يلوي الغربيّون عنق الحقيقة في سوريا !

بالعربي_كتبت: ثريا عاصي

لا أجازف في القول أن الحرب في سورية طالت فتعدت حدود الإقتتال الداخلي إلى الغزو  الإستعماري فصار المراقب يحسب أنه حيال صيرورة إنتحارية ـ تدميرية ـ ذاتية المحرك، مستمرة منذ سبع سنوات بفضل إمدادات وعوامل خارجية إقليمية وأميركية ـ أوروبية تشجع وتحض عليها .

إن التسليم بأن سلطة الدولة في سورية لم تكن قبل الحرب، أي قبل 2011، إنعكاساً أميناً لإرادة الشعب السوري لا يعفينا من مداورة هذا الحكم في الذهن ونقضه إذا تجمعت لدينا نتيجة البحث والتفكير، معطيات تثبت بطلانه !

يتوجب بادئ ذي بدء، الإعتراف بأن السوريين الذين ينضوون إلى فصائل المعارضة  المعسكرة، وهي في غالبيتها خليط من تجمعات وهابية ومتحدرة من الإخوان المسلمين،   ليسوا ممثلين بقيادة موحدة . فما يتناهى إلى العلم ويتنامى إلى السمع هو أن هذه الفصائل  كثيرة العدد ومختلفة الولاءات ومتنوعة المشارب . إذ منها فصائل تتبع تركيا التي يحكمها  الإخوان المسلمون ذوو العقلية العثمانية، وفصائل أخرى خليجية الهوى كما هو معروف، لعل هذا ما يسهل علاقاتها بدولة المستعمرين "الإسرائيليين" .

ولا ننسى في هذا السياق دور الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية، والأدوار التي تتوزعها في إتلاف المجتمع الوطني السوري وفي تحطيم الدولة السورية، مادياً وإشرافاً عسكرياً ومعلوماتياً ودعائياً وسياسياً .

فالرأي عندي أنه لو قُيّض لهذه الجماعات أن تتخلى عن السلاح وأن تختار ديمقراطياً رئيساً لإدارة المناطق السورية التي توجد تحت سيطرة كل جماعة منها ومجلساً تمثيلياً لسكان هذه المناطق، لما نجحت بالقطع في ذلك قياساً على المنازعات العنيفة التي تنشأ في ما بينها  على إقتسام الغنائم والنفوذ في الأحياء والبلدات التي تدخلها . فمن الطبيعي إذن ألا تعتبر هذه الجماعات نفسها ممثلة في سلطة الدولة المركزية أو ملتزمة بعلاقة شرعية وقانونية تربطها  بهذه الأخيرة، حرصاً منها على ديمومة شريعة الغاب المؤاتية لزيادة عديدها ولنمو سلطانها على حساب الناس العاديين طبعاً . مجمل القول أن سلوك هذه الجماعات منسجم تماماً مع  الخطة الأميركية من أجل « انتشار الفوضى الخلاقة » . هذه مسألة لا يجيز المنطق والبحث الموضوعي التغاضي عنها في إطار مداورة المسألة السورية في الذهن .

بكلام أكثر وضوحاً وصراحة إن هذه الجماعات لا تسعى طبعاً إلى الديمقراطية، ولا تطيقها . ولكن العجب العجاب هو أن مداحي الديمقراطية وعنادلها في العالم، يقفون وراء هذه الجماعات . التي لا شك في أنا شكلّت عاملاً رئيسياً في إفساد الدولة وفي عدم استقرار المجتمع وفي إشاعة الحذر والخوف بين الناس .

فلولا التغطية التي توفرها هذه الجماعات ومعاونتها، لما سمعنا أن الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية التي تدور في فلكها بالإضافة إلى دول الخليج، جاؤوا جميعاً إلى سورية من أجل محاربة الإرهاب والدفاع عن حقوق الإنسان وإرساء الديمقراطية !