مذكرات بيريز.. عن النووي وعمرو موسى والشارب المستعار

بالعربي: قبل شهر من وفاته تقريبًا، أنهى شمعون بيريز كتابة سيرته الذاتية "لا مكان للأحلام الصغيرة"، والتي تلقي إطلالة نادرة على خطوات تاريخية كان بيريز ضالعًا بها. وهو أحد أهم الشخصيات "الإسرائيلية"، بعد بن غوريون، لإسهاماته في بناء كيان الاحتلال، منذ النكبة، وحتى وفاته العام الماضي، وتحديدًا في المجال العسكريّ، ومن ثم الدبلوماسيّ.

الكتاب الذي انفردت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية بنشر مقتطفات منه في ملحقها الأسبوعيّ، يكشف إصرار الرئيس "الإسرائيلي" في حينه، على امتلاك "إسرائيل" الردع النووي، بفضل التحالف مع فرنسا آنذاك في خمسينيّات القرن المنصرم، وطبيعة الدور الغامض والضبابيّ الذي لعبه شمعون بيريز، حول كلّ ما يتعلّق بترسانة إسرائيل النوويّة.

وفي هذا السياق، يروي بيريز تفاصيل محادثة له مع عمرو موسى عام 1995 في القاهرة، حيث خاطبه قائلًا: "يا شمعون، نحن أصدقاء. لماذا لا تسمح لي بإلقاء نظرة في داخل مفاعل ديمونا، وأنا أقسم لك أنني لن أخبر أحدًا"، فردّ بيرس: "يا عمرو، هل أصابك الجنون، لنفرض أنني أخذتك إلى ديمونا، ورأيت أنّه لا يوجد شيء، وعندها تتوقف عن القلق؟ هذه كارثة من ناحيتنا. أنا أفضّل أن تواصل الشك، وهذا هو الردع الذي نملكه".

ويوضح بيريز في مذكراته دور فرنسا المركزيّ ببناء القدرات النووية "الإسرائيلية"، كما يوضح دور العالم اليهودي الشهير صاحب النظرية النسبية "ألبرت اينشتاين" في إنجاز المشروع النووي، حيث أشار الأخير على "بن غوريون" بالاستعانة بأحد العلماء اليهود.

ويقول إنّ العالم الرئيس في المشروع النووي "الإسرائيلي" كان "يسرائيل دوستروبسكي"، وهو الذي ابتكر طريقة لإنتاج الماء الثقيل، وقام ببيعها للحكومة الفرنسية، ومعه العالم "آرنست بيرغمان" الذي كان عالم الفيزياء المعروف ألبرت إينشتاين، رشّحه لرئاسة معهد العلوم "الإسرائيلي".

كما يسرد بيريز في مذكراته العقبات التي واجهت المشروع النووي الإسرائيلي، من بينها معارضة قادة الجيش وحتى وزير المالية الذي قال له "لن أقدم لكم قرشًا واحدًا"، ثم ينتقل إلى أنّ "إسرائيل" كانت يعوزها الخبراء القادرين على بناء وتشغيل المفاعل في ديمونا، ولكنّ المساعدة الفرنسية ذللت كل تلك العقبات.

ويؤكد بيرس على أن قدرة النووي التي امتلكتها "إسرائيل" هي من شقّت الطريق نحو السلام. ويُشير إلى أهميّة سياسية الغموض التي التزمتها "إسرائيل" فيما يتعلق بسلاحها النووي.

الكتاب يتضمّن أيضًا إشارة إلى تفاصيل تنكّر بيريز أثناء زيارة سريّة للملك الأردني الحسين بن طلال في قصر رغدان القريب من عمان القديمة، ويشير إلى أن بيريز في تلك الزيارة ألصق شاربًا مستعارًا، كي لا يتعرّف إليه أحد، وذلك قبيل توقيع اتفاق السلام بين الأردن و"إسرائيل".