هذا ما أعدته "اسرائيل" للفلسطينيين بعد عام 1967

بالعربي: في أعقاب حرب حزيران، شكلت حكومة الاحتلال لجنة مؤلفة من مدراء عامين للوزارات المختلفة وموظفين كبار، بدأت تعقد اجتماعات في 15 حزيران/يونيو العام 1967، بهدف بناء "نظام الاحتلال" للضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان. إذ تتحمل "إسرائيل" المسؤولية عن هذه المناطق المحتلة، بعدما كانت خاضعة للأردن ومصر وسورية. وتكشف بروتوكولات استخرجت من الأرشيف "الإسرائيلي"، ونشرت مقاطع منها صحيفة 'هآرتس' العبرية اليوم، الجمعة، كيفية تعامل لجنة المدراء العامين مع الوضع الجديد الناشئ، من أجل بناء نظام الاحتلال.  

وبحثت لجنة المدراء العامين، في اجتماعها العاشر، في إجراءات سفر الفلسطينيين من الأراضي المحتلة للتو إلى خارج البلاد. ويكشف البروتوكول عن سياسة "إسرائيلية" لتهجير الفلسطينيين، وإن كان ذلك ببطء، وجاء فيه أن 'الاتجاه هو إعطاء المتوجهين تصريحا بالخروج من البلاد فقط وليس كي يعودوا. وشراء التذاكر يتم بواسطة ’تسيم’ (شركة الملاحة البحرية الإسرائيلية) أو (شركة الطيران الإسرائيلية) إل-عال. ووزارة الداخلية تصدر التصريح بالخروج'.

وحاولت لجنة المدراء العامين استيضاح حجم السكان في المناطق المحتلة، من خلال إجراء إحصاء سكاني، لكنهم تراجعوا عن هذه الفكرة. رغم ذلك، تبين البروتوكولات أن "إسرائيل" قررت في هذه المرحلة المبكرة بعد الاحتلال أن تبقى القوة المحتلة فيها. إذ أن لجنة المدراء العامين قررت إصدار عملة بشكل طارئ لاستخدامها في المناطق المحتلة، بدلا من الدينار الأردني والجنيه المصري والليرة السورية. وبعد هذا القرار بعدة أشهر بدأ توزيع العملة "الإسرائيلية"، الليرة، في هذه المناطق، الأمر الذي حولها، عمليا، إلى جزء من الاقتصاد "الإسرائيلي".

وتعاملت لجنة المدراء العامين مع القدس الشرقية، منذ هذه المرحلة المبكرة أيضا، بشكل مختلف عن باقي الأراضي المحتلة. فقد نظرت اللجنة إلى القدس على أنها جزء لا يتجزأ من "إسرائيل".

وقررت في اجتماعها الأول إجراء إحصاء سكاني فيها. كذلك تقرر الحفاظ على سرية المداولات في اللجنة. وقال الجنرال في الاحتياط شلومو غازيت، الذي عُين مركزا للجنة المدراء العامين، لـ'هآرتس' إن 'اللجنة تعاملت مع القدس الشرقية منذ البداية كجزء من  "إسرائيل". وأشار إلى أن اللجنة لم تتطرق في مداولاتها إلى الجولان 'لأنه بالكاد تواجد سكان هناك'، إذ أن الاحتلال طرد معظم سكانه.  

وأخرجت لجنة المدراء العامين القدس الشرقية من نطاق عملها ومداولاتها، وتم تحويل المسؤولية إلى بلدية القدس، التي حصلت على ميزانيات خاصة لهذا الغرض. ورافق ذلك القرار بتحويل التعامل المالي بالليرة "الإسرائيلية" منذ الأيام الأولى التي أعقبت الاحتلال.

ويتبين من البروتوكولات أن لجنة المدراء العامين لم تجر مداولات حول المدنيين بصورة مباشرة، وإنما تأجل ذلك إلى اجتماعها الثالث، عندما ناقشت موضوع اللاجئين الفلسطينيين في الضفة والقطاع. وبحسب التقديرات "الإسرائيلية"، فإن عدد اللاجئين تراوح ما بين 15 – 20 ألفاـ تم طردهم من منازلهم وقراهم ولم يغادروا البلاد. وأوعزت اللجنة بالاعتناء بهؤلاء اللاجئين بشكل فوري. 

وفي مرحلة معينة، صادقت اللجنة على دفع أموال إلى مخاتير قرى فلسطينية وشيوخ عشائر بدوية في سيناء 'كرشاوى'. كذلك 'جرى دفع أموال لفلسطينيين أرادوا مغادرة البلاد، شريطة أن يتعهدوا بعدم العودة'. 

لم تكن لدى "إسرائيل" أية نية للانسحاب من الأراضي التي احتلتها في حرب 1967. إذ أنه بعد الحرب بسنة واحدة، في حزيران/يونيو 1968، صادقت لجنة المدراء العامين على التنقيب عن النفط في الأراضي المحتلة. وجاء في أحد البروتوكولات أن 'الطلبات من أجل الحصول على امتياز للتنقيب عن النفط في المناطق ستُطرح أمام لجنة المدراء العامين من أجل المصادقة عليها. وقد صادقت اللجنة على إعطاء امتيازين' أحدهما في سيناء.

وبحثت اللجنة، في اجتماعها الـ114، التي عقدت في تموز/يوليو 1969، في طرد عائلات من هضبة الجولان، تم تجميعها في القنيطرة وبعد ذلك قررت "إسرائيل" جعل القنيطرة منطقة خالية من السكان، وطردتهم إلى سورية.

مناهج التعليم

منذ بداية عملها، وخلال مداولاتها على مر السنين، عبرت لجنة المدراء العامين عن قلقها من كل ما يتعلق بالقضايا التعليمية والتربوية في الأراضي المحتلة. وبعد تعطل الدراسة في الأراضي المحتلة، تقرر استئناف الدراسة خلال أيلول/سبتمبر أو تشرين الأول/أكتوبر.

وكانت المشكلة المركزية بالنسبة للجنة المدراء العامين في مناهج التعليم. وكُتب في أحد البروتوكولات، أنه 'اتضح أنه لن تكون هناك أية إمكانية لاستخدام كتب التعليم الموجودة، وذلك بسبب المواد المعادية التي تضمنتها'. وجرى تكليف وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية بتركيز المواد الدراسية في الضفة وغزة، وتكليفها بالمصادقة على ما هو مسموح استخدامه من مناهج التعليم وما هو غير مسموح، والاهتمام بإصدار مواد جديدة موالية للاحتلال. 

وألغت اللجنة نصف الكتب الدراسية تقريبا، 55 من 120 كتابا، وأبقت 65 كتابا اعتبرتها 'خالية من التحريض'.

وفي سياق السيطرة على حياة السكان في الأراضي المحتلة، كانت اللجنة تقرر بفتح أو إغلاق أي مصلحة تجارية حتى لو كانت صغيرة، مثل المصادقة على فتح مطعم همبورغر لشبكة 'ويمبي' في رفح بجنوب القطاع.

المصدر (عرب 48)