مصطلحات جديدة

بالعربي- كتبت- ثريا عاصي: 

الهدنة في الحرب، أو وقف إطلاق النار، يقترحها القوي ويقبلها الضعيف، فيزداد القوي قوة والضعيف وهناً.  «فرّق تسد»، مقولة معروفة، فالإتحاد والتضامن يخلقان ظروفاً مؤاتية  للمقاومة ويولدان لدى المغلوب على أمرهم الثقة بالنفس والأمل بقدرتهم على تغيير ميزان القوى حتى يصير متوازناً. قال الشاعر:

تأبى العصي إذا اجتمعن تكسرا
وإذا افترقن تكسرت أحادا

نحن اليوم أمام مصطلح جديد في الحرب على سورية هو "مناطق تهدئة"، أو «مناطق تخفيض توتر» هي ليست «مناطق آمنة» كما سبق وطلب السيد أردوغان الرئيس التركي مستنداً ضمنياً، على زعامته الدينية بعد أن جعل الدولة التركية محج حركة الإخوان المسلمين العالمية!

فبحسب الحكومة السورية، إن مفهومية "مناطق التهدئة" هي في جوهرها إعطاء الوقت والفرصة في المناطق المعنية لكي يترسب العَكَرُ والكدر في القعر فيصفو المجتمع من العناصر الضالة العالقة، على أن تتم معالجة هذه الأخيرة تدريجياً بوسائل تربوية، تعليمية وتأهيلية !.. حقناً للدماء وحداً للتدمير والتخريب وكفاً للجهلاء عن قيادة الناس!

من البديهي أن الإنتظار وتدبر الأمور بروية وحكمة هما من الناحية النظرية من أفضل الحلول لوقف دوامة الموت في بلاد الشام خصوصاً وفي الهلال الخصيب عموماً.

ولكن حقيقة إن الظروف وكثرة الأطراف التي انجذبت إلى «الوليمة السورية» يحد درجة التفاؤل. فمناطق «التهدئة» لن تترك في أغلب الظن وشأنها حتى «تهدأ» دون أن تتلقى صدمات خارجية، تحت حجج وذرائع معروفة. إذ لا شك في أن الذين كانوا يرسلون إليها المرتزقة والسلاح والدبابات والعربات اليابانية من نوع «تويوتا»، سيسارعون إلى استدعاء «المنظمات الإنسانية من أجل كفاح «سوء التغذية» و«تنظيم الأسرة» و«التعليم» ! يقولون «أن المساعدة الإنسانية هي مساعدة على إشعال الحرب»، إن المنظمات الإنسانية غير الحكومية لا تتسابق  للوصول إلى اليمن الذي يغرق أهله في بحر من الدماء أو يسحقون تحت الركام!

وما يزيد هذه المسألة تعقيداً هي الآلية التي أوصلت أطراف الصراع الرئيسيين في سورية إلى إقتراحها، فضلاً عن دور هذه الأطراف في مراقبة مراحل «التهدئة» لا سيما أنها ليست حيادية، بل إن معظم هذه الأطراف شركاء في إيقاد الحرب على سورية بقصد تدميرها وتمزيق مجتمعها الوطني. ينبني عليه أنه إذا كان السوريون هم الذين فقدوا أبناءهم وتشردوا  وصاروا فقراء بعضهم بلا مأوى فإن خسائر أعدائهم «تقتصر على الماديات»، قليلة جداً. هذا يجعل المراقب حذراً.

فما الذي يحمل الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الأوروبيين و"إسرائيل" على القبول بأن تعطى مناطق في الشرق والشمال والجنوب فرصة أو بالأحرى وقتاً، لعل  علامات الإلتئام تظهر على جروح المجتمع الوطني فيها! 

بكلام صريح وواضح إن نجاح التهدئة يعتمد على السوريين أنفسهم أي على قوة جيشهم ومقاومتهم ومناعتهم وتصميمهم على منع أعدائهم المعروفين من مشاركتهم في تقرير مصيرهم. الرأي عندي إن هذا لا يزال بمقدورهم.