من الأكثر نكداً؟ الرجل أم المرأة؟

بالعربي: كتب محمود عبد الرحمن

يسعى الرجل والمرأة إلى العيش في بيئة هادئة وجو زاخر بالسعادة مع الشريك الآخر. لكن ما إن يصطدم أحدهما بمشكلة مع شريكه حتى يتهمه بأنه هو السبب الرئيسي للنكد وافتعال الأزمات. لعل ذلك يرجع إلى عوامل عدّة اجتماعية ونفسية وإلى البيئة التي نشأ فيها كل منهما، بالإضافة إلى اختلاف الطبائع. لكن يبقى السؤال: مَن الأكثر نكداً؟ الرجل أم المرأة؟

المرأة مصنع النكد؟

برأي أستاذة الطب النفسي في جامعة حلوان، سلوى عبدالباقي، إن افتعال النكد يرجع بنسبة أكبر إلى المرأة، وذلك بسبب شعورها بالفراغ وبقائها في المنزل بدون عمل وعدم انشغالها بقضايا هامة، إذا لم تكون منخرطة في الحياة العامة.

واعتبرت عبد الباقي أن حياة معظم النساء العربيات تجعلهنّ أكثر تركيزاً على افتعال المشاكل والأزمات مع الرجل، ليحاولن إثبات قيمتهنّ ولو بشكل سلبي.

وأضافت أن "المرأة مخلوق يفكر بعاطفته، سواء كانت سلبية أو إيجابية. وبسبب عدم انخراط معظم النساء في سوق العمل بشكل جيّد تجد المرأة نفسها في حالة فراغ وتتولّد لديها ضغوط عصبية ونفسية، وتُخرج كل هذا من خلال ثرثرة مبالغ فيها أو صمت حاد".

من هنا، برأيها، "تتأجج المشاكل مع الرجل، فتفتعل مشاكل عبر أسئلة مثل: لماذا لم تتصل بي؟ أنت لم تعد تُحبني؟ لماذا تتجاهلني هكذا؟ أنت تفكر في العمل أكثر مني؟ وغيرها من الأسئلة التي من شأنها إشعال فتيل الأزمة معه".

ولكن للنكد أسباباً عدّة تختلف من بيئة لأخرى، وربما أغلبها ينتج عن الحياة الروتينية وفتور الحب والخلافات المالية، بالإضافة إلى الأنانية من كلا الطرفين، والرغبة في السيطرة على الآخر، واختلاف الاهتمامات والرغبات الخاصة، بحسب عبد الباقي.

الرجل هو السبب؟

أما دكتور الأمراض النفسية في جامعة القاهرة سعيد عبدالعظيم فيعتبر أن "نكد النساء لعلّه يرجع إلى أفعال الرجل"، شارحاً أن الرجل إذا لم يمتلك مصدر دخل كافٍ أو كان لا يكترث لأسرته ولا يتعامل معها بعاطفة، أو ينشغل كثيراً بنشاطات خارج المنزل ولا يهتم بالتفاصيل الصغيرة التي تحبها زوجته، فهو بذلك يجعلها آلة لصنع النكد.

وقال عبد العظيم لرصيف22: "قد يكون للرجل صفات لا تطاق، ويكون شرساً ولا يتعامل مع زوجته بشكل طبيعي أو إنساني، بالإضافة إلى بحثه المتكرر في متعلقات زوجته الشخصية وهاتفها النقال شاكاً في سلوكها... هكذا تصرّفات تسبّب للمرأة ضغطاً نفسياً".

ولفت إلى أنه "من الممكن أن يكون لديه عجز جنسي أو ارتباك أو عدم ثقة بالنفس، وفي الوقت نفسه لا تستطيع المرأة أن تكشف عن رغبتها وعدم تلبيته لاحتياجتها الجنسية خوفاً من أن يظن أنها تقلل من رجولته، ما يؤدي إلى تفاقم المشاكل بينهما".

واعتبر عبد العظيم أن لكل عصر خصائصة ومشاكله، ولفت إلى أن المرأة حالياً وبسبب استقلاليتها في الدخل المادي أحياناً وتحررها من بعض قيود المجتمع، تصير غير مكترثة بالحياة الزوجية إذا كانت تعيسة.

مشاركة في النكد؟
"المرأة عاطفية والرجل موضوعي وذلك بسبب اختلاف التركيبة النفسية لكل منهما"، قال استشاري العلاقات الزوجية مدحت عبد الهادي.

وبرأيه، "عقل المرأة مختلف عن الرجل، فإذا واجهت مشكلة ترغب في أن تتحدث كثيراً دون أن تطلب أو تنتظر من الرجل حلاً، وبعد أن تنتهي ويطرح الرجل حلاً لمشكلتها ترفضه، مما يؤدي إلى نشوب صراع بينهما. هي بحكم طبيعتها ليست مهتمة بالتوصل إلى حلّ للمشكلة ولكنها تريد التحدث والفضفضة فقط".

وأضاف: "أمّا الرجل، فإنه إذا حدثت له مشكلة يفضّل العزلة ويكون كلامه قليلاً مع زوجته، وينشغل في البحث عن حلول ويخاف من تأزم الأمور، فالرجل لا يتحدث إلا لمن يعتقد أنه سيعطيه الحل، وهنا تبدأ المرأة في النكد ويسرد عقلها اللاواعي بعض مشاهد الخيانة، وتظن بأنه يفكر بامرأة غيرها، وأنه لم يعد يحبها، وأنه وجد اهتمامات مختلفة".

وأشار إلى أن لا فرق بين الرجل والمرأة في مستوى النكد، فالأمر نسبي، والنكد هو نتيجة حتمية لتصرفات وانفعالات مكبوتة من طرف تجاه الآخر، وهو أمر طبيعي بسبب الاختلاف بين الجنسين.

وباختصار، لفت استشاري العلاقات الزوجية إلى أن النكد بين الرجال والنساء يتمحور حول سببين هما "سوء الظن" و"سوء الفهم".
مصير العلاقة الكندية

وتشير الأستاذة سلوى عبد الباقي إلى أن العلاقة النكدية بين الرجل والمرأة قد تتسبّب لكل منهما بأمراض نفسية. وقالت إن الهرمونات الثلاثة التي تتحكم في الانفعالات لدى الإنسان وهي النورادرينالين والكورتيزولوالأدرينالين يجري إفرازها بكثرة في حالات الانفعال الشديد والضيق، مما يؤدي إلى زيادة ‏‏نسب‏ ‏الكولسترول‏ ‏ومعدل‏ ‏السكر‏ ‏في‏ ‏الدم أو ارتفاع ضغط الدم أو حدوث أزمة قلبية.

وقد تؤدي كثرة النكد في العلاقة الزوجية إلى ما يُسمّى بـ"الطلاق العاطفي" Emotional Divorce، وهذا يعني أن الزوجين ليسا منفصلين بشكل رسمي ولكنهما مطلقان عاطفياً.

وهذا النوع من الطلاق ﻏﻴر المعلن يكون أحياناً من طرف واحد. فكل منهما يعيش حياته منفرداً لا يشارك الآخر في اهتماماته أو متاعبه أو تلبية رغباته، وفي الوقت نفسه لا يريد الانفصال بشكل علني خوفاً من لقب منفصل/ة أو مطلق/ة.

وبحسب دراسة بعنوان "أسباب الطلاق العاطفي لدى الأسر العراقية"، هنالك مقدمات تسبق الخرس الزوجي وهي:
عدم الاستمتاع جنسياً.

شريك لديه هموم ومشاكل لا يتحدث عنها مع الطرف الآخر.

شريك لا يبوح بتطوّرات أمراض يُصاب بها وتهدّد حياته.

العلاقات الجنسية خارج الزواج.

التجاهل أو اللامبالاة.

ولا ينهار الزواج بين ليلة وضحاها، ولا يحدث الطلاق العاطفي بسبب حادثة أو غلطة يرتكبها أحد الطرفين. لكن تتزعزع الثقة بين الزوجين وتنهار مصداقية كل طرف لدى الآخر، ويفتر الحب ويتصرّف كل طرف بأنانية.

المصدر: (رصيف 22)