قضية نيفين كشفت "عورة" المؤسسات النسوية!

بالعربي- كتب خالد كراجة : 

لا يعقل أن تعيش في مجتمع لا يوجد فيه من "تلجأ اليه"!، شعور بالخوف، باليأس والاحباط، تركته قضية نيفين التي لم تعرف حيثياتها بعد، إن كانت "قتل أم انتحار"، تعاطف اجتماعي ورأي عام جارف برز مع قضية نيفين التي لم تجد من يقف معها حتى المؤسسات النسوية التي لجأت لبعضها، وتمر القضية كباقي القضايا التي تتعرض لها المرأة في مجتمعنا، الذي بات أشبه بغابة يأكل فيها القوي الضعيف، والحق يؤخد بقوة الزناد، لا قانون يحمي، ولا مؤسسات تدافع، ولا أحزاب وحركات سياسية تُوعي، هذا الاحباط وهذا الكم الهائل من المشاكل الاجتماعية التي لا حصر لها، ولا قدرة على معرفة تفاصيلها، لدرجة أن المرأة أو الضحية بغض النظر عن جنسه أصبح خبر عاجل ليس إلا.

من يتحمل المسؤولية؟ وما الرادع؟ وما هي نوع الثقافة والوعي الذي نحن بحاجة إليه لكي نحيا بسلام؟، ونعيش باطمئنان، جميعنا أصبحنا نخشى على أنفسنا ونخشى بعضنا البعض، وكل واحد فينا أصبح يخشى الوقوع في شرك ما لا يخلصه منه أحد ولا يجد مغيث، لهذه الدرجة وصلنا، الاحتلال من جانب، والقمع الاجتماعي والسياسي من جانب آخر، والخوف والشعور بأنك وحيداً من جانب ثالث.

وتسقط الضحية تلو الأخرى، واحدة بآثار حبل على عنقها، وأخرى بالسقوط من علو، وفي بعض الأحيان رصاصة طائشة أو خرجت عن غير قصد، والضحية في الغالب امرأة، ويكفي ان تكون الضحية امرأة حتى يبدأ الهمز واللمز، والخوف من الخوض في القضية، من باب "ستر الأعراض" كما يردد من قبل أفراد المجتمع في الغالب، وأول ما يخطر في بالهم ان القضية على خلفية ما يسمى "الشرف"، وما أسهل ان يتستر الجاني خلف ذات الخلفية "الشرف".

لا أريد الدخول في تفاصيل أي قضية من القضايا، فهذا واجب الجهات المختصة التي من المفترض أن تطبق القانون وتعاقب الجاني، دون محاباة أو واسطة ومحسوبية.

لكن ما يمكن الحديث عنه في هذا المقال هو دور المؤسسات النسوية التي من المفترض أنها وجدت لتحمي النساء وتدافع عن حقوقهن، وتساهم في حمايتهن، أتساءل ألا تشعر هذه المؤسسات أن الوضع الاجتماعي للمرأة والكم الهائل من القضايا النسوية أصبح يشكل خطراً على المجتمع برمته؟، ألا تشعر هذه المؤسسات أن دورها تراجع لدرجة أننا لم نسمع لها صوت منذ سنوات، أو حتى بيان استنكار وشجب وتعبير عن قلق؟ ألا تستحق أي قضية سالفة أن تخرج النساء للمطالبة بمحاسبة الجاني، أو الكشف عن تفاصيل القضية؟!.
ألا تشعر هذه المؤسسات أن المشاريع التي تنفذها والأموال التي تنفقها لا أثر لها على أرض الواقع؟ ألا تشعر أن الساحة أصبحت خالية حتى من القيادات النسوية المتنورات والمناضلات من أجل المرأة وحقوقها؟

هل تحولت تلك المؤسسات إلى جهاز "بيروقراطي" فقط ينفذ مشاريع؟، هل شاخت وأصبحت غير قادرة على متابعة قضايا المرأة وحماية حقوقها؟

هذه التساؤولات وغيرها، مطروحة وبجدية، ليس فقط على المؤسسات النسوية وإنما على مؤسسات المجتمع المدني برمته، وعلى الأحزاب والحركات السياسية وخاصة اليسارية منها التي غاب دور المرأة فيها وأصبحت مجرد صوت انتخابي، فكم من الوقت لم نشهد تظاهرة نسوية أو احتجاج على قانون أو مطالبة بتغيير قانون، أو مطالبة بايقاع أقصى عقوبة على جاني ضحيته امرأة قتلت بدون أي ذنب، أو أن الذنب الذي اقترفته لا يستحق القتل، لكي لا يخرج قائل ليقول "ليس كل من قتلن بلا ذنب".

غياب دور المؤسسات النسوية والأذرع النسوية للأحزاب والحركات، يترافق مع غياب الرؤية والهدف وطبيعة المجتمع الذي نريد، والذي تريد المرأة ان تعيش فيه.