوها اللدود، وهي مستعدة للتحالف حتى مع الشيطان للتصدي لخطرها؛ لذلك اتخذت من "إسرائيل" ذلك "الحليف الشيطان".

 

ومنذ فترة طويلة، تجمع بين "إسرائيل" والسعودية محادثات سرية بوساطة أمريكية، حول إنشاء محور مشترك معادي لإيران.

وفي سبيل إضفاء الشرعية على العلاقات السعودية "الإسرائيلية"، تظاهرت المملكة بالتدخل في عملية التسوية بين الفلسطينيين و"الإسرائيليين". ولكن على أرض الواقع، تعتبر المواجهة مع إيران بالنسبة للسعودية أهم بكثير من مصير الفلسطينيين؛ فلطالما كان محمد بن سلمان، على استعداد لتقديم تنازلات جدية لـ"إسرائيل" للتوصل إلى حل سريع للتهديد الإيراني.

وذكرت الصحيفة أنه انتشرت العديد من الشائعات فيما يخص التنازلات المتعلقة بالضفة الغربية وحق العودة وسيادة فلسطين. ولكن ما تم تأكيده فعليا هو أن محمود عباس اتخذ قراره في الرياض تحت الضغط، حيث كان أمام خيارين؛ إما الموافقة على التنازل أو ترك منصبه لشخص آخر يكون أكثر مرونة. وبعد خطاب ترامب، دعا محمد بن سلمان الفلسطينيين للتخلي عن القدس ومحاولة التأقلم مع الواقع الجديد.

وبينت الصحيفة أنه في خطوة لاحقة، ستجبر كل من الولايات المتحدة والسعودية و"إسرائيل" محمود عباس؛ الذي سيكون الخاسر الأكبر في هذه الصفقة، على الاعتراف بالواقع الجديد، وفيما بعد سيبدؤون بكبح جماح إيران فعليا.

ونوهت الصحيفة بأن روسيا ستكون المستفيد الرئيسي لسببين. أولا، فتح أمامها قرار ترامب آفاقا دبلوماسية واسعة، لأنه حسب أغلب الدول العربية، أخرج ترامب نفسه من عملية التفاوض لحل الصراع العربي "الإسرائيلي" بعد خطابه الأخير.

 

وثانيا، سيؤدي قرار ترامب إلى تدهور علاقات الولايات المتحدة مع العديد من الدول في الشرق الأوسط، التي على عكس السعودية، لا تسعى إلى مواجهة إيران، وخاصة تركيا.

وأشارت الصحيفة إلى أنه توجد ثلاث نقاط خلاف عالقة بين تركيا والولايات المتحدة في الوقت الحالي، وهي مصير فتح الله غولن، وضع القدس، وملف الأكراد. وبالتالي، سيكون موقف تركيا صعبا للغاية، فقد تصل العلاقات التركية الأمريكية إلى طريق مسدود.

وفي الختام، أكدت الصحيفة أن حرمان أنقرة من التنوع على مستوى سياستها الخارجية سيجعلها أكثر اعتمادا على العلاقات مع روسيا.

وبناء على ذلك، ستأخذ العلاقات الروسية التركية اتجاهات أكثر تقدما فيما يتعلق بمسألة شبه جزيرة القرم والقوقاز بالإضافة إلى الملف السوري، وستكون جميعها لصالح روسيا. ومن الممكن القول إن الخطاب الأخير للرئيس الأمريكي ترامب كان بمثابة هدية قيّمة لروسيا.