"تل أبيب" تعيش الخيبة بسبب سوريا

بالعربي: على الرغم من الجو الذي ساد منذ يوم السبت المنصرم حول نتائج الاتفاق الأمريكي الروسي فيما يخص الجنوب السوري، تعيش تل أبيب حالة من الخيبة.

لم يُصرِّح مسؤولوها بآرائهم إلا بعد أيام، وهو ما أكد حالة عدم الرضا من التوجهات الأمريكية الروسية. في حين عبَّرت تصريحات القيادة السياسية والعسكرية عن وضوح القلق من الواقع الذي فرضته المعادلات السورية لا سيما فيما يخص الحسابات الإسرائيلية الإستراتيجية. فكيف كانت القراءة الإسرائيليلة للاتفاق؟ وما هي دلالات ذلك؟

عدة نقاط يُمكن الإشارة لها تتعلق بالرأي "الإسرائيلي" تجاه نتائج الاتفاق الأمريكي الروسي فيما يخص الجنوب السوري نُشير لها في التالي:

أولاً: عبِّرت المؤسسة السياسية عن رفضها لنتائج الاتفاق. في حين تناغمت معها المؤسسة العسكرية بالتعبيرعن خيبة الأمل. وهو ما تناوله الإعلام العبري حيث أكد المحلل العسكري لصحيفة “هآرتس” عموس هرائيل، أن أخطر ما في الاتفاق هو عدم تضمُّنه جدولًا زمنيًّا للتنفيذ مع الأخذ بعين الاعتبار أن ما حُكي عن إبعاد لإيران وحلفائها عن الحدود الإسرائيلية في هضبة الجولان ليس إلا لمسافة قصيرة.

ثانياً: أشارت القناة الثانية في التلفزيون العبري عن حالة القلق الذي تعيشها المؤسسة العسكرية ما أدى إلى قيام رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي “غادي أيزينكوت” بالاجتماع سراً في العاصمة البلجيكية، بروكسل ولمرتين خلال عشرة أيام، مع قائد القوات الأمريكية في أوروبا الجنرال “كيرتيس سكيبروتي” لبحث التطورات العسكرية في سوريا والشرق الأوسط.

ثالثاً: على ضوء الاتفاق، صرَّح وزير الحرب "الإسرائيلي" أفغيدور ليبرمان السبت، أن تل أبيب لن تسمح لمحور المقاومة بتحويل سوريا إلى قاعدة انطلاق أمامية، وسترد على أي تصرف استفزازي يُهدد مصالحها.

دلالات القراءة وما تعنيه على صعيد المعادلات الجديدة.

يمكن القول أن القلق هو الصفة التي تواكب كافة التصريحات "الإسرائيلية". فماذا يعني هذا القلق في ظل المعادلات الجديدة؟

أولاً: يُمثِّل موقف القيادة السياسية والعسكرية، دليلاً على فقدان تل أبيب للقدرة على تغيير الواقع الذي أفرزته الحرب السورية لجهة المعادلات الخاصة بمحور المقاومة. حيث أن أكثر ما يمكن أن يقوم به كيان الاحتلال هو عملية الرفض أو التعبير عن الإمتعاض تجاه نتائج الاتفاق دون أن يكون لذلك أي نتيجة أو جدوى عملية.

ثانياً: أثبتت نتائج الاتفاق وجود حاجة لأطراف محور المقاومة في المعادلة السورية، أو بالحد الأدنى اعترافاً بالواقع الذي رسَّخته معادلات حزب الله وحلفائه في الجنوب السوري. مع الأخذ بعين الاعتبار أن الطرف الروسي بات يُدرك جيداً أهمية الحليف الإيراني على الأرض السورية خصوصاً أن الأول لا يمتلك إلا القدرات الجوية العسكرية في سوريا والتي تحتاج لقدرات عسكرية مُكملة يؤمنها تواجد حلفاء النظام السوري.

ثالثاً: دلَّ القلق "الإسرائيلي" على حجم الرضوخ الأمريكي للواقع الذي أنتجته الحرب السورية لا سيما لجهة الاعتراف بالمعادلات التي فرضها حضور حزب الله العسكري وقدرته على إدارة صراع منطقة الجنوب لصالح محور المقاومة. لتكون نتائج الإتفاق الروسي الأمريكي بمثابة الحد الأقصى الذي يمكن تقديمه لتل أبيب.

رابعاً: تُمثِّل نتائج الإتفاق تسليماً بقوة الدولة السورية بعد الأزمة، وخروج النظام من الحرب بشكل أقوى وبالتالي مثَّل ذلك نقطة قوة لمحور المقاومة، حيث لم يضعف الحليف السوري بل زادت أوراقه على الصعيدين السياسي والعسكري. وهو ما يعتبره "الإسرائيليون" أحد أكبر المخاطر التي خرجت بها الحرب السورية.

بالنتيجة، مثَّل الواقع الجديد أمام تل أبيب وعدم قدرتها على خلق منطقة أمنية على حدود الجغرافيا السياسية والعسكرية التي تهمها، أحد أهم النتائج الإستراتيجية لمعادلات الميدان السوري. نتيجةٌ أقلقت القيادة "لإسرائيلية" في ظل ضعفٍ يتَّسم به الوضع "الإسرائيلي" محلياً وإقليمياً. الأمر الذي قاد كيان الاحتلال الى مرحلة جديدة يبدو أنها ستتفرض حسابات غير تقليدية.

المصدر: العهد