قوى اليسار الفلسطيني تريد الإسراع في إنهاء الانقسام

بالعربي: منذ ان أعلنت حركة المقاومة الإسلامية حماس عن حل اللجنة الإدارية «وهو المطلب الرئيسي في مبادرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لاستعادة الوحدة» انطلقت الأحاديث عن جدية المصالحة بين فتح وحماس وبين شقي الوطن في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد أكثر من عشر سنوات على القطيعة التي حدثت عندما استولت حركة حماس على الحكم في قطاع غزة بقوة السلاح.

ورغم حالة من «عدم الاكتراث» في الشارع الفلسطيني حول قضية المصالحة على أهميتها على مجمل القضية الفلسطينية، إلا أن تاريخ قصة المصالحة وكثرة الاتفاقات السابقة التي فشلت بين الطرفين كفيلة بتبرير هذا الموقف في الشارع من هذه القضية المفصلية.
لكن بقية الفصائل الفلسطينية والأطر الشعبية والرسمية التي كانت تطالب بالمصالحة بين الحركتين كان لها سلسلة من المواقف بعد إعلان حماس لحل اللجنة الإدارية. وخرجت القوى الديمقراطية الخمس وهي «المبادرة الوطنية والجبهة الشعبية وحزب الشعب والجبهة الديمقراطية والاتحاد الديمقراطي الفلسطيني فدا» بموقف موحد عقب اجتماع لها بعد أن ناقشت التطورات الإيجابية الأخيرة الناتجة عن حوار القاهرة، وذلك في اجتماع في المكتب المركزي لحزب فدا في مدينة غزة.

وأعربت القوى الخمس عن تقديرها وتثمينها للشقيقة الكبرى مصر العربية على مواقفها المبدئية تجاه قضيتنا الوطنية وخاصة الجهود الأخيرة التي بذلتها لتذليل العقبات أمام المصالحة الفلسطينية واستعدادها لمواصلة دورها القومي. كما ثمنت الإعلان عن حل اللجنة الإدارية في غزة وتمكين حكومة التوافق من استلام مهامها في القطاع والموافقة على إجراء الانتخابات.

وأكد البيان أهمية الإسراع في توجه حكومة التوافق الوطني لتسلم مهامها في قطاع غزة، مطالبا القوى بضرورة الإسراع بإجراء الحوار الوطني الشامل لتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون قادرة على معالجة آثار الانقسام والتحضير للانتخابات، واستكمال إعادة الإعمار ورفع الحصار عن غزة.

وشددت القوى الديمقراطية الخمس على ضرورة التسريع بإنهاء كل ذيول الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية من أجل تفرغ شعبنا وقواه الحية لمواجهة المخططات الإسرائيلية، والعمل على تحقيق آمال الشعب وأهدافه في الحرية والاستقلال والعودة.
ولم يختلف موقف قوى اليسار الفلسطيني الخمس عن موقف «وطنيون لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة» الذي رحب بحل اللجنة الإدارية

ودعا الرئاسة والحكومة لإلغاء جميع الإجراءات المالية والإدارية بحق قطاع غزة. وثمن الحراك الجهود المصرية المخلصة لإنهاء الانقسام، مرحبا بالخطوة الهامة التي أقدمت عليها حركة حماس بالإعلان غير المشروط عن حل اللجنة الإدارية ودعوة حكومة التوافق الوطني للقيام بكامل مسؤولياتها في قطاع غزة، الأمر الذي دعا إليه حراك وطنيون ومئات الشخصيات الوطنية في نداء القدس.

واعتبر الحراك أن هذا الموقف الإيجابي والمسؤول من حركة حماس يتطلب الترحيب من كافة القوى السياسية والاجتماعية في فلسطين، كما يتطلب من الأخوة في اللجنة المركزية لحركة فتح اتخاذ خطوات مقابلة، وخاصة ضرورة الإعلان الفوري من قبل الرئاسة والحكومة بإلغاء كافة الإجراءات الإدارية والمالية تجاه القطاع.

وأكد حراك وطنيون لإنهاء الانقسام تفهمه لحالة الحذر الشعبي إزاء هذه التطورات الهامة والناجمة في الواقع من خيبات الأمل السابقة، فانه يستمد ثقته هذه المرة من اصرار الأشقاء في مصر على طَي صفحة الانقسام، وكذلك من إدراك جميع الأطراف لمخاطر المرحلة السياسية وما تفرضه من استحقاقات بضرورة التخلي عن مشاريع الوهم والفئوية والفشل والتقدم نحو مرحلة الشراكة الوطنية في تحمل المسؤولية لمواجهة تحديات المحاولات الإسرائيلية المحمومة لتصفية القضية الوطنية وحقوق شعبنا المشروعة.

وفِي هذا السياق أكد الحراك على ضرورة المضي قدماً نحو تنفيذ جميع قرارات اللجنة التحضيرية التي عقدت في بيروت في بداية هذا العام وفي مقدمتها الإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية تعالج كافة الملفات العالقة، وتعمل على رفع الحصار الظالم عن قطاع غزة وتوفير مقومات الصمود لشعبنا وتعزيز قدرته على مقاومة المخططات الاستيطانية في القدس والأغوار وسائر أرجاء الضفة الغربية. وأيضًا التحضير الجدي لإجراء الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، بما يضمن ترسيخ الديمقراطية والوحدة كرافعتين أساسيتين للنهوض الوطني والمشاركة الشعبية الواسعة في إنجاز التحرر الوطني بدحر الاحتلال الإسرائيلي عن كامل أرضنا المحتلة منذ عام 1967 وفي مقدمتها القدس المحتلة العاصمة الأبدية لدولة فلسطين العتيدة. أما على صعيد المجلس الوطني الفلسطيني «والذي اعتبر عقده أحد أهم الخلافات بين حركتي فتح وحماس» فقد اعتبر جمال زقوت عضو المجلس الوطني أن هناك دوافع عديدة لقيام حماس بحل اللجنة الإدارية في مقدمتها جدية الجهود المصرية وحاجة حماس لتطوير علاقتها مع مصر، وكذلك وصول حكم حماس المنفرد في غزة إلى حالة واضحة من الفشل وهذا الأمر ليس بالجديد، فحل حكومة حماس في العام 2014 والذهاب إلى حكومة وفاق كان بفعل وجود تيار قوي في حماس حول هذه المسألة.

وأكد أن الجديد هو إجماع قيادة حركة حماس الجديدة حول الفشل في التجربة المنفردة لحكم غزة، لكن الأهم أن هناك ملامح تحولات جدية تشهدها سياسة القيادة الجديدة لحركة حماس والتي توصلت إلى استخلاصات أهمها أن هذه الحركة هي جزء من الحركة الوطنية الفلسطينية أي توطينها وليس إبقاءها تابعة لفكر الإخوان المسلمين.

وأوضح أن هذا الأمر والتحول يتطلب تشجيع هذه التوجهات لحركة حماس فكلها تساعد على إمكانية جدية لمراجعة شاملة للحركة الوطنية الفلسطينية، سواء من ناحية استراتيجيتها أو بنيتها أو أطرها الجامعة، سيما ما أورده الرئيس الفلسطيني محمود عباس في خطابه الهام في الأمم المتحدة في حديثه عن فشل خيارات وأشكال التسوية السلمية المطروحة مع الاحتلال حتى الآن.

لكن ورغم أن حماس اتخذت الخطوة الأولى بالفعل، إلا أن الجميع بانتظار خطوات مقابلة من القيادة الفلسطينية. فيما يواصل الشارع التشكيك في إمكانية المصالحة بالفعل نظراً لكثرة التجارب السابقة رغم مطالبته بإنجازها إلا أن شعور فقدان الثقة الذي حدث خلال الأعوام العشرة الماضية ليس سهلاً استعادته لمجرد اتخاذ خطوة هنا أو خطوة هناك، وإنما بإنجاز المصالحة بالفعل على الأرض واستعادة لحمة الوطن وعلاقة "الأخوة الأعداء من جديد.

القدس العربي/فادي أبو سعدى