كيف حُوّلت مليارات الدولارات من روسيا إلى البنوك الأوروبية؟

بالعربي: كشفت وسائل إعلام غربية عن خلفيات نظام واسع لتبييض الأموال، أتاح لعدد من الأغنياء الروس من ذوي النفوذ، تحويل أكثر من 20 مليار دولار عبر بنوك أوروبية.

وبحسب تقرير أعدّه موقع "فرانس 24"، فإن نظام تبييض أموال غير مسبوق أتاح للأوليغارشية ومصرفيين روس وآخرين تبييض أكثر من 20 مليار دولار، مصدرها روسيا، أودعت في بنوك من بين الأشهر في العالم على غرار "HSBC" وبنك الصين والبنك الملكي الاسكتلندي.

فضيحة تبييض الأموال هذه كشفت عنها منظمة التحقيقات الاستقصائية في الفساد والجريمة المنظمة "OCCRP" بالشراكة مع صحيفة "ذي غارديان" البريطانية وصحيفة "سودويتشو زايتونغ" الألمانية، وفقاً لـ"فرانس 24".

وأشار الموقع الى أن أغنياء ذوي نفوذ مقرّبين من السلطة الروسية وبنوك في العديد من بلدان أوروبا الشرقية، اضافة الى عناصر من جهاز الاستخبارات الروسية وقضاة متواطئين تورّطوا في هذا الإحتيال.

واعتبر التقرير أن هذه المعلومات تثير عددًا من التساؤلات حول إجراءات المراقبة داخل أكبر البنوك في العالم لتفادي تسهيل تحركات أموال مشبوهة المصدر.

وأضاف التقرير "بين 2010 و2014، تمكنت مجموعة من 500 شخص من إخراج أموال هائلة من روسيا من الواضح أنها مسروقة أو آتية من الجريمة، وفق ما قاله محقق بريطاني لصحيفة ذي غارديان. من المؤكد أنه تم تبييض 20.7 مليار دولار على الأقل (19 مليار يورو) لكن المبلغ الحقيقي لهذه العملية الإجرامية الواسعة قد يصل إلى 80 مليار دولار (74 مليار يورو) حسب الصحيفة البريطانية".

وتابع "العملية الأولى من نوعها من حيث النظام الدقيق الذي اعتمد لتأمين تحويل الأموال. فـالغسالة الروسية، كما لقبتها منظمة التحقيقات الاستقصائية في الفساد والجريمة المنظمة التي تدرس هذه القضية منذ العام 2014، تتبع مراحل عديدة. تنشأ أولا شركتان وهميتان في إحدى البلدان الأوروبية، وبريطانيا هي المختارة عادة. فتمنح الشركة الأولى قرضا مزيفا (لا وجود له إلا على الورق) للثانية، ثم تقدم شركة روسية أو أكثر ضمانات على هذا القرض بمعية مواطن مولدافي دائما وهو عنصر أساسي في هذا النظام."

الشركة الثانية بحسب التقرير "تصرح بأنها غير قادرة على تسديد المال.. الوهمي، فتلجأ الأولى إلى هيكلة التأمين. وبما أن أحد الضامنين هو مولدافي، تقدم شكوى في هذه البلاد حيث يقر قضاة متواطؤون بحقيقة هذا الدين. هكذا يتمكن الضامنون الروس من فعل ما يسعون إليه منذ البداية، وبطريقة قانونية : تحويل الأموال من روسيا إلى حساب في بنك مولدافي. بعدها يتم تحويل المبالغ إلى بنك في لاتفيا.. يعني داخل الاتحاد الأوروبي. انطلاقا من هنا يمكن تحريك الأموال بحرية أكبر في باقي أوروبا وفي العالم."

بنك "HSBC" والبنك الملكي الاسكتلندي وبنك "باركليز" البريطانيون تلقوا740 مليون دولار (685 مليون يورو) من شركات مزيّفة مسجلة في بريطانيا وتعمل لحساب أغنياء روس.

"ذي غارديان" اتصلت بالبنوك المعنية لتسألها لماذا لم تتثبت من مصدر هذه الأموال فأغلقت باب الحوار رافضة التعليق على حالات فردية، بحسب التقرير الذي أضاف "هذه الأموال التي تم تبييضها سمحت للأغنياء الأوليغارشية بإخماد نزواتهم والاستجابة لأذواقهم الفاخرة في أكثر من 90 بلدا. في فرنسا مثلا، عثرت منظمة التحقيقات الاستقصائية في الفساد والجريمة المنظمة على أثر 125.583 يورو دفعت لفندق فاخر في محطة كورشوفيل للتزلج على الثلوج (جنوب شرق فرنسا). أكثر من 42 ألف يورو أنفقت أيضا في محلات فرنسية فخمة ونحو 366.780 يورو في محلات مجوهرات. إجمالا 5.2 مليون يورو الآتية من الأموال القذرة أنفقت في فرنسا بين 2011 و2014. ولا مقارنة بالـ 1.2 مليار يورو التي أنفقها المنتفعون من الغسالة الروسية في إستونيا."

وأكدت منظمة التحقيقات الاستقصائية في الفساد والجريمة المنظمة أنها تعرفت على هوية ثلاثة أشخاص: ألكساي كرابيفين وهو ابن مستشار سابق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومدير سكك الحديد الروسية، وغيورغي جانس وهو رجل أعمال من موسكو يترأس مجموعة مختصة في المعلوماتية وتوزع في روسيا منتوجات آبل وسامسونغ ومجموعات تكنولوجية أخرى، إضافة إلى سيرغاي جيردين القنصل الشرفي لغينيا في سانت بطرسبورغ ورئيس شركة مختصة في المعلوماتية. أما صحيفة سودويتشو زايتونغ فكشفت من جهتها أن المحققين لا يزالون بصدد محاولة التعرف على الأطراف المتورطة في هذه القضية.

وبحسب التقرير، "هذا ما تسعى إليه أيضا السلطات المولدافية منذ أن ذكرت منظمة التحقيقات الاستقصائية في الفساد والجريمة المنظمة هذه القضية في 2014. ونجحت مولدافيا في 2016 في توقيف رجل الأعمال المولدافي فياشيسلاف أفلاطون المشتبه بمشاركته في هذا الغسيل الروسي الكبير. وتم أيضا توقيف العديد من القضاة وإقفال العديد من البنوك بسبب تبييض الأموال. ونددت مولدافيا بداية الشهر الجاري من مضايقات وتحرش ممنهج لدبلوماسييها من طرف جهاز الاستخبارات كلما دخلوا روسيا. ويرى هذا البلد الصغير المحاذي لأوكرانيا في هذا التصرف ردا من موسكو على اهتمامه بهذه الفضيحة."