أنا لا أستحق كل هذا.. فقط لكوني امرأة!

بالعربي: كتبت تسنيم أيمن خضر

لا أدري لماذا، ولكن أكثر ما واجهته من قصص النساء المحيطات بي كانت باختصار تحت عنوان "أنا لا أستحق كل هذا فقط لكوني امرأة"، أو ربما هي أنا من كتب الله لها أن ترى معاناة بعض نساء في مجتمعنا لأكتب لكم هذا المقال.

على رغم من صغر سني، إلا أنني استمعت إلى الكثير من القصص التي يتلوها علامات استفهام وتعجب.

"لقد ذهبت إلى طبيب نفسي فهو يضربني كل يوم، ويخبرني أنني قبيحة".

"يخونني ومن ثم يضربني كل يوم وأنا حامل، ويمنعني من زيارة أقاربي أو أن أتواصل مع أي أحد خارج البيت".

"أطبخ وأنظف وأنفذ كل متطلبات أخي لأنه رجل البيت".

"لا يمكنني إكمال تعليمي فأبي ضد المرأة وحريتها".

"أصبحت عاراً على العائلة".

مع كل ما واجهته من قصص يائسة بائسة كرهت أن أكون امرأة، ولكنني استنتجت أنني كرهت أن أكون امرأة في هذا المجتمع فقط لا غير، ببساطة لأن مجتمعنا ذكوري بامتياز.

"الرجال قوامون على النساء".

آية أسمعها كل ما حاولت الدفاع عن حقوق المرأة على رغم سوء فهمها للكثير، ليس معناها أن لك السلطة والسيادة لإلغاء شخصية المرأة، بل بالقيام بالحقوق والوجبات التي عليك تكليفاً لا تشريفاً

فهي وبلا شك لا تعني أن لك الحق أن تستعرض قوتك وشخصيتك على المرأة من خلال الضرب والصراخ أو ربما بالتقليل من شأنها.

أتشعر بالبطولة؟ أو أنك أصبحت الآن القوي المغوار الذي لا يهزم؟

آسفة لإحباط ما ظنت نفسك عن نفسها، فإن دل هذا على شيء، فسيكون الضعف الذي تعاني منه بداخلك.

نعم، من الفروق بين المرأة والرجل هي قوة البدن، وقد وهبك أياها ربنا لتحمل مسؤوليات أكبر، ليس لتعويض نقصك من خلالها.

الرجولة بخوفك من ربك، بإعطاء المرأة حقوقها وإشعارها بعظمتها، بالحفاظ عليها، الرجولة لها معاني عميقة وبعيدة جداً عن شعورك بقوتك عندما تمتص من ضعفها.

ونعم، المرأة ربما لديها عواطف قوية وفياضة، ليس لأنها غير مستقرة عاطفياً أو مريضة نفسياً، بل الرقة والعاطفة وسرعة الانفعال والاستجابة لمطالب الطفولة ما أهلها لتربية الأطفال، والقيام على شؤونهم في البيت، وهو ما يعجز الرجل عن القيام به.

أنا وبلا شك لا أضع المرأة فوق الرجل، فلم أطلب قط أن تقوم المرأة بكل أعمال الرجل، ولا أن يقوم الرجل بأعمال المرأة، ولكن بإعطاء كل جنس حقه، فالمساواة بينهما لا تعني دائماً العدل.
إن المرأة والرجل خلقوا ليكملوا بعضهم بعضا باختلاف الحقوق والوجبات، باختلاف نقاط قواتهم وضعفهم.

لما إذا أسمع تلك الجمل المكررة التي غمست في بحر الإحباط والاستحقار مثل "آخرتها بالبيت تنظف وتشطف"، "آخرتها لبيت جوزها" "لأنك بنت ما بصير"؟

المرأة قادرة على تغير مجتمعات وخدمة دينها ووطنها على أن تحقق أحلامها أليس هو العقل ما يبني المجتمع ويطوره، أليس الجهد المبتذل هو الطريق إلى أحلامها؟ وأؤكد لك أن ليس هناك أي آية أو حديث أو أي بحث علمي أنكر وجود عقل المرأة أو أن عقل الرجل أذكى؛ للتوضيح فقط.

ألم تكن خديجة رضي الله عنها من أكبر التجار؟

إياكِ ومن ثم إياكِ عزيزتي أن تسمعي إلى كلامهم الفارغ الذي يستعمره الجهل من كل الجهات، احلمي وانطلقي وأبهري العالم بقدراتك.

ومن عجائب هذا المجتمع أيضاً هو تضخيم أفعال المرأة الخاطئة ولربما المحرمة، وتصغيرها للرجل على أنها "شرف العائلة"، فقد أصبح لا يهمهم غضب الله بقدر ما يهمهم غضب المجتمع وكلام الناس..

ألسنا كلنا معرضين للخطأ؟ وكلنا مغفور لنا إذا تبنا بصدق؟

فإن كان الرب يسامح ويرحم، فمن نحن كي لا نفعل؟

إن ما حرم على المرأة حرم على رجل أيضاً، التقاليد ربما تعفو عن أخطاء الرجل، لكن ليست التقاليد التي ستنقذكَ يوم القيامة.

أرجوكم لا تضعوا جهلكم واستحقاركم للمرأة تحت اسم الإسلام فلم يقتل هويتها غيركم، فالإسلام بريء منكم، فلطالما كان الإسلام المحرر الحقيقي لعبودية المرأة منذ الجاهلية..

فقد جاء الإسلام ليقول (ٍوَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)
جاء الإسلام ليقول (فَلا تَعْضُلوهُنَّ)
جاء الإسلام ليقول (وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنّ)

وجاء الرسول الكريم ليبين لنا مكانة المرأة في قوله
(استوصوا بالنساء خيراً)

والكثير من الشواهد الأخرى التي تدل عل أن الدين الإسلامي قد عزز ورفع مكانة المرأة لا استحقرها وأهانها، فمن أنت كي تفعل؟

فلنطبق ما أمر الله به وسنة رسوله -عليه أفضل الصلاة والسلام- بعيداً عن التعصبات والأفكار القبلية، وأنا على وعي تماماً أن المجتمع قد تطور، وبدأتْ تلك الأفكار والاعتقادات تتلاشى مع السنين وبدأت الناس ترفع صوتها عن حقوق المرأة، ولكن وللأسف هذه ليست حالة الجميع وما زال الجهل والعناد واضحاً عند عقلية البعض وواجب علينا تحمل مسؤولية القضاء على الجهل والرجعية بشتى الطرق.

فلن نتقدم حتى تقدر المرأة قيمتها وقوة تأثيرها على المجتمع، وعندما يتأكد الرجل أنها تكملة وليست تابعاً أو خادماً، وذلك بإدراك قيمتها أيضاً وكيفية تقديرها..

احلمي وانطلقي، فالمجتمع لطالما كان بحاجة إليك ليزدهر.. فأنت جوهرة الحياة، ومنبع السعادة، وروح السرور وأمل المستقبل!

المصدر: (هافنغتون بوست عربي)