ذئب ترامب السعودي "الإسرائيلي" قصيرة مخالبه

بالعربي- كتب - قاسم عز الدين:

في الحديث المسهب عن "استراتيجية جديدة" لما سمّي بأنه "ناتو" إقليمي في المنطقة العربية، طفح الإعلام المحابي لأميركا والسعودية بأوصاف التبجيل لهذه الوثبة الجبارة على خلاف معظم الإعلام الأميركي والغربي. لكن هذه الاستراتيجية الجديدة لا تتجاوز ما كان بحسب البيان المشترك الأميركي ــ السعودي ما كان قائماً.

وهو "رسم مسار نحو شرق أوسط ينعم بالسلام حيث التنمية الاقتصادية والتجارة والدبلوماسية".ما عدا الإشارة الجديدة لإسرائيل، دأبت السعودية منذ ردح على هذا الخطاب نفسه.

ولم تأتِ بجديد أقله منذ محاولة إظهار القوة في "التحالف الإسلامي" للحرب على اليمن. حتى أن الطرفان لم يتفقا على الحد الأدنى الذي يمكن أن يعبر عن تحالف جدّي ما، كإقرار هيكل أمني إقليمي.

فقد وردت في البيان بصيغة رغبة وأمنية على شكل "أن إيجاد هيكل أمني موحّد وقوي أمر بالغ الضرورة لتعاونهما"على الرغم من الخطاب العالي السقف في العداء لإيران، لم يتجاوز البيان الاتفاق على "ضرورة احتواء تدخلات إيران الشريرة في الشؤون الداخلية للدول الأخرى".

ولا عجب، فالتحالفات والاستراتيجيات في حدها الأدنى مدخلها في الخطوة الأولى يتعارض مع العراضة السعودية في مهرجان السيوف على شرف دونالد ترامب وعائلته.

فالعقل السياسي الذي يعتمد على إغداق الهدايا بأحجار الماس واليخوت وسبائك الذهب، هو عقل تقديم البيعة للسلطان تحت أمرته وليس محاولة إغوائه للصداقة والتعاون في تحالف أو عمل مشترك وما شابه. والمفارقة أن السعودية تظن أن الإعلان عن أنها عطاءات شخصية لترامب وعائلته، يعفيها من الوصول إلى متحف "أميركا" حيث تجمع هدايا الرؤساء. لكن المتحف ينتظر كشف البيت الأبيض بلائحة الهدايا.
على الجانب الآخر يذهب ترامب إلى علاقة مع السعودية بعقلية التاجر وشركة الصفقات المربحة كما لم يتورّع عن التباهي في الرياض.

وبينما أعلن البيت الأبيض عن صفقة سلاح ب 110 مليار دولار، زاده عادل الجبير من الشعر بيتاً في الإعلان عن 34 عقداً بأكثر من 380 مليار دولار بحسب تأكيده تشمل الدفاع والنفط والنقل الجوي. وما ذكره الجبير والبيت الأبيض هو بعض مما أسماه باراك أوباما "استراتيجية جديدة" في اجتماع كامب ديفيد مع دول الخليج، على نقيض ما يسبغه الإعلام المحابي على التحالف مع دونالد ترامب.

ما يتفق عليه القاصي والداني من الباحثين في الولايات المتحدة والدول الغربية، أن ترامب ليس لديه استراتيجية لا في داخل أميركا ولا في خارجها. وبينما كان سلفه باراك أوباما يبحث عن ملامح تحالفات وخطة عمل، يتخبط ترامب في كل الاتجاهات في أميركا وفي خارجها.

ذلك أن أميركا التي كانت ترسم استراتيجيات وتقيم تحالفات، كانت تملك من القوة ما يجعلها أن تتقدم الحروب والمعارك لكي تستطيع أن تجرّ تحالفاتها وراءها نحو استراتيجية تحمي بها مصالحها وترضي حلفاءها. لكن أميركا غير القادرة عن خوض الحروب في عهد أوباما وفي عهد ترامب، لا تمتلك وهم الحديث في الاستراتيجيات إنما تتركه لعادل الجبير.

صهر ترامب جيرالد كوشنير هو الذي أطلق ما سماه "شبه ناتو أميركي ــ إقليمي" مع السعودية و"إسرائيل". وفي ظنه أن ترامب سيقدّم لإسرائيل هدية التحالف السعودي والإماراتي معها، مقابل قبولها عودة المفاوضات مع السلطة الفلسطينية بما يدفع إلى التحالف في مواجهة إيران.

لكن هذا الظن مبني على أن "إسرائيل" تضحي بتنازلات شكلية من أجل التحالف مع دول عربية. وما يتضح جليّا منذ أوباما حتى زيارة ترامب، أن إسرائيل تشترط أن تقدم لها واشنطن هدايا كفرض الاعتراف على العرب بالدولة اليهودية، مقابل قبول الانضمام إليها في مواجهة إيران.

فهي تعتقد أن هذه الدول العربية ينبغي أن تقدم تنازلات لـ "اسرائيل"، كما ينبغي على واشنطن أن تنقل سفارتها إلى القدس لأن الطرفان يحتاجان إليها في المنطقة وليس لديهما خيار آخر غير قبول الأمر الواقع آجلاً أم عاجلاّ.

في العاجل، يتضح أن المسار السعودي، يسير كما تراهن "اسرائيل". وأن ترامب يأخذ بنصيحة نتانياهو "بأن التوصل إلى اتفاق هوالأصعب". وبين العاجل والآجل يقول شوقي "كأن النحس حين جرى عليهم أَطَارَ بكل مملكة غراب.