عن جنيف و"ثوّار" سوريا ومفاتيح قصر الرئاسة

بالعربي- كتبت- ثريا عاصي:

بما أن وسائل الإعلام في البلدان الغربية بالإضافة إلى تلك التي يموّلها الرجعيون الخليجيون، تصر في تناولها لموضوع الحرب على سورية على استخدام مصطلحات كمثل «الثورة» و«المعارضة»، فلا غلو في القول أن «الثورة والمعارضة» في سورية تشكلان نموذجين عن غرائب  الثورات المحتملة الوقوع في هذا الزمان . 

لا زلنا نذكر «الثائر» السوري، أول رئيس «للمجلس الوطني» (محاكاة للمجلس الوطني الليبي  وأيقونته السيد مصطفي عبد الجليل، صاحب الإعلامي الفرنسي برنار ليفي) الذي خرج بعد أشهر من بدء الحرب على سورية، من خلال قناة الجزيرة، في إمارة قطر المستعمرة الأميركية، بخطاب رئاسي.

ما أود قوله اننا نسمع عن «ثوار» و«ثورة»، عن «معارضات» و«معارضين» ولكن اللافت للنظر أنهم جميعاً موجودون في ظاهر الأمر، خارج سورية. رغم أن «الثورة والمعارضة» استولت أو «حررت» كما يحلو للبعض أن ينعت ذلك، أجزاء من البلاد ومدناً كمثل الرقة وتدمر وإدلب وجسر الشغور وأحياء في حلب وحمص ودرعا كما أظن. فمن الملاحظ أن ممثلي هذه «الثورة» السورية  تفرقوا بحسب ميولهم «القرابية أو الوظيفية « لا أدري، بحيث تجد «منصة» في باريس وثانية في اسطنبول وثالثة في الرياض ورابعة في قطر وخامسة في القاهرة أو في جنيف. هذه هي فرق العمل  السياسي فقط أو بالأحرى وكلاء المطالبين بحصة من السلطة الحكومية في سورية أو بحكم إمارة  فيها، من «كافور» أميركي أو سعودي أو تركي (لم يحفظوا شعر المتنبي ولكنهم يحاكون سلوكه في طلب الحكم)، ليس باستطاعتي تناول «المعارضات المسلحة» التي يؤكد البعض أن عددها تجاوز ربما الألف فصيل!

أظن أنه يحق للمراقب أن يتساءل عن العلاقة التي تربط بين «القيادات الثورية السورية» المنتشرة في عواصم البلدان التي تعمل على تخريب سورية من جهة وبين جماعات الغوغاء، والجوعى والجهلاء والمرتزقة سواء من السكان الأصليين ومن الذين تجلبهم المخابرات الأجنبية والوكلات الأمنية من نوع بلاك ووتر إلى سورية من جهة ثانية؟

ينبني عليه أنه إذا كان صحيحاً أو مرجحاً أن هذه «القيادات الثورية» السورية تحلم أو يسعى زعماؤها إلى الحكم على «إمارة أو قرية» في سورية، فما لا جدال فيه أن ليس لهذه «القيادات الثورية» أي سلطة على جماعات الغوغاء والمرتزقة التي تهاجم وتقتحم ويتفجر أفرادها. فمشكلة  هذه القيادات الرئيسية ليس الإصلاح والديمقراطية وإنما السلطة، أي مصير الرئيس السوري حصرياً،  واقتسام السلطة والبلاد من بعده، تحت إشراف الولايات المتحدة الأميركية طبعاً التي تأمر جماعات الغوغاء والمرتزقة فتطاع.

ينجم عنه اننا في سورية حيال مشروع استعماري تقليدي بامتياز، يقضي بتقسيم البلاد إلى مقاطعات يتولى إدراتها سلطات معينة من قبل المستعمر الذي يتوكل إلى جانب ذلك بتشكيل جهاز أمني من «المعارضات المسلحة» تحت قيادته العملاتية، على نسق السلطة الفلسطينية في رام الله وجهازها الأمني!

من البديهي أن «المعارضات» السورية التي تذهب إلى جنيف مناوبة، لن ترضى بغير تنحية الرئيس السوري، تعرف الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ذلك جيداً، ولكنهم بحاجة إلى مواصلة الحرب أملاً بأن يبلغوا غاياتهم . إن وجود الرئيس السوري صار شرطاً أساسياً من أجل وحدة المجتمع الوطني والمحافظة على الدولة وتحرير كامل التراب السوري.