الجبارين هزوا الكيان .. وقادة العرب نيام

بالعربي - كتب ابراهيم شير :

تزدحم افكارنا وتوجهاتنا وقنواتنا التلفزيونية بين الازمة السورية والقضاء على داعش في العراق والتفجيرات الارهابية في افغانستان والحرب على الارهاب في جارتها باكستان، واجتماع بوتين وترامب، وتصريحات وزراء خارجيتهما، والازمة القطرية والتصريحات السعودية والاتهامات المصرية الاماراتية، وفي ظل هذه الضوضاء يخرج ابناء عمومة ثلاثة بجبروت الفاتحين وصمود المقدسيين وعزيمة الفلسطينيين يضعون حدا لتشتت افكارنا وانتماءاتنا ويقولون القدس قضيتنا الاولى والاخيرة.

ابناء عمومة ثلاثة يحملون نفس الاسم محمد جبارين، واكبرهم لم يتجاوز الثلاثين من عمره، يحملون احلاما كثيرة ومن يرى صورهم واشكالهم يعلم انهم من شباب جيلنا الجيل الذي يعشق السهر والسفر والمرح ويعشق ويحب ويستمع الى الاغاني العاطفية وغيرها من الامور، ولكن بنفس الوقت يحملون داخلهم قضية طاهرة وحقيقية لم تستطع الة الغرب والعرب الاعلامية تشويهها وحرفها، ويحملون بوصلة اصيلة داخل صدورهم لم تستطع الة الحرب "الاسرائيلية" حرقها او العبث بها، فقاموا بعملية استشهادية هزت الارض ومن عليها، ونفضت عنا غباء العرب السياسي وحروب البسوس التي لم تنته ولن تنته، وقالت هنا فلسطين.

ابناء الجبارين لم يرضوا ان تذهب دمائهم فقط من اجل قتل جنديين للاحتلال، بل ارادوا ان توحد هذه الدماء الفلسطينيين حول الاقصى تحديدا، فاختاروا المكان والزمان المناسبيين، وجروا الاحتلال الى مصيدة التي نصبوها له، ووقع فيها بكل هدوء، وقرر اتخاذ اجراءات ضد المسجد الاقصى المبارك ليغير من معالمه ويضعه تحت عينه، وتوقع ان يمشي الامر، ولكن انتفضت القدس وانتفض عرب 48 وانتفضت الضفة وغزة ضده، وكانت جمعة غضب فلسطينية بامتياز، هزت هي الاخرى العرب وضمائرهم وللمرة الاولى تتوحد قنوات (الجزيرة والعربية والاخبارية السورية والعالم والمصرية والميادين) في بث حي ومباشر لحدث واحد وهو انتفاضة الفلسطينيين ضد الاحتلال في القدس.

الاحتلال ارعد وازبد وتوعد وهدد وزجر وزمجر وقمع وقتل ومارس ارهابه المعهود، وتوقع انه يوم وسينجلي، وما ان حل الظلام وتنفس المحتل الصعداء او هكذا توهم، حتى خرج الشاب عمر عبد الجليل سانا سكينه فهاجم مستوطنة وقتل ثلاثة مستوطنين، ليقول للاسرائيلي ان هذه ارضنا وعرضنا ولن نتخلى عنها.

الكفاح الفلسطيني المسلح مر بعدة مراحل منها ما اصاب ومنها ما اخطأ، ولكن هؤلاء الشباب يختلفون كثيرا عن غيرهم، حيث انهم نشأوا والاحتلال بين جنبيهم، لا يتلقون دعما خارجيا لا ماليا ولا حتى معنويا، حيث ان الكثير من المحطات والصحف الناطقة بالعربية تتهمهم بالانتحار والجنون وغيرها من المصطلحات التي هم اكبر واشرف منها. ورغم الظروف القاسية التي تدفع اي شاب للسفر وهجرة ارضه والعمل في الخارج من اجل حياة افضل ، اصر هؤلاء الفتية على رفضها والتمسك بالارض والزود عنها حتى الشهادة.
بمثل هذه العزيمة سننتصر وبمثل هذه القوة سنحرر الاقصى، ومن لم تهزه عملية الجبارين او عبد الجليل، فليبحث لنفسه عن غرفة في مستشفى للامراض النفسية لانه مريض بفقدان الوطنية والانسانية، قضايا الامة جميعها صغيرة امام القضية الفلسطينية.

 (كاتب واعلامي سوري)