واشنطن بوست تكشف : كيف لاحقت أمريكا الرجل الثاني بـ"داعش" وقتلته؟

بالعربي: "أبو محمد العدناني"، الرجل الثاني بجماعة "داعش" الارهابية، وصاحب التصريحات النارية، اختبأ لاشهر في سوريا وعندما طلَّ برأسه تمت ابادته فورا.. كيف؟

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لمراسلها لشؤون الأمن القومي توبي واريك، يكشف فيه عن أن الرجل الثاني في جماعة "داعش" اختفى لأشهر داخل سوريا، مشيرا إلى أن صاروخا أمريكيا التقطه في اليوم الذي خرج فيه من مخبئه وقتله.

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "أبا محمد العدناني، الرجل الذي اعتاد على إصدار التصريحات النارية والخطب الطويلة، أصبح صامتا في أشهر الصيف الأخير، بصفته متحدثا باسم التنظيم، فالرجل الذي حث الآلاف من الشبان المسلمين على ارتداء الأحزمة الناسفة، بدا في المرحلة الأخيرة مهووسا بأمنه الشخصي، بحسب مسؤول أمريكي، فقد توقف عن استخدام الهواتف النقالة، ولم يعد يشارك في الاجتماعات، وتجنب الخروج من مسكنه في النهار، وبدأ ينام في مساكن مكتظة بالسكان في بلدة الباب، في شمال سوريا، حيث راهن على وجود الأطفال الصغار لحمايته من طائرات الدرون التي تحوم فوق رأسه".

ويكشف الكاتب عن أن "العدناني أجبر في نهاية شهر آب/ أغسطس، على مغادرة مخبئه بشكل مؤقت، نتيجة لسلسلة من الهزائم التي عانى منها التنظيم، وكان الأمريكيون ينتظرونه، فمن خلال عملية مراقبة مشتركة بين الـ(سي آي إيه) والبنتاغون، تمت ملاحقة العدناني عندما غادر ملجأه في الباب، وركب سيارة مع مرافق له، وكانا في طريقهما نحو طريق ريفي يبعد عدة أميال عن البلدة عندما انطلق صاروخ (هيلفاير) من طائرة دون طيار فقتلهما".

وتلفت الصحيفة إلى أن الصاروخ الذي انطلق في 30 آب/ أغسطس كان تتويجا لأشهر من مهمة مراقبة لاستهداف أهم قيادي في تنظيم "داعش"، حيث يقول المسؤولون الأمريكيون إنه الأخطر من بين المسؤولين البارزين، مشيرة إلى أن إدارة الرئيس باراك أوباما لم تقل إلا القليل حول الغارة.

وتبين الصحيفة أن مقتل القيادات ترك زعيم التنظيم أبا بكر البغدادي معزولا ومحروما من أهم جنرالاته، ولا يستطيع التواصل مع أتباعه المحاصرين، كما يقول مسؤولون أمريكيون، الذين أشاروا إلى أن البغدادي لم يظهر علانية منذ أكثر من عامين، ولم يصدر سوى شريط مسجل، وهو ما يشير إلى أن زعيم التنظيم في "مخبأ عميق جدا"، بحسب المبعوث الأمريكي الخاص للحملة الدولية ضد تنظيم "داعش" بريت ماكغيرك، الذي قال إنه "مختبئ؛ لأننا تخلصنا من نوابه كلهم"، وأضاف ماكغيرك، الذي كان يتحدث في اجتماع لمسؤولي التحالف في برلين: "لقد قمنا بتحديد شبكته، ولو نظرت لنوابه كلهم الذين كان يعتمد عليهم، فتجد أنهم ذهبوا".

وتنقل الصحيفة عن مسؤول قديم في مكافحة الإرهاب، قوله إن "الرجال الأشرار أجبروا على التواصل عبر الوسائل الإلكترونية؛ لأنهم خسروا السيطرة على الطرق"، وأضاف أن عملية الاختراق للتنظيم أصبحت أسهل؛ "لأنهم وصلوا إلى حالة يائسة، ولم يعودوا يدققون في العناصر الجديدة"، وتابع قائلا" "لدينا صورة داخلية عن تنظيم الدولة الآن، أفضل من تلك التي حصلنا عليها ضد تنظيم القاعدة في العراق".

وينوه التقرير إلى أن أول من ذهب من القادة المهللين للتنظيم كان أبا عمر الشيشاني، الرجل الجورجي ذو اللحية الحمراء، الذي قاتل في الحرب الروسية الجورجية عام 2008، وتلقى تدريبه على يد القوات الأمريكية الخاصة عندما كان جنديا في الجيش الجورجي، وصعد ليصبح "وزير الحرب" في "داعش"، ومنذ عام 2014 نشرت تقارير عن مقتله اكثر من مرة ليظهر من جديد لم يصب بأذى، ويقود الحملة العسكرية في العراق وسوريا، لافتا إلى أن حظ الشيشاني انتهى في 10 تموز/ يوليو، عندما ضرب صاروخ أمريكي اجتماعا لمسؤولين عسكريين قرب مدينة الموصل، حيث كان مقتله بداية لسلسلة من عمليات استهداف القادة المهمين في جيش "داعش" والدعاية وفرق العمليات الخارجية، بحسب لقاءات مع مسؤولين أمريكيين.

ويذكر واريك أن وزير إعلام "داعش" وائل عادل حسن سلمان الفياض، قتل في 6 أيلول/ سبتمبر، قرب مدينة الرقة في سوريا، وفي 30 أيلول/ سبتمبر، قتل أبو جنة، نائب القائد العسكري والمسؤول عن دفاعات الموصل، وواحد من 13 مسؤولا بارزا قتلوا في مع بداية الحملة العسكرية لاستعادة الموصل، فيما استهدف صاروخ أمريكي مسؤول عمليات تنظيم "داعش" في الشرق الأوسط والمسؤول عن عمليات استهدفت الغرب عبد الباسط العراقي في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر.

وتورد الصحيفة نقلا عن المحللين الأمريكيين، قولهم إن "مقتل العدناني يظل الضربة الكبرى التي تلقاها التنظيم، فلم يكن المسؤول السوري المولد مجرد متحدث باسم التنظيم، بحسب ما يرى الخبراء، فهو عنصر بارز ومنذ مدة طويلة في الحلقة الضيقة للتنظيم، وكان دعائيا موهوبا، ومخططا استراتيجيا، أدى دورا في النجاحات المهمة للتنظيم، سواء في إدارة عمليات التواصل الاجتماعي، أو الهجمات الكبيرة في الخارج، بما فيها هجمات باريس وبروكسل، وكان نجمه صاعدا في التنظيم، ففي العام الماضي، وبعد سلسلة من الخسائر التي تكبدها الارهابيون، وبدء التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة باستعادة مناطق في سوريا والعراق، كان العدناني هو الذي خرج وبدأ يبث التعبئة، ويرسل الخطابات الرافعة للمعنويات، ودعا المتعاطفين مع التنظيم حول العالم للقيام بهجمات إرهابية، باستخدام أي وسيلة متوفرة".

وينقل التقرير عن الباحث في معهد بروكينغز ومؤلف كتاب "قيامة تنظيم الدولة"، الصادر عام 2015، ويليام ماكانتس، قوله: "كان صوت الخلافة عندما كان الخليفة صامتا"، وأضاف "كان هو الذي دعا إلى الحرب على الغرب".

ويشير الكاتب إلى أنه في الوقت الذي رفضت فيه "سي آي إيه" ووزارة الدفاع التعليق على دورهما المحدد في مقتل العدناني، إلا أن المسؤولين المطلعين على الجهود يقولون إن مهمة العثور على الرجل رقم 2 أصبحت أولوية، كتلك الهادفة إلى العثور على البغدادي.

ويفيد التقرير بأن المعلومات جاءت من شبكة متزايدة من المخبرين، بالإضافة إلى وجود الابتكارات التكنولوجية، بما في ذلك نظام محسن للرقابة، تقوم من خلاله الطائرات دون طيار ومقاتلات مجهزة بنظام للبنتاغون، وهو نظام الرقابة والاستطلاع المعزز المتوسط الارتفاع، الذي صمم لملاحقة وتتبع الأفراد على الأرض، لافتا إلى قول مسؤول أمريكي على اطلاع على الحملة إن "الغارات كانت في العام الأول كلها ضد البنايات، وكان معظمها في العام الماضي على أهداف قادت إلى نجاحات أكثر".