ليس صحيحاً ان أكاذيب أميركا هي حقائقنا

بالعربي_كتبت: ثريا عاصي

من البديهي ان الاميركيين هاجموا عن عمد مواقع الجيش العربي السوري في دير الزُّور لصالح داعش. وما يرجح هذه الفرضية هو انهم سارعوا إلى فبركة قضية ضرب قافلة المساعدات الإنسانية التي كانت متوجهة إلى حلب واتهام سلاح الجو السوري بالعملية... للتغطية على العدوان في دير الزُّور الذي مثل دليلاً قاطعاً على استخدام الولايات المتحدة الأميركية لداعش في الحرب على سوريا... مهما يكن فان المطالبة بحظر الطيران الحربي السوري فوق المواقع التي يسيطر عليها المتمردون، داعش والقاعدة - النصرة، يحتوي على اعتراف ضمني بوجود هذه العلاقة بين الولايات المتحدة الاميركية من جهة وبين هذه الجماعات، داعش والنصرة. يحسن التذكير بان بيان الامم المتحدة الذي نفى ان تكون القافلة تعرضت لهجوم من الجو جاء ليكذب بياناً سابقاً لهذه المنظمة وليدحض في الوقت نفسه افتراءات الولايات المتحدة الأميركية.

اللافت للنظر في هذا السياق، ان هذا كله ترافق، مع تصعيد تركي - سعودي - قطري في الأمم المتحدة وفي الرياض، حيث بادر وزراء خارجية هذه الدول إلى إحياء جوقة الإنشاد المعروفة والممجوجة عن المرحلة الإنتقالية في سورية ودور الرئيس السوري بشار الأسد أثناءها. على السوريين ان يقبلوا ما يعرضه هذا السلطان المنفوخ كبرياء أو ذاك الأمير المملوء نفطاً!

يحق لنا أن نتساءل ازاء هذه العربدات السعوية، العثمانية، القطرية على وقع الطبل الأميركي، على ماذا اتفق الروسي والأميركي بعد محادثات توالت جلساتها على مدى عدة أشهر؟

لا سيما ان الهدنة التي أُعلن عن التوصل إليها بين الطرفين لم تدم إلاّ ساعات قبل ان يضع الهجوم الأميركي على مواقع الجيش العربي السوري حداً لها.
كأن الغاية من هذه المحادثات.. كانت هذه المحادثات نفسها. اي في سيناريو يحاكي سيناريو محادثات محمود عباس الفلسطيني وبنيامين نتنياهو، أو لقاءات قريب تسيبي ليفني - قريع ليفني!

لا ننسى ان المحللين والخبراء الاستراتيجيين، والعلماء وفقهاء الجيو - سياسيين، كانوا يتبارون بإنتاج غزير من النبوءات بخصوص المرحلة القادمة استناداً الى ان الحرب في سورية شارفت على نهاياتها.

فـ«التركي تصالح مع الروسي». و»هذا الاخيريتآمر علينا مع الأميركي». و»الفارسي أخذ نصيبه»، و«السلطان العثماني يحزم حقائبه استعداداً لزيارة الرئيس بشار الاسد في قصر الشعب ومن المقرر ان ينطلق موكبهما من هذا القصر الى الجامع الأموي لأداء الصلاة جنباً الى جنب» !!.

هذيان... وكأن سورية صارت مركز الدنيا. وكأن الروسي لا يقاتل في سوريا دفاعاً عن روسيا، والإيراني لم يأتِ إلى سورية دفاعاً عن إيران. وكأن الصيني غير مكترث لما يجري، وكأن الدول الخليجية ليست وقوداً لإذكاء نار الحرب الأميركية في إطار العولمة الإمبريالية. أميركا تريد أن تبسط نفوذها على العالم، من دون استثناء. حيث تستطيع أميركا أن تنشر مرتزقتها وانكشاريتها وطائراتها، يكون جبهة. وليس بلاداً معادية يحسب لها حساب.

نعم ان بلادنا، للأسف، لا يحسب لها حساب في المواجهة التي تدور على أرضنا، بين القوى العظمى أميركا أوروبا روسيا الصين.

نحن مع روسيا ومع الصين لأنه مالمحتمل ان تكون مقاومتهما للتمدد الأميركي ملائمة لمصالح، شعوب فقيرة متخلفة كمثل شعوبنا.

شعوب لا تعرف في الواقع جوهر الصراع الذي يطحنها،ويستهلكها، ويراهن مستقبلها. كون هذه الشعوب طلقت نخبتها، وأنجزت التطهير الفكري والسياسي في صفوفها.

خلاصة القول، ان الظروف الراهنة، أي في ظل صراع دولي كمثل الذي نشهده في بلادنا، ان مصلحة الشعوب تكمن من وجهة نظري، وتحديدا في سورية، تكمن في الالتفاف حول الجيش العربي السوري. هذا ليس وقت الهدم أو التجديد أو الإصلاح، بل وقت المحافظة على ما لدينا والتصدي للعدوان الأميركي... لان هذا العدوان أشعل الحرب. فإن توقف العدوان أو تراجع أو أفشل توقفت الحرب... هذا اقصى ما يمكننا ان نحلم به في الراهن...