"جمول" الطلقة الأولى في بيروت .. "إسرائيل" انهزمت

بالعربي: لم يكن تاريخ 16 أيلول 1982 يوما عاديا لبيروت وأهلها، فبعد توالي الخيبات والهزائم وتراجع المقاومة الفلسطينية ونجاح القوات "الإسرئيلية" بالتقدم والوصول الى العاصمة اللبنانية بطواطئ مع اليمين اللبناني في ذلك الوقت.

شهد لبنان ولادة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية "جمول" من أجل تحرير الوطن من الاحتلال "الإسرائيلي"، بيان أطلقه الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني، الشهيد جورج حاوي ومحسن إبراهيم من منزل كمال جنبلاط. وجاء في البيان " يا رجال ونساء لبنان من كل الطوائف والمناطق والاتجاهات، أيها اللبنانيون الحريصون على لبنان بلداً عربياً سيداً مستقلاً، الى السـلاح استمراراً للصمود دفاعاً عن بيروت والجبل، وعن الجنوب والبقاع والشمال، الى السلاح تنظيماً للمقاومة الوطنية اللبنانية ضد الإحتلال وتحريراً لأرض لبنان من رجسه على امتداد هذه الارض من أقصى الوطن الى أقصاه".

بيروت الطلقات الأولى….

هذا النداء التاريخي كان بداية لإطلاق الرصاصات الأولى للمقاومة الوطنية في بيروت وشكل منعطفا تاريخيا بارزا امتد ليشمل كل الأراضي اللبنانية المحتلة حيث ساهمت المقاومة الوطنية اللبنانية برفع معنويات شعبها من خلال التصدي للقوات "الإسرائيلية" الغازية.

واستطاعت وحدة من الحزب الشيوعي اللبناني تنفيذ أول عملية نوعية في بيروت بإسم "جمول" في محلة الصنائع ضد القوات "الإسرائيلية" والتي أسفرت عن تدمير دبابتين ومقتل ثمانية جنود "إسرائليين" وعرفت بعدها بعملية "بسترس".



وكرت سبحة الضربات ضد "إسرائيل" في بيروت، وشهد تاريخ 24 أيلول عملية نوعية أخرى لجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية في شارع الحمرا في وسط بيروت حين تقدم المقاوم خالد علوان من الحزب القومي السوري الى مقهى كان مليئا بالجنود "الإسرائيليين" وأفرغ رصاصات مسدسه ما أدى الى مقتل ضابط وجنديين على الفور.

عاشت القوات "الإسرائيلية" لحظات مرعبة في بيروت مع اشتداد ضربات المقاومين من مختلف الفصائل الوطنية والإسلامية، واضطرت "إسرائيل" ولأول مرة في تاريخها الإعلان عبر مكبرات الصوت عن نداء شهير سمعته بيروت وجاء فيه " "يا أهالي بيروت لا تطلقوا الرصاص نحن منسحبون".

"إسرائيل" تنسحب مرغمة بعد ضربات المقاومة

لم تقف جبهة المقاومة الوطنية عند هذا الحد، فبعد اسبوعين من ضربات المقاومين في بيروت انسحبت القوات "الإسرائيلية" من العاصمة، لكن هذا لم يخفف من وطأة العمليات العسكرية ضدهم في مختلف المناطق اللبنانية المحتلة من صيدا الى صور وصولا الى البقاع الغربي، وفرضت المقاومة اللبنانية الإنسحاب على "إسرائيل" من منطقة الجبل حتى ضفاف نهر الأولي في بداية خريف 1983 و نيسان/ أبريل من العام 1985 وتحت ضربات جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية والمقاومة الإسلامية انسحبت "إسرائيل" من صيدا وجوارها والزهراني وصور والنبطية ومن مئات القرى والبلدات في الجنوب شمالي الليطاني والبقاع الغربي لينحصر حضورها فيما عُرف لاحقاً باسم الشريط الحدودي.

وبلغت خسائر "إسرائيل" نتيجة عمليات جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية بين ١٦ أيلول ١٩٨٢ وأواخر عام ١٩٨٥ حوالي ٣٨٦ قتيلاً وعدد الجرحى بلغت ٢٣٢٦.

السجل الذهبي لجبهة المقاومة الوطنية  اللبنانية "جمول"

كان للحزب الشيوعي اللبناني حصة الأسد حيث ضمت صفوف "جمول" حوالي 7000 مقاتل شيوعي انتشروا في مختلف المناطق اللبنانية وخاضوا مواجهات مختلفة مع القوات "الإسرائيلية" وعملائها، وقدم الحزب في تلك الفترة أكثر من 180 شهيد و1200 جريح وأكثر من 2000 أسير ومعتقل زج بهم في المعتقلات داخل لبنان وخارجه.

وبلغ عدد عمليات "جمول" 1113 عملية، 907 منها ضد العدو "الاسرائيلي"، 206 منها كانت ضد العملاء.

لا شك أن الكثيرين لم يعايش فترة المقاومة الوطنية اللبنانية وانجازاتها لكنها تبقى ظاهرة فريدة من نوعها كونها ضمت مقاومين من مختلف الطوائف والشرائح اللبنانية، واستطاعت بأبسط الأسلحة من تلقين "إسرائيل" وعملائها درسا في القتال والمقاومة.

المصدر: (حسين سمور سبوتنيك)