الموقف المصري بين الإبهام والإزدواجية !!

بالعربي: تفيد الأخبار عن تعاون مصري أسباني نيوزيلندي في إعداد قرار تنوي الدول الثلاث  تقديمه إلى مجلس الأمن الدولي حول سورية بقصد اقتراح حلول تتوافق هذه الدول عليها، للمسألة الإنسانية في حلب. بالإضافة إلى ذلك يستوقف المراقب أيضاً نبأ إغتيال ضابط مصري كبير في لحظة  خروجه من منزله متوجهاً إلى عمله.

تجدر الإشارة في هذا  السياق الى أنه صار  من الصعب أن نعرف بالضبط في أي أتجاه تنحو الامور في مصر. تحرك في الموضوع السوري، تصاعد العمليات الإرهابية في سيناء، وصولاً إلى إغتيال ضابط مصري كبيرعلى باب منزله، مسألة العلاقات مع السعودية، بالإضافة إلى ظهور بوادر تنسيق بين مصر من جهة وبين روسيا من جهة ثانية، خصوصاً في المجال العسكري. ليس واضحاً بالضبط من يخطب ودّ من ؟ هل ان روسيا هي التي تحاول أن تتقرب من مصر ومن تركيا (العثمانية الأردوغانية ) في آن، رغم أن السيد أردوغان بصفته زعيماً رئيسياً في تنظيم الإخوان المسلمين، يكاد «يتمزع» غيظاً من الحكومة المصرية بسبب تنحية الرئيس السابق محمد مرسي وإيداعه السجن. أم ان مصر وتركيا تتقربان من روسيا، كل منهما من جانب؟ ما هي الغايات التي يسعى إليها كل من الأطراف الثلاثة، روسيا، مصر، تركيا ؟

بالعودة إلى المساعي التي يقال أن مصر تبذلها في مجلس الأمن الدولي في موضوع سورية، الرأي عندي انه يجب اشتراط إلغاء أو محو كلمة «وقف إطلاق النار» من أي اقرار أو إتفاق حتى تقبل الحكومة السورية النظر فيه ودراست وتحديد موقفها منه.

إن قبول الحكومة السورية بوقف إطلاق النار في حلب يعني من زاوية الشرعية الوطنية التي تمثلها هذه الحكومة، إعترافاً بحق جماعات من المتعاونين مع أعداء سورية من السوريين إلى جانب شراذم من المرتزقة، في أن يكون لها موطئ قدم على التراب الوطني وفي أن تحتجز مواطنين سوريين  تتخذ منهم دروعاً بشرية ووسيلة لإبتزاز الإمداد العسكري والتمويني. هذا ليس مقبولاً وطنياً وشرعياً. ما هو مقبول ربما هو وقف إطلاق نار نهائي يبدأ بإخلاء المسلحين من المناطق التي يتواجدون فيها وتحرير الرهائن!

ينجم عنه إن ما تقوم به مصر هو دور لا يختلف في الواقع عن الدور الذي تؤديه منذ بداية الأزمة السورية، الدول الأوروبية الذيلية للولايات المتحدة الأميركية. أي اتخاذ الأوضاع الإنسانية الصعبة ذريعة من أجل التدخل في الشأن السوري، دون التحقيق بحثاً عن الجهات المسؤولة عن هذه الأوضاع. نحن نعرف أن المسؤولين عنها هم أنفسهم الذين يبدون حماسة «إنسانية» بحجة معالجتها.

بناء عليه، تكون المبادرة الديبلوماسية المصرية في مجلس الأمن الدولي كمثل غيرها من المبادرات الأوروبية التي سبقتها، علماً أن العلاقة بين مصر من جهة وبين سورية من جهة ثانية تختلف عن العلاقة بين هذه الأخيرة وبين الدول الأوروبية الصديقة لإسرائيل وللولايات المتحدة الأميركية. أين تقف مصر فعلاً، استناداً إلى تأييدها في مجلس الأمن الدولي  لقرارين حول سورية متناقضين، أحدهما فرنسي وثانيهما روسي؟ هل تستطيع مصر أن تتخذ موقفاً محايداً عندما يكون الأمر متعلقاً بسورية، هل تستطيع مصر الإستغناء عن سورية؟؟ لا سيما أن مصر وسورية كانتا معاً في مقدمة الدول العربية التي تصدت للمشاريع التوسعية الإسرائيلية. وفي مختلف الأحوال ربما يكون مبكراً في الظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة، استخلاص موقف مصر إعتماداً على ظاهر الأمور. لذا فإن المسألة تتطلب من وجهة نظري وضوحاً وصلابة من الحكومة السورية.

المسألة الثانية، وهي ذات أهمية كبيرة من وجهة نظري، هي إغتيال الضابط المصري القيادي، أمام دارته؟ حيث تتجه أصابع الإتهام طبعاً إلى الإسلاميين الذين يقاتلون الجيش المصري في سيناء. لا شك في أن هذا الحدث يدل على اختراق أمني كبير، يتمثل بقدرة الإرهابيين على العمل داخل المدن المصرية. هذا يعني أن لهم بيئة حاضنة فيها .

السؤال هنا هو عن أسباب تصاعد حدة هذه الأعمال الإرهابية في مصر وعن أهدافها الحقيقية ومن يقف وراءها فعلاً . هل توجد علاقة بين هذه الأعمال من جهة وبين الأزمة مع السعوديين من جهة ثانية، أو بينها وبين تحسن علاقة مصر بالروس . ليس مستبعداً أيضاً في السياق نفسه أن يكون للأوضاع في ليبيا تأثير في هذا كله.

خلاصة القول أن غيوماً كثيفة تشكلت فوق بلادنا وأن الرؤية محدودة جداً. هذا يتطلب بالطبع من الحكومة السورية، كون سورية هي العقدة الرئيسية، الحذر الشديد وحشد الطاقات وحسن استخدامها فضلاً عن ضرورة رفع الجماهير الشعبية السورية لمستوى وعيها وإدراكها لما جرى في بلادها نتيجة للثغرات التي استغلها المستعمرون فأدخلوا منها السلاح والمرتز قة. إن المستعمرين والرجعيين في الدول الخليجية هم الأعداء الرئيسيون لسورية.