في سابقة قضائية.. محكمة كويتية تُلزم الحكومة بتعويض شاب من الـ"بدون" بـ326 ألف دولار

بالعربي: لم يتلق أية خدمات صحية أو تعليمية طيلة 19 عاماً، هي سنوات عمره التي قضاها في الكويت منذ ولادته فيها، فاستحق تعويضاً بأمر المحكمة.. إنه الشاب (و.ع)، واحد من بين ما يزيد على مئة ألف من فئة "البدون"، أو الذين لا يحملون الجنسية، وفقاً لتقديرات المنظمات الحقوقية الدولية، ومن بينها "هيومان رايتس ووتش"، ومنظمة العفو الدولية.

ويعاني البدون من الحرمان من الخدمات، وهذا الشاب هو الوحيد الذي أصدر القضاء الكويتي لصالحه حكماً بتعويض مادي يبلغ مئة ألف دينار كويتي (ما يقارب 326 ألف دولار أميركي) بسبب امتناع الأجهزة الحكومية عن استخراج أوراق رسمية له، في سابقة هي الأولى من نوعها.

ويعيش معظم البدون في مناطق تابعة لمحافظة الجهراء، التي تضم أبناء القبائل، في ظروف صعبة بسبب ضعف أو انعدام الدخل المادي، ما يجعل بعضهم يسكن أحياناً في بيوت من صفيح.


معركة قضائية


المحامي هاني حسين، الذي تولى الدفاع عن (و.ع) وأسرته روى لـ"هافينغتون بوست عربي" قصة تلك الدعوى، والإجراءات القضائية التي بدأت في العام 2011، قائلاً: "المشكلة تعود لأسرة من البدون قبل تسعة عشر عاماً، حيث رزق الأبوان بابن (و.ع) رفضت السلطات الكويتية الرسمية تسجيله بحجة عدم وجود عقد زواج رسمي بين الأم والأب، رغم أنهما في ذلك الوقت لم يكن باستطاعتهما استخراج عقد زواج، لأن المؤسسات الرسمية لم تكن تسمح بذلك".

وتابع المحامي: "في البداية ركَّزنا على إثبات نسب المولود لأبيه وأمه، ورفعنا دعوى إثبات نسب ونجحنا فيها. ثم رفعنا دعوى لإجبار الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية لاستخراج شهادة ميلاد للمولود... هذا المولود أصبح عمره الآن 19 عاماً، لكنه لم يحصل على التعليم والخدمات الصحية، فقد كان يعالج بطرق شعبية بسبب رفض المستشفيات استقباله، لأنه لم يكن يملك أوراقاً ثبوتية رسمية. اختصمنا في الدعوى القضائية الجهاز المركزي الكويتي الذي امتنع عن استخراج أية أوراق رسمية لهذا الطفل الذي بات الآن شاباً".

وحكمت المحكمة بإلزام الجهاز المركزي بتعويض هذا الشاب بمبلغ مائة ألف دينار كويتي "وهذه سابقة في تاريخ القضاء الكويتي، كما أنها بادرة طيبة لأنها أول حكم قضائي كويتي يصدر ضد الجهاز المركزي".

تعرَّض هذا الشاب -كما يحكي المحامي- لحادث في سن الثانية عشرة، عندما كان يركب دراجته "وأصيبت قدمه بالتواء، ورفضت جميع المستشفيات علاجه، وما زال يعاني من إعاقة بسبب هذا الحادث".

ويوضح المحامي، أن المحكمة حكمت أيضاً لوالدَي الشاب بأنهما يستحقان الحصول على الجنسية الكويتية "لكن منح الجنسية يعد من الأمور السيادية التي لا سلطان عليها حتى من السلطة القضائية".

"هافينغتون بوست عربي" حاولت الحديث مع الأسرة، لكنهم رفضوا التعليق، معلِّلين ذلك بأنهم "لا يريدون التعرض للضغوط إذا تحدثوا إلى الإعلام"، كما أن مسؤولي الجهاز الحكومي رفضوا أيضاً الحديث، مؤكدين أنهم "يحترمون أحكام القضاء".

بدوره أكد رئيس الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان خالد الحميدي لـ"هافينغتون بوست عربي"، أنه "يتعين على الحكومة الكويتية اتخاذ إجراءات جدية لمنح الجنسية لمن يستحق من فئة البدون، وإزالة كل العقبات التي تحول دون حصولهم على حق التعليم وتلقي الخدمات الصحية واستخراج الشهادات والأوراق الرسمية".

واعتبر الحميدي أن ملف البدون "من أكثر الملفات التي يوجه للكويت نقد بسببها في المحافل الدولية، وهو ما يستدعي معالجة جادة لهذا الأمر".

وكانت منظمة العفو الدولية ذكرت في تقرير لها في العام 2014، أن في الكويت أكثر من 100,000 من البدون.

بينما تقول منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن الكويت لم تفِ بالتزاماتها بموجب القانون الدولي تجاه هذه الفئة.