ماذا أجيبهم عن سؤالهم "لمَ لم تتزوجي بعد؟"

بالعربي- كتبت رولا حسنين :

بقصد أو دون قصد، كهبوب الريح، وعاصفة القلم الذي قد لا يُسمع صوته إلا إذا نزف بما في جوف الناس ويخشون الكتابة عنه، أو لا يملكون قدرة على الكتابة لإيصال رسائلهم، انتشرت في الأونة الأخيرة مقالات من عزباء الى متزوجة ومن متزوجة الى عزباء، وكأن الردح كان طبعهما، ولكن..

لا أخفي أني أعجبت بطريقة كتابة المقالين، وطريقة سرد الحجج والحقائق التي تختلف فيما بين الكاتبتين، إلا أنها تلتقي في مفهوم أن كل كاتبة تتحدث عن تجربتها الشخصية فتطلق أحكامها بالتعميم وذلك أسوأ أسلوب للاقناع، قد تذهب إحداهن الى المثالية وأخرى الى الواقعية، ولكن..

أنا لم أتزوج بعد، ولا أنكر أمر الزواج بين الناس، ولا أصف المتزوجة بأنها ضعيفة وليس لديها أحلام أو توقفت أحلامها عند زواجها، ولا أقول أنها أداة بيد زوجها يفعل بها ما يشاء دون أن يترك لها حق القول والفعل والتقدم والتطور، ولستُ من الذين عقدوا حاجبهم أمام المتزوجات كونهن لا يفهمن أمراً غير المطبخ والبيت وحاجيات أطفالهن، أنا أؤمن بأهمية الزواج لمن تستطيع أن تجد رجلاً يناسبها بفكرة أن كل شخص هو كون بذاته يلتقي بكون آخر ويشكلان كوناً ثالثاً متناسقاً قوياً يعي متطلبات كل مرحلة ويسيران معاً، ولكن..

إن لم تتزوج الفتاة فلا يعني ذلك أنها لا تصلح لأمر الزواج، فكثير من غير المتزوجات يجدن الحديث اللبق والفهم الكافي لمرحلة الزواج ويحلمن لو كنّ يوماً ما أمهات أطفال مشاكسين عباقرة يشبهونها أو يشبهون شريك حياتها، وهي تملك أيضاً مطعماً جميلاً في قلبها تعرف كيف تحب ومتى ومَن، وتحمل مطعماً لذيذاً في بيتها وتعدّ أشهى الأطباق والحلويات والمشروبات، وتعمل خارج البيت وتتألق وتعلم كيف تنظم وقتها، ولكن..

على غير المتزوجة ألا تقذف عقول المتزوجات، أنا لم أتزوج بعد ولكني أذهب الى أعراس صديقاتي وأرقص معهن وأمارس الفرح وأحياناً أكون كما أم العريس أو أم العروس في التحضير لمتطلبات أعراسهن، وأهتم كثيراً بصديقاتي اللواتي يحملن في أرحامهن أجنّة جميلة من عطاء الله، وحين يضعن حملهن أذهب الى زيارتهن وأحمل الهدايا وقلبي يتراقص فرحاً لهن حين أراهن يحملن أبناءهن وكأنهن امتلكن الدنيا بهم، وحين أمشي في شوارع المدن يلفتني لباس الأطفال الأنيق، صغير في حجمه كبير في معناه، فمَن تملك طفلاً تملك عائلة جميلة، ولكن..

مجتمعي لا يرحم غير المتزوجة ويظلّ ينعتها بالعزباء أو يشكك في أمرها، يظن أنها تملك مشاكل ما تمنعها من الزواج، قد تكون مشاكل نفسية كأن تكون متكبرة على الناس او لا تثق بأحد، أو مشاكل جسدية تخفيها عن الناس، وربما تكون غير المتزوجة هي الأجمل من بين صديقاتها المتزوجات، ولكن..

مجتمعي لا يرحم المتزوجة أيضاً، فإذا تزوجت الفتاة يظل الناس يتابعون بطنها ما إن كانت حاملاً أم لا، وإذا قررت تأجل الحمل يقولون إنها "عاقر"، فتضطر المرأة لأن تحمل حتى تسكت أفواه الناس وأقربائها خصوصاً، وإذا أنجبت أنثى يردد لها الناس "الله يعوض عليكي" وكأن عوض الله يكون بالذكر فقط، فيما إذا أنجبت ذكراً سيرددون "أنجبي لها أخاً أو أختاً"، وإذا رأوها تبكي سيقولون "متطاوشة مع زوجها أو حماتها" وعلى هذا المنوال تمضي حياة بعض المتزوجات، ولكن..

صديقاتي الجميلات، لكل حواء، هنيئاً للمتزوجات زواجهن وأسرتهن، وأهنئ نفسي عدم زواجي بعد، وإذا سُئلتُ لما لم أتزوج سأقول "ربما أملك إجابات كافية عن كل الأسئلة إلا هذا، فالإجابة عند الله وحده وفق أقداره والخير الكامن فيها لنا، فلا داعي للتعميم والمزاودة على بعضنا" ....!