نصر الله لم يكن في حلب

بالعربي- كتب فارس الصرفندي:

أشفق كثيرا على بعض ابناء الحركات الاسلامية وعلى الفرحة التي لا تكتمل دوما لديهم ...

لكن للحق اقول ان بعض الساسة في الحركات الاسلامية دهانقة في الفكر والعمل السياسي ولديهم إلمام بكل ما يدور حولهم ويقرأون المشهد بتأن ويرسمون ما يليه بدقه، وكثير من هؤلاء الدهانقه يرون قاعدتهم ويلوحون لها لكنهم في الحقيقه يخالفونها في التطبيق العملي فهم لا يحضون قاعدتهم على تغيير مواقفها لان ذلك قد يطيح بهم وبالمقابل هم يلعبون بعيدا عن هذه القاعده وفق البراغماتية التي يفرضها الملعب.

في حرب افغانستان كان قادة الحركات الاسلامية على قناعة تامة ان المعركة هناك لم تكن بين "مجاهدين" وشيوعيين وانما كانت بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي ورغم ذلك ترك هؤلاء لقاعدتهم ان تهلل للمجاهدين الافغان. لكنهم كانوا على قناعة تامة ان "المجاهدين" بعد انتهاء الحرب سيقتلون أنفسهم وبان امراء الحرب من "المجاهدين" سيشعلون النار بإخوانهم المجاهدين، وللامانة في السنوات الاخيرة قبل اغتياله "عبدالله عزام" أدرك المعادلة وكان يحاول ان لا ينحدر المجاهدون نحو الحرب الاهلية التي كان يراها رأي العين والرجل قتل بأيدي من نظّر لهم على مدار عقد من الزمن او يزيد.

وقبل ان اذهب الى معركة حلب التي رأى كثير من ابناء الحركات الاسلامية انها بداية النصر لاخوانهم من "المجاهدين" سأعرج على مصر، يوم احداث رابعه لم أجد احدا من ابناء الحركات الاسلامية الا ووضع شعار رابعه على صفحته الشخصية في الفيس بوك ولن تجد احدا من ابناء الحركات الاسلامية الا ويشتم المشير السيسي. بعد مجيء السيسي كان هؤلاء يظنون ظن اليقين ان مرسي عائد الى الحكم وبأن زمان السيسي لن يطول.

دهانقة السياسة من الاسلاميين وتحديدا في حركة حماس كانوا واثقين بأن الزمان لن يعود الى الخلف وان عودة الاخوان الى الحكم تحتاج الى عقود طويلة وعليه فهؤلاء ادركوا بعد اشهر بان عليهم ان يلطفوا الاجواء مع النظام المصري الذي -كما ترى القاعدة قتل اخوانهم السجد في رابعه- فبدأ قادة حماس وعلى رأسهم موسى ابو مرزوق بفتح خطوط اتصال مع المخابرات المصرية والتي تأتمر بأمر السيسي مباشرة.
واليوم الانباء تتوالى من القاهرة عن علاقات دافئة بين حماس والقاهرة و قادة حماس الذين يفهمون الفرق بين الخطاب للاستهلاك المحلي والخطاب السياسي للعالم وهم جاهزون لتلبية دعوة من المشير السيسي والذي اصبح جزءا لا يتجزء من المعادلة الاقليمية الجديدة وقد يكون هو من اهم لاعبيها.

ومن اللاعبين الاساسيين في المرحلة المقبلة اردوغان ليلة الانقلاب عليه كاد ابناء الحركات الاسلامية يصابون بسكتة قلبيه وبعد ساعات من الانفراج وتثبيت اردوغان لاقدامه عاد هؤلاء مستبشرين فرحين بما اتاهم الله من فضله ببقاء اردوغان في سدة الحكم لكن صدمتهم كانت بان الرجل انتقل بتحالف جديد نحو روسيا التي يصفها الاسلاميون بالشيطان قاتل اخوانهم في حلب والى طهران صاحبة الفكر الشيعي التي تقاتل اخوانهم بطائفيتها فكانت النكسة.

لكن دهانقة السياسة من الاسلاميين والذين يسترقون السمع من خلف الابواب الموصدة كانوا واثقين ان اردوغان لن يجد في ظل الحراك الكردي والتخاذل الخليجي سوى موسكو وطهران ولا اذيع سرا ان بعض هؤلاء الدهانقة ابلغوا من المخابرات التركية بان تركيا ستتجه نحو الحلف الثاني لانها لا طاقة لها باقامة دولة كردية مفاتيحها الان بيد روسيا وايران.

اما في حلب فقد كتبت على صفحتي على الفيس بوك (الى ابناء حركة حماس اشعر بانكم تقاتلون في حلب) بالطبع ولأن غالبية ابناء الحركات الاسلامية يستقون معلوماتهم من مصدر واحد فقد ظنوا بأن الفجوة التي فتحها المسلحون في الحصار المفروض عليهم هي بداية النصر المؤزر وهنا انطلق الاسلامييون يحتفلون بالنصر ويهللون للفتح المبين.

احدهم كتب حلب وعد الله والاخر كتب هذا بداية النصر الذي وعد الله به والثالث انتصر اخواننا المجاهدون على حزب الشيطان وعلى ايران الكافره، لكن عجبت لاحدهم حين كتب "الموت لنصر الشيطان وسنصلي قريبا في الاموي" هذا النصر الوهمي الذي اتضح بعد ساعات انه وهمي جعل الكثيرين من ابناء الحركات الاسلامية يصابون بالاحباط فكيف كانوا على بعد امتار من فتح مكه واصبحوا الان يرون هزيمة المسلحين.

هنا تكمن الازدواجية او بالاحرى الفارق بالفهم والادراك بين القاعدة للاسلاميين وحركة حماس وبين القيادة. ففي الوقت الذي كانت قاعدة حماس تدعوا بالهزيمة على الجيش السوري وعلى حزب الله وايران وروسيا كان ممثل حماس في طهران يعلن بان العلاقه مع طهران استراتيجية ولن تهتز وكان عدد من قيادة حماس يلتقي في بيروت بالسفير الايراني ويبلغه ان حماس جزء من حلف المقاومة.
قيادة حماس كجزء من الحركة الاسلامية العالمية تدرك ان ما تغرد به قاعدتها يختلف تماما عن الواقع السياسي وعليه فهي تترك لقاعدتها ان تغرد كما تشاء وهي خلف الابواب المغلقة تمارس البراغماتية بكافة اشكالها. فالقاعدة تتحدث بمشاعرها اما القيادة فعقلها هو صاحب القول الاول والاخير.