عن استدخال الهزيمة

بالعربي: الجريمة الصهيونية الجديدة على ارض قطاع غزة، هي جزء من مسلسل طويل من الجرائم كانت بدايته مع بداية المشروع الصهيوني، ولكن هناك مسافة كبيرة جدا بين فهم الاعتداء - الجريمة وظروفه وأهدافه، وبين تفهم هذا الاعتداء بل والذهاب في التحليل لنوع من استدخال المنطق الصهيوني من وراء هذه الجريمة، فهذه جريمة اخرى نكون نحن من نرتكبها بحق انفسنا.

هذه المقاومة هي مشروع لتحرير الأرض والانسان، وليست أداة لثأر في حرب قبلية، والمطلوب منها هو التصرف بما يخدم قدرتها على الانتصار وهزيمة العدو، ولكن من قال جزما أن الحكمة والعقلانية ومتطلبات التخطيط الفعال للإنتصار تستوجب استدخال منطق الاحتلال، او قبوله، او تطوع البعض منا لشرح هذا المنطق ووصف الجريمة بذلك الوصف المحايد الغريب " الحدث"، فهذه ليست أحداث مجهولة الظروف او المصدر ولكنها ذات اسم وتوصيف واضح كجرائم.

وجود هذا المحتل على أرض فلسطين هو الجريمة الاساس التي تستدعي الانهاء وليس التفهم، وأي عنف نمارسه هو مقاومة طبيعية لهذه الجريمة، وأي محاولة يقوم بها الاحتلال لمنع مقاومتنا هي جريمة جديدة تضاف لسجله، تستحق منا أولا وإخيرا تصعيد المقاومة وليس إيجاد المبررات لجرائم الاحتلال.

ومن البديهي أن نفهم ايضا أن خيار الرد وطبيعته يخضع لاعتبارات المقاومة واحتياجاتها، ولكنه ايضا يجب أن يخضع لمنطلقات هذا الشعب وثوابته، فهذه مقاومة لا يجب أن تتصرف بمعزل عن حاضنتها، حتى لو منحتها هذه الحاضنة الف تفويض لاتخاذ القرار الملائم.

من المحظور أن نسمح للعدو بكي وعينا، وممارسة الرقابة الذاتية الاحتلالية على تفكيرنا، فاذا كانت حرب العام 2014 شكلت تجربة قاسية لنا بما ارتكبه العدو من جرائم ضمنها، فهذا لا يعني أن السكون او الصمت قد يمنع الاحتلال من ارتكاب جرائم أكثر فظاعة بكثير، بل إن الواجب هو العمل على خلق الردع الملائم للاحتلال عن تكرار هذه الجرائم، وهذا لا يتحقق بالسكون او بالصمت على جرائم الاحتلال.

لسنا في هذه السطور في موضع تقرير السلوك الملائم من المقاومة والجمهور الفلسطيني، ولكننا نجتهد في التذكير بما انطلقت هذه المقاومة لأجله، وهو متناقض تماما مع ما يجري سوقه من تهويل على شعبنا بحراب الاحتلال، الحرب ألم ومعاناة وهذا صحيح، ولكنها أقل بكثير من الام الاستسلام والهزيمة والخضوع والعبودية.

لمقاومتنا الحية نعيد النداء مرة اخرى إن استحقاق اطلاق جبهة مقاومة وطنية موحدة لم يعد من المقبول تأجيله او التسويف فيه، لحماية هذه المقاومة وتطويرها والتحرك نحو استراتيجية مشتركة لتحرير الارض وانتزاع الحقوق.

المصدر: الهدف