تجريم المغتصب ليس انتصاراً. إنه غسلٌ للعار!

بالعربي- كتب عقل العويط: 

بالشكر تدوم النعم. 

والحال هذه، لا بدّ من توجيه الشكر العميق جداً جداً إلى مجلس النوّاب الموقّر، الممدِّد لنفسه ثلاث مرات، الذي سحب الوثيقة القانونية من يد المغتصب، بعد نحو أكثر من سبعين عاماً من تشريع الاغتصاب الدستوري في الخامس من شباط من العام 1948.

للتذكير فقط لا غير، تنص المادة 522 من قانون العقوبات اللبناني على الآتي: "إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم (الإغتصاب، الخطف...) وبين المعتدى عليها أوقفت الملاحقة، واذا صدر الحكم بالقضية علّق تنفيذ العقاب الذي فرض عليه.".

كان علينا أن ننتظر طويلاً قبل أن "يكتشف" المشرِّعون "الذكور" أنهم مجرمون ومغتصِبون وحمقى، وأنهم يرتكبون رذيلة كبرى لأنهم يشرّعون الاغتصاب، وأن عليهم أن يتداركوا هذه الرذيلة، ولو بعد سبعين عاماً، بأن يضعوا حداً لهذا التشريع الشنيع والمهين والمُذِلّ للغاية.

فافرحي وهلِّلي أيتها المرأة المغتصَبة، لأن مغتصِبكِ سيلقى جزاءه بدخول السجن، ولن يُعفى من العقاب لأنه يقبل بالزواج من المرأة التي اغتصبها.

"ستوب". ممنوع. من الآن وصاعداً.

أيتها المغتصَبة، ليس عليكِ سوى أن تضحكي في عبّكِ، وأن تنتظري فقط صدور التعديل القانوني الذي لحق بالمادة 522 من قانون العقوبات في الجريدة الرسمية.

و"بعدين ما بيصير إلاّ ع ذوقك".

على مهل، أيها "السادة". لا بدّ من كلمتين على الماشي.

ما فعلتموه أمس كان مقبولاً. ولكن "أوعا تربّحوا المرأة جميلة". هذا ليس انتصاراً للمرأة.

إنه فقط غسلٌ لعار مجلس النواب، ولعار "الذكور" والمجتمع الذكوري مطلقاً.

كم كان مطلوباً لو أنكم أيها "السادة" أرفقتم هذا التعديل الدستوري القانوني بفعل ندامة. أقلّه من أجل كرامتكم كبشر. قبل البحث في كرامة النساء.

وكم كان مطلوباً منكم أيها "السادة" التكفير علناً وتحت قبة المجلس عن الذنوب المرتكبة خلال حقبة تشريع الاغتصاب، على مرأى من عيونكم، ومسمع من آذانم.

على كلّ حال، ليس مطلوباً النقّ ولا البكاء على الأطلال.

فلنفتح الموضوع حتى الصفحة الأخيرة منه.

نريد الكرامة والمساواة والحقّ للمرأة. الكرامة والمساواة والحقّ كلّها، وليس نصفها أو ثلاثة أرباعها.

هذا المطلب يجب ألاّ يكون مسؤولية لجان الدفاع عن المرأة ولا الهيئات النسائية. إنه مسؤولية "الذكور". وفي مجلس النواب تحديداً. وتحت القبّة.

هكذا، يُفترَض وضع "لائحة" بكلّ ما ينتقص كرامة المرأة اللبنانية وحقّها، ويُخلّ بالمساواة بينها وبين الرجل.

يا جماعة اللخيرر، الحقوا النواب "ع الدعسة". أوعا ترك أيّ مطلب. فوراً. هلّق. والآن. "ع السخن". ما دام مجلس النواب في ورشة تشريع.

وفي المقدمة، سنّ قانون يحظر تزويج القاصر.

تزويج القاصر ليس محموداً ولا مطلوباً، تحت أي ظرف أو حجة.

عيبٌ أن يقال إنه يوجِد سقفاً للأنثى تلجأ إليه وتحتمي به.

إيّاكنّ. وإياكم. أن تغضّوا النظر عن مثل هذا التزويج. إنه اغتصاب ونصّ.

أعرف تماماً ماذا يقال هنا وهناك.

يقال الآتي: فلتشكر ربّها، تلك القاصر، لأنها وجدت مَن "يلمّها". "ع القليلة انسترت".

من يقول مثل هذا القول فلينستر في الجحيم. ولتأكله نار جهنم.

هذا، إذا كان ثمة نار. وإذا كان ثمة جهنم.

نريد للمرأة حقّ إعطاء الجنسية لأولادها. عيب يا جماعة.

"روحوا شوفوا السبسي بشو عم يطالب بتونس"!

إنه يعتبر عدم المساواة بين الرجل والمرأة اغتصاباً للحقوق، ويطالب بالمساواة في الإرث.

فلنطالب بالتعويضات المادية والمعنوية عن كل الاغتصابات التي تمت تحت سقف القانون اللبناني، وفي رعايته.

هكذا نبدأ بالمعالجة.

عود على بدء:

... أما تجريم المغتصب فليس انتصاراً. إنه حقّ مكتسب. وهو غسلٌ متأخر للعار!