كوني أنت

بالعربي: كتبت مهيبة زيدان

نتساءل جميعنا لماذا نحن غير راضيات عن جمالنا وشكلنا الخارجي؟

وهنا أصر على كلمة "جمالنا"، لأن كل امرأة وجدت على هذه الأرض هي جميلة كما خلقها الله وميزها باختلافها عن باقي بنات جنسها بتكاوين وملامح خاصة بها هي وحدها بتفاوت في المقاييس لتشكل خلاصة شخصيتها الجمالية المنفردة, لذلك ليس بشرط أو بمستحب أن تكون كل فتاة نسخة طبق الأصل عن ملامح وأشكال مرسومة في آخر جداول الموضة.

والظاهرة المنتشرة بين نساء العالم العربي للشكل المتعارف عليه لدى معظم خبراء التجميل ولمن خضعن لعمليات تجميلية بمختلف أنواعها. وعلى الرغم من هذا نجدنا لا نفوت أدنى فرصة سانحة لدينا كي نقبل على تغيير ملامحنا بشكل جنوني، لا بل وعدم الاكتفاء بالتحسين أو ما يقال عنه "الرتوش " بغية المحافظة على النضارة والحيوية، وهذا أمر ليس بمرضي، بل يصب في مصلحتنا النفسية والمعنوية كنساء محبات للجمال، وهذا حق أو رغبة كل امرأة أو إنسان يكترث لنظرته إلى شكله الخارجي, ولنظرة الآخر إليه وكيفية إيقاف آثار الزمن من رسم ونحت وتشكيل خطوطها "المشروعة" على جلد كل كائن منا على حد سواء.

سيدتي الجميلة، ليس عليك خوض هذه المعركة ووضع جمالك بكل تدرجاته ووضع صحتك النفسية والجسدية في دائرة "المجهول"، وخطر تحمل أي آثار جانبية أو حدوث تشوهات ما تحول دون حصولك على الصورة المرجوة لكِ, وبهذا تكونين قد ساهمت في العبث بحق من حقوقك الطبيعية ألا وهو التميز وإبقاء معالم هويتك الجمالية كما خلقت عليها دون أي مس أو تعدٍّ، فلماذا علينا أن نلهث باحثين عن "الجمال الأبدي" وهو كامن فينا مذ ولادتنا ونعومة الطفولة, والعشرينات وحيويتها والثلاثينات وفتنتها والأربعينات وأنوثتك المتوجة, إلى ما هنالك من سنوات العمر؟ عزيزتي قد خلقت لتكوني جميلة بكل مراحل حياتك وصولاً لآخر لحظة فيها.


كل ما ينقصك فقط هو الاقتناع التام بأن ما أنت عليه اليوم وفي هذه اللحظة هو "نعمة" من الله وفصل مختلف من فصول حياتك، فأحبي وصادقي ذاتك, قدسي ما منحك إياه الخالق من تفرد وتميز في شكل هويتك الجمالية, فليس هنالك من هو قبيح أو جميل مائة في المائة، لذلك فإن الجمال يا عزيزتي ليس إلا نسبياً وجمالك الحقيقي يحلو في مرورك بكل مرحلة من مراحل عمرك دون الخجل أو الخوف من حق الطبيعة البيولوجية عليك.

فاعتني بصحتك وبأسلوب حياتك، أي كيفية ممارستك للحياة، اهتمي بغذائك السليم الصحي البعيد عن علب السرطان المحفوظة والمكدسة على رفوف المتاجر, أوليس الجمال الحقيقي يكمن في الصحة الجيدة أولاً؟ وليس بالوجوه المكسوة "بالمساحيق والمواد الكيميائية" تجملي بخفة وبساطة، فالسر ليس بالإكثار بل بالتناغم والأناقة أين الاعتدال؟ الاعتدال هو خير الأمور، تبرجي باعتدال أو اكتفي بوضع خط من الكحل الأسود على عينيك الشرقيتين الملهمتين وبعض من أحمر الشفاه, مارسي حقك بعيش الحياة السليمة والصحية, أحيطي روحك بالهدوء النفسي, لن أطلب منك أن تقاومي الزمن بل أن "تتعايشي" معه، وأن تغتنمي كل لحظة فيه، ومهما تقدمت بالسن تأكدي أنك امرأة جميلة، لأنها لم تخجل من مصافحة سنوات عمرها بكل ثقة وانسجام وحب وافتتان تام دون اعتباره عدواً مخيفاً يجب إقصاؤه أو حذفه من أرشيف حياة كل منا.

وكمعنية بالأمر في هذه المقالة الأنثوية, التي دفعتني غيرتي ومخاوفي على بنات جيلنا إلى كتابتها في وسط هذا البازار الترويجي والتسويقي لمبدأ مغلوط ونظرة مسيئة للمرأة ووضعها ضمن إطار محدد وخطة مبرمجة للشكل المفروض أن تكون عليه من خلال هذا التطور الطبي السريع في مجال الجراحة التجميلية المدعومة بالإعلان والإعلام... والذي في بادئ الأمر قد وجد لمنفعة المجتمع ولمصلحة الإنسان في حال وقوع أي حادث خارج عن إرادته ويده مثل الحروق والتشوهات الخلقية منذ الولادة إلى ما هنالك من مشكلات جسيمة وطارئة أخرى.

ومن هذا المنطلق قد يكون إجراء العمليات التجميلية أو الترميمية في صالح المريض لأسباب علاجية واستشفائية، عدا عن ذلك يصبح إجراء العمليات التجميلية بكل أنواعها وطرق إجرائها عبارة عن لحاق بموجة مرضية شعارها الهوس المرضي بالشباب المصطنع الزائف "البلاستيكي".

افتحوا أعينكم جيداً، انزلوا وراقبوا وجوههن في الشوارع أو من خلال شاشات التلفاز, ماذا وجدتم؟ جميعهن متشابهات متصابيات مستنسخات!
كونوا جميلات بكامل حريتكن فأنتن جميلات بلا عبودية.

المصدر: (هافنغتون بوست)