وثائق سرية تكشف كيف حاولت "اسرائيل" تهجير الفلسطينيين بعد1967

بالعربي: كشفت وزارة الحرب "الإسرائيلية" أمس جزءاً من  الوثائق السرية لحكومة الاحتلال إبان عدوان حزيران عام 1967، بحسب ما اشارت صحيفة "القدس العربي" نقلاً عن صحيفة "هآرتس العبرية.

واضافت الصحيفة ان الوثائق اظهرت حالة التخبط في قيادة الحكومة وجيش الاحتلال في كيفية التعامل مع مليون فلسطيني في الضفة وقطاع غزة، يضاف لهم في تلك الأيام 40 ألفاً من فلسطينيي 48، وبدأت قادة الحكومة يتداولون في كيفية تهجير أو التحفيز على هجرة الفلسطينيين من وطنهم.

ويأتي كشف الوثائق مع مرور 50 عاماً على عدوان 67، وبحسب ما نقلت "القدس العربي" عن صحيفة "هآرتس"  فان المادة التي نشرت في موقع أرشيف "اسرائيل" تتضمن مئات الصفحات عن محاضر جلسات اللجنة الوزارية للشؤون الأمنية في أشهر آب ـ كانون الأول 1967. "وقراءتها تُظهر أنه في النصف سنة الأول بعد حرب الأيام الستة في عام 1967، وقف وزراء الحكومة حائرين ولا يعرفون ما العمل أمام التحديات التي وضعت أمام الدولة".

واضافت الصحيفة ان "إسرائيل" التي احتلت قطاع غزة والضفة الغربية وشرق القدس وهضبة الجولان وشبه جزيرة سيناء لم تعد نفسها «لليوم التالي»، وبعد الحرب اضطرت إلى ارتجال خطواتها أثناء حركتها.

في كانون الأول 1967 تساءل رئيس حكومة الاحتلال حينذاك ليفي اشكول "كيف يجب على "إسرائيل" أن تتعامل مع مئات آلاف العرب الذين أصبحت تسيطر عليهم". "في وقت معيّن سنضطر إلى اتخاذ قرار. يوجد الآن في المناطق 600 ألف عربي. ماذا سيكون وضعهم؟".

من ناحية اشكول لم يكن هناك إلحاح لحسم هذا الأمر. "أقترح ألا نصوت على هذا الموضوع اليوم، ولنتركه إلى حينه، وربما من الأفضل القول: يكفي أن نواجه الصعوبات في وقتها"، وأضاف، "من أجل المحضر أنا مستعد للقول هنا، ليس هناك سبب يدعو الحكومة لتحديد موقفها بخصوص الضفة الغربية".

وقرر تبرير موقفه كما يلي: "لقد مرت علينا عشرون سنة وثلاث حروب، ونستطيع أن نمضي عشرين سنة أخرى من دون حسم هذا الموضوع".

ولفتت "هآرتس " الى ان اشكول حصل على دعم موقفه من وزير المواصلات موشيه كرمل الذي قال "إذا مكثنا عشرين سنة، فسيعتاد العالم على أننا نقيم في هذه المناطق. على أي حال، ليس أقل مما اعتادوا على مكوث الملك حسين". من أجل تدعيم موقفه أوضح: "يوجد لدينا حقوق أكثر. نحن أكثر انتسابا من الملك حسين لهذه المناطق".

ولكن الاطلاع على باقي المحاضر، وفق "هآرتس"  يظهر أن اشكول أدرك جيدا أنه لن يكون بالإمكان تجاهل المشكلات التي وضعها الاحتلال أمام "إسرائيل" لفترة طويلة، وعلى رأسها السيطرة على مئات آلاف العرب. في أحد النقاشات شبّه الكيان الاسرائيلي بـ "رقبة الزرافة" كونها ضيقة. "قطاع هذه الدولة هو مثل رقبة بائسة ويشكل تهديدا علينا، حيث أنه حقا ممدودا للذبح"، وصف الأمر، "هذه الأقوال ليست بسيطة. مليون عربي ليس أمرا سهلا أبدا بالنسبة لنا، أنا أتخيل هذا الأمر، كيف سنقوم بتنظيم الحياة في الدولة مع وجود 1.4 مليون عربي في حين أن عددنا 2.4 مليون، وهناك 400 ألف عربي موجودون في البلاد".

ورأى رئيس حكومة الاحتلال حينذاك ان أحد الحلول للوضع الجديد كان "تشجيع هجرة العرب"، وقام اشكول بإبلاغ الوزراء أنه "سأتولى إقامة خلية تكون مهمتها تشجيع هجرة العرب من هنا". وقال أيضا إنه "يجب علاج هذا الأمر بهدوء وسرية، والبحث عن سبل لهجرتهم إلى دول أخرى لا فقط إلى شرق الأردن".

كما عبّر اشكول عن الأمل في أنه "بالتحديد بسبب هذا الخنق والتضييق سيتحرك العرب من قطاع غزة"، وأضاف بأن هناك طرقا لطرد من سيبقون هناك أيضا مع كل ذلك. "إذا لم نعطهم الماء بشكل كاف فلن يكون أمامهم خيار، لأن البيارات ستجف".

واضاف ان هناك "حلاً آخر وهو حرب أخرى"، "ربما تنتظرنا حرب أخرى، وعندها سيتم حل هذه المشكلة، لكن ذلك نوع من «الترف» وهو حل غير متوقع"،  ملخصاً كلامه بالقول "نحن معنيون بإفراغ غزة أولا".

وردا على هذه الأقوال قال الجنرال في جيش الاحتلال يغئال أللون: "لقد كان أمر لا بأس به تقليل كثافة وجود العرب في الجليل"، فيما لخص وزير الأديان زيرح فرهافتيغ الأمر بصيغته "زيادة عدد اليهود واتخاذ السبل الممكنة كلها من أجل تقليل عدد العرب".

كما ان  أحد الأفكار التي تم طرحها من قبل وزير الحرب موشيه ديان كان "توفير تصاريح عمل في الخارج للعرب من الضفة الغربية وقطاع غزة". وراء هذه الفكرة اختفى الأمل بأن عددا منهم سيفضلون البقاء في الخارج، وقال: "عن طريق تمكين هؤلاء العرب من البحث وإيجاد عمل في الخارج ستزيد احتمالية رغبتهم في الهجرة بعد ذلك إلى تلك الدول".

وتابعت الصحيفة العبرية انه فيما يتعلق بقطاع غزة كان ديان متفائلاً،  حسب الحسابات التي أجراها، من بين الـ 400 ألف الذين يعيشون في القطاع، فقط سيبقى 100 ألف شخص. والباقون الذين وصفهم باللاجئين "يجب إخراجهم من هناك في أي اتفاق مستقبلي"، حسب أقواله. من بين الأفكار التي طرحها "نأخذهم ونقوم بإسكانهم في شرق الأردن".

كما ان ديان لم يكن قلقا من السيطرة العسكرية الإسرائيلية على العرب في الضفة الغربية وقال:"لن يكون هناك شأن لأي جندي في التدخل في حياة المواطنين. لست معنيا بأن يوجد الجيش في نابلس. يمكنه الوجود في التلة التي تقع خارجها".

موقف معاكس عرضه وزير العدل، يعقوب شبيرا، تابعت هآرتس،  الذي دعا إلى الانسحاب من المناطق وقال:"لا يمكننا الاحتفاظ بـ"جيش الدفاع الإسرائيلي" عندما تكون هناك نسبة كبيرة جدا من السكان خارج الجيش. ولن تكون قيادة من دون عرب، وبالتأكيد لا تستطيع تشكيل حكومة ولجنة خارجية وأمن، عندما تكون نسبتهم 40 من مئة".

وزير المالية، بنحاس سبير، قال إن البقاء في المناطق هو "كارثة لدولة إسرائيل". وإن "إسرائيل" ستتحول في النهاية إلى "دولة عربية بكل مواصفاتها". كما أن شبيرا حذر من أنه ليس هناك عائق من قيام الضفة بإعلان الاستقلال وقال إن السؤال هو فقط متى ستقوم بذلك.

وزير التعليم زلمان آرن قال بدوره " لن أقبل للحظة الرأي الذي يقول إن كل العالم في الخارج ينظر إلى حقيقة أننا نأخذ كل شيء لأنفسنا ويقول: «صحتين»… بعد نصف سنة أو سنة سيصحو العالم، وهناك عالم آخر، وسيقوم بطرح التساؤلات".

واضاف: "فجأة بعد هذه الانتصارات، ألا يمكننا العيش من دون هذه المناطق؟ من دون كل هذه الأمور التي لم نحلم بها قبل حرب الأيام الستة، مثل القدس؟"، وتابع: "كما أعرف الشعب اليهودي في البلاد وفي الشتات، بعد كل البطولات والمعجزات، فإن دولة اليهود التي يكون فيها 40 من مئة من العرب، ليست دولة يهودية. وهم سيكونون الطابور الخامس للقضاء على دولة إسرائيل. هذه هي قبلة الموت بعد جيل ونصف... انا أرى أمامي الـ 2 مليون يهودي بشكل آخر، عندما يكون في البلاد 1.3 مليون عربي… 1.3 مليون عربي مع تكاثرهم الطبيعي، أرى الكراهية المكبوتة والبدائية… يمكن السيطرة على 60 ألف عربي، لكن ليس على 600 ألف أو مليون".