شركات احتيال وهمية "إسرائيلية" .. تتسبب بالمآسي وتدفع الكثيرين بالعالم للانتحار

بالعربي: وفاة سيدتين يائستين من ركنين مختلفين في العالم خسرتا كل ما تملكان بعد أن تم الإيقاع بهما بواسطة وعود كاذبة من قبل وسطاء شركات الخيارات الثنائية "الإسرائيلية" الوهمية .

شركة الخيارات الثنائيه هي صناعة تحقق أرباحا بمليارات الدولات بأساليب إحتياليه بعظمها وتتخذ من "إسرائيل" مقرا لها، حيث تقوم بتشغيل آلاف "الإسرائيليين"، الذين تم كشف أنشطتهم في سلسلة من التقارير التي نشرها عدد من المواقع الإخبارية العبرية من بينها موقع "تايمز أوف إسرائيل".

الشهر الماضي، صادقت حكومة الاحتلال على مشروع قانون يسعى إلى حظر عمل هذه الصناعة، التي ازدهرت على مدى عقد من الزمن من دون تدخل السلطات تقريبا.

في شهر يناير 2017، نشر موقع "تايمز أوف إسرائيل" تقريرًا عن إقدام فريديرك توربيد، وهو رجل أعمال كندي، على الإنتحار بعد أن خسر كل مدخرات حياته لشركة تُدعى "23Traders" التي تتخذ من "إسرائيل" مقرا لها. (في رد لها في ذلك الوقت، قالت 23Traders إن المزاعم "غير صحيحة بالمرة").

مأساة فريد توربيد ليست بحالة معزولة. فقد أقدمت سيدة يائسة تبلغ من العمر 32 عاما من سنغافورة، أم لطفل يبلغ من العمر 3 أعوام، أن زوجته أقدمت على الانتحار في الشهر الماضي، بعد ستة أشهر من خسارتها لمبلغ بخمس منازل ل-Option.FM، وهو موقع خيارات ثنائية إلكتروني لم يعد يعمل. كما ذكر صديق إمراة من إيطاليا دخولها في حالة إكتئاب قبل أن تتوفى بعد خسارتها لمبلغ من المال لموقع Strongoptions.com.

وقال الرجل من سنغافورة، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لأنه قال لأفراد عائلته أن زوجته توفيت لأسباب طبيعية، إن مشاكل العائلة بدأت في أبريل 2016 عندما تم اكتشاف أنه يعاني من نوع نادر من السرطان وخضوعه لعملية جراحية معقدة.

وقال الزوج لموقع "تايمز أوف إسرائيل"، "في الوقت الحالي ما زلت أتعافى وأضع أنبوبا أنفيا لإطعام نفسي".

الزوج (أ) الي عمل حتى قبل وقت قصير في مجال البناء، قال إنه أدرك ما حدث فقط بعد وفاة زوجته.

في الأسابيع التي تلت وفاتها، راجع (أ) حساب البريد الإلكتروني الخاص بزوجته ولاحظ قيامها بين يونيو وأكتوبر 2016 بتبادل الرسائل الإلكترونية مع ثلاثة وسطاء في Option.FM، الذين ادعوا أن أسماءهم دانييل شارب وكيفين بلوم وغلين مور.

(شركات الخيارات الثنائية المزدوجة توفر للزبائن ظاهريا استثمارا محتملا مربحا قصير المدى، ولكن في الواقع – من خلال منصات التداول المزورة، ورفض الدفع وغير ذلك من الحيل – تنهب هذه الشركات الغالبية العظمى من الزبائن من معظم أو كل أموالهم.

مندوبو هذه الشركات يخفون عادة موقعهم ويحرفون ما يبيعونه ويستخدمون هويات مزيفة، لذلك فإن هذه الأسماء ليست بأسماء الوسطاء الحقيقية على الأرجح).

في رسائل البريد الإلكتروني، تقول المرأة للوسطاء بأنها بحاجة ماسة إلى المال من أجل علاج زوجها، وكما يبدو تمت طمأنتها من خلال التأكيد لها على أن التداولات التي ستقوم بها "مؤمنة".

بعد أن قامت بإيداع مبلغ 10 آلاف دولار في حسابها بعد أن حضها المدعو "دانييل شارب" على ذلك وخسارتها السريعة لهذا المبلغ، قام المدعو "كيفين بلوم" بالإتصال بالمرأة ووعدها بمساعدتها بإستعادة "خسائرها" إذا قامت بإيداع مبلغ 4,000 دولار. ونجحت المرأة، التي قالت مرارا وتكرارا للوسطاء بأنها تعاني من أزمة مالية، بجمع مبلغ 3,000 دولار، والذي يعتقد زوجها الآن بأنها قامت بإقتراضه.

بعد ذلك بوقت قصير، خسرت السيدة مبلغ ال3 آلاف دولار الإضافي الذي قامت بإيداعه لإستعادة مبلغ ال10 آلاف دولار الذي خسرته في البداية.

وقامت بإرسال رسالة بريد إلكتروني لشركة Option.FM قالت فيها: "في هذه المرحلة، أريد منكم أن تعيدوا لي ما قمت بإيداعه لأن خسارة كل شيء ليست بخطأي. لقد كان مديرو الحسابات المدربون جيدا لديكم هم من أعطوني التعليمات لوضع الصفقات. محللكم وإشاراتكم جميعها هراء إذا كانت النتيجة خسارة كل التداولات".

في رد على رسالة البريد الإلكتروني هذه، كتب غلين مور: "بالنظر إلى خطورة اتهاماتك قمنا بمراجعة عميقة لحسابك وبإمكاننا التأكيد أنك حصلت على جميع المساعدات التي تعرضها Option.FM. مع ذلك، ترغب Option.FM بحل الخلاف ويهمها أن يكون جميع المتداولين لديها سعداء من خلال عرضها عليك إعادة مبلغ بقيمة 3500.00 إلى بطاقة الإئتمان الخاصة بك".

في رد على ذلك، ردت المرأة أن "المساعدة التي تتحدثون عنها لم تُقدم لي. لقد ناقشت مع مديري الحسابات لديكم هدفي وسبب قيامي بالإستثمار (لعلاج زوجي). الوعد بالمساعدة هو مجرد واجهة لإقناعي بإيداع مبلغ كبير من المال وتوريطي في النهاية".

في نهاية المطاف، يبدو أن السيدة وافقت على المبلغ الذي عُرض عليها بقيمة 3,500 دولار (من أصل أكثر من 13,000 دولار قامت بإيداعه). ولكن بحسب زوجها، فإن المال الذي استخدمته للتداول كان مقترضا من البنوك.

بعد رسالتها الأخيرة مع Option.FM في أكتوبر 2016، دخلت المرأة، التي تعمل مدربة رياضية في استوديو، في دوامة من الديون لم تستطع الخروج منها، بحسب ما رواه زوجها.

وقال الزوج إن "المال الذي استخدمته زوجتي في التداول بالخيارات الثنائية كان قرضا من البنوك. بعد أن تعرضت للاحتيال من أجل دفع هذا القرض، قامت زوجتي بإقتراض مبلغ آخر من بنوك أخرى وشركات بطاقات إئتمان مرخصة".

في شهر مارس من هذا العام، بعد عدم تمكنها من سداد الديون، لجأت إلى اقتراض المال من مرابين، بعد تلقيها رسالة نصية تعرض عليها قرضا.

وتقدمت السيدة الشابة بشكوى إلى شرطة سنغافورة، وصفت فيها ما حدث معها. لكن في الشهر الماضي، كما قال زوجها، ونتيجة للضغط النفسي الشديد الذي عانت منه جراء مضايقات المرابين لها كما يعتقد، أقدمت زوجته على الإنتحار. في فجر أحد الأيام، كما روى زوجها، استيقظ هو وشقيقتها ليعثرا عليها جثة هامدة.

وقال الرجل "رؤية ابني يبكي عند رؤيته لوالدته ملقاة على الأرض كان مؤلما بالنسبة لي أكثر من العملية الجراحية التي خضعت لها واستمرت ل23 ساعة".

"كانت قد دفعت القرض، لكن المرابين أردوا المزيد وكان يبتزونها من خلال مضايقتها. بعد وفاة زوجتي بدأ المرابون بالإتصال بنا وإرسال الرسائل النصية لنا. يقومون الآن بملاحقتي وملاحقة شقيقة زوجتي. لقد بدأوا بمضايقتنا وحتى أنهم يبعثون رسلا إلى بيتنا".

"لقد أبقت زوجتي كل هذا لنفسها. كزوج يؤلمني جدا أنني لم أفعل أي شيء لمساعدتها. لو كنت أعلم بذلك… حتى الآن ما زلت في صدمة وأحاول العيش كل يوم بيومه. آمل أن بإمكانكم مساعدتنا أنا وابني لنيل العدالة التي تستحقها زوجتي".

في دعوى تقدم بها مؤخرا مواطن هولندي خسر ماله لشركة Option.FM، قدم المحاميان نير فريدمان ويوسي هئزراحي أدلة للمحكمة على أن أورن شبات لاورنت، الرئيس التنفيذي لشركة الخيارات الثنائية Banc de Binary التي واجهت الكثير من الإنتقادات وتوقفت عن العمل، هو مؤسس شركة Option.FM، على الرغم من نفيه لذلك.

وأشار فريدمان وهئزراحي إلى تصريح تقدم به لاورنت في عام 2015 لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، قال فيه "لقد بدأنا للتو بعلامة تجارية أخرى تُدعى Option.FM. هذا ما يُسمى بعلامة تجارية إحتياطية. نستخدمها للزبائن من Banc de Binary الراغبين في مضاعفة حساباتهم، ولا يردون حسابا واحدا فقط، بل يرغبون بأن يكون لديهم حساب آخر. وكذلك الأمر بالنسبة ل-Option.FM".
المأساة تضرب في سردينيا

في غضون ذلك، مرشد سياحي متقاعد من بلدة ساساري في سردينيا يُدعى أنطونيو سكيبلينو، أنه خسر مبلغ 75,000 يورو لشركة تُدعى financial-advice.net، وهي وسيط تمهيدي لموقع Strongoptions.com. سكيبليونو قام يتحويل ماله إلى بنك TBI في بلغاريا.
سكيبلينو، الذي قام الوسيط بالإتصال به لأول مرة في ديسمبر 2014 وتحدث معه الإيطالية بمستوى أكاديمي مع لكنة رومانية، اضطر للعودة إلى عمله بعد أن خسر معظم مدخراته. ولم يوفر الرجل جهدا في محاولته العثور على وسطائه، وهو يعتقد أن كلا الشركتين، Strongoptions.com و financial-advice.net تتخذان من "إسرائيل" مقرا لهما.

وقال سكيبلينو إنه تشجع على إستثمار أمواله بعد قيام اثنين من معارفه  بالاستثمار في Strong Options كذلك. إحداهما، وهي سيدة تبلغ من العمر 68 عاما وصاحبة إمكانيات ضئيلة، خسرت كما يعتقد ما بين 15,000 و25,000 يورو، ودخلت جراء ذلك في إكتئاب عميق وتوقفت عن تناول الطعام قبل أن توافيها المنية.

وقال "لقد كانت سيدة يائسة، لقد قامت بتنظيف السلالم للحصول على لقمة العيش ولم تملك المال. تقع في الفخ وهم أذكياء لدرجة لا تدرك أنك في الفخ".

الشركتان، Strongoptions.com وfinancial-advice، توقفتا عن العمل، ولذلك لم يتم التمكن من الحصول على رد منهما، وكذلك لم يتمكن من التأكد من هوية مالك  Strongoptions.com. شركة Financial-advice.net كانت مسجلة في مرحلة معينة بإسم جيرارد بالورد من شركة CEA FINANCE في شارع "هعفوداه 35" في تل أبيب. ولم يتم التمكن من العثور على أي أثر للملقلب ب"جيرارد بالورد" على الإنترنت، ولم يتمكن كذلك من الحصول على رد منه.

وكان موقع "تايمز أوف إسرائيل" قد كشف في سلسلة من المقالات التي بدأت في آذار/مارس 2016 بعنوان "ذئاب تل أبيب" عن حيل التداول بالخيارات الثنائية غير الأخلاقية المنتشرة في إسرائيل"، والتي سرقت مليارات الدولارات من مئات الآلاف الضحايا في جميع أنحاء العالم على مدى العقد الماضي. مشروع القانون المقترح لحظر الصناعة بكاملها والذي يُناقش في الكنيست وسيفرض عقوبات تصل إلى عامين في السجن لكل من ينتهك الحظر.

وينطبق القانون على كل من "يدير منصة تداول عبر الإنترنت" التي تبيع الخيارات الثنائية في الخارج، أو تبيع منتجا ماليا آخر في بلد بدون ترخيص. يعّرف القانون المقترح إدارة منصة التداول عبر الإنترنت بأنها "اتخاذ قرارات استراتيجية لشركة التي تدير موقع تداول إلكتروني" أو "ادارة الموقع الإلكتروني، بما في ذلك من خلال اجهزة البرمجيات، ومراكز الاتصال أو التسويق عبر الإنترنت أو الهاتف، إما مباشرة أو من خلال شركة التي تدير موقع التداول أو تقدم خدمات للموقع الإلكتروني".

وتفيد التقديرات بأن أرباح صناعة الخيارات الثنائية الإسرائيلية التي ازدهرت لمدة عقد من الزمن من دون تدخل السلطات المعنية في إسرائيل تقريبا، تتراوح بين 5-10 مليار دولار سنويا وتقوم بتشغيل ما بين خمسة آلاف وعشرات الآلاف من الموظفين.

في الشهر الماضي، وفي خطوة اشارت الى ان الشرطة الاسرائيلية بدأت أخيرا فى محاربة صناعة الاحتيال العالمية هذه، تم القبض على أليران سعده، مالك شركة خيارات ثنائية احتيالية في تل ابيب، في تهم احتيال خطير وتحريف وتزييف حسابات وتزوير وابتزاز.

في الأشهر الأخيرة، وتحسبا للقانون المقترح، أغلقت العديد من شركات الخيارات الثنائية، في حين أن العديد منها نقلت مراكز الإتصال الخاصة بها الى الخارج، على الأرجح إلى أماكن مثل أوكرانيا وأوروبا الشرقية.