عبدوا العجل فجاءت الفئران وأكلتهم

بالعربي: كتب- محمود حسنين: 

16 عاماً على هروب الاحتلال من أرض الأرْز وانتصار المقاومة عليه هناك، و11 عاماً مرت على انتصار المقاومة في أرض الثورة على خرافة "الجيش الذي لا يقهر" ودحره من القطاع، فقد خرج الاحتلال يجرُ أذيالَ الهزيمة من لبنان، ولم يمضِ وقت طويل حتى انكسرَ ظهرهُ على يد مقاومة قطاع غزة.

لطالما تغنى جيش الاحتلال بأنه أقوى منظومة عسكرية في الشرق الأوسط، وهو الوحيد الذي بإمكانه ضرب أي عمق استراتيجي في أي دولة كانت، ولكن هناك غصتان علقتا في حلقه ولا يستطيع ان يبتلعهما، لأنهما أفهمتاه انهما ليستا لقمة سائغة، إنهما الشمال والجنوب.

إن الحديث عن عدو" لا يقهر" هو وجيشه هو أمر خيالي وعارٍ عن الصحة والحقيقة، فماذا لو كان الاحتلال لا يقهر، هل سنرى التاريخ ممتد بين كل هذه التحولات التي تحصل؟ أم اننا سنسلم بأن المقاومة شيء بائس ولا معنى لها سوى أنها تلقي بالنفس الى التهلكة هي ومن يؤيدها؟ وهل كانت المقاومة يوما شيء بائس؟!

الآن نقولها بالفم الملآن استطاعت المقاومة بإمكانية لا تقارن، وبعتاد عسكري وتكنولوجي بسيط مقارنة بالعدو، أن تمرغ أنفه بالوحل في كل مواجهة تحصل بينهما.

ولا غريب في الامر حين يخرج قادة العدو الصهيوني إلى شعبهم ويوهمونه ان من يقاتلهم يختبئ في "جحور كالفئران"، وان يدهم ستطاله قريباً، وسيحتفلون جميعا بالقضاء على رأس المقاومة سواء كان الحديث عن قطاع غزة او حزب الله في لبنان، ويحاول الاحتلال دائما ان يستفز قادة المقاومة بكلام سخيف ليخرجوا ويصطادهم، لكن المقاومة أصبحت تعرف جيدا من هو هذا العدو، واستطاعت بكل جدارة ان تخرج وتلسعه في أشد مواقعه حصانة وقوة، فها هو حزب الله قد كسر هيبة "الميركافاة" وأغرق البارجة في الشمال الفلسطيني، وها هي المقاومة في غزة اخترقت صفوفه وقتلت جنوده من مسافة صفر في ناحل عوز في الجنوب الفلسطيني.

لم يفهم الصهاينة حتى اليوم ان من يقف الشعب معه لا يُهزم ولا يَنكسر، فغزة إحتضنت المقاومة بكل ما تملكه وجادت بالغالي والنفيس لأجلها، ولبنان قد دمر ولم يَهجر ابناءه، بل أعادوا بنائه وجعلوه جنة على الارض، اما في مقارنة بسيطة واعلم انها غير عادلة فالمجتمع الصهيوني عند كل مواجهة يبدأ الالاف منه بحزمِ أمتعتهم ومغادرة هذا الكيان خوفاً على حياتهم، كيف لا وقادته يتركون جنودههم في المعركة ويختبئون كالفئران في الملاجئ، مقارنة بالشعب الفلسطيني واللبناني اللذان خرجا بصدور عارية لمواجهة ما يقال بأنها أعتى ألة عسكرية في الشرق الاوسط.

إن مصطلح "جحور الفئران" يأتي من عدو عجز بكل أساليبه العسكرية والمخابراتية ان يقضي على المقاومة، وهنا لابُدَّ ان تَفتخرَ المقاومة بهذا المصطلح لانه يؤكد بين طياتهِ عجز الاحتلال عن مجابهتها والوصول لها.

نعم علينا أن نفتخر كوننا ننتمي لهذه الفئران التي وحدها إستطاعت ان تَقهر "الجيش الذي لا يقهر"، ووحدها إستطاعت أن تجعل الجيوش العربية عارية من قوتها التي تتغنى بها، خاصة ان الدول العربية تأتي في صدارة الترتيب العالمي على الانفاق العسكري، ولم تستطع ان تواجه الاحتلال أو توجه له رصاصة واحدة قاصدة بها تحرير فلسطين، وما حصل في حرب 1967 كفيل ان يؤكد صحة هذه النظرية.

وأخير لا يسعني القول إلا ان قوم "اسرائيل" الذين عبدوا العجل قديما واغلقوا أدمغتهم ليفهموا الواقع، تأتي المقاومة اليوم التي أطلقوا عليها مصطلح "فئران" لتأكلهم  وهُم لا يشعرون.