حمدين صباحي.. البحث عن موقع الوصيف من جديد

بالعربي- كتب محمد علاء الدين

بعد فترة من الغياب الإعلامي، ظهر حمدين صباحي يوم 6 كانون الثاني/يناير في مقابلة تلفزيونية تم قطع البث عنها في دقائقها الأولى، ليعلن المذيع أنه تم قطع الكهرباء عنهم، في موقف يجعلك تعلن الاستخفاف بعقلية السلطة الحاكمة التي تجيد ممارسة الحجب والمنع، تأتي أهمية المقابلة للمكانة التي يحتلها حمدين صباحي وسط التيار المدني، فهو إلى الآن الشخصية الأكثر كاريزمية وقدرة على الترويج لمواقفه، ولا يجعل من نفسه لاعقًا لأحذية السلطة كغيره.

هناك حالة خلط عند الأغلبية وهي أن الرئيس وحكومته هم النظام، وليسوا مجرد سلطة من الممكن أن يستغني عنها النظام

هاجم حمدين خطاب إعلاميي السلطة ووصفهم بالمخبرين لدى الأجهزة الأمنية، وإدان الاختفاء القسري، وطالب بالحرية لكل سجناء الرأي، وأكد أن البلاد ما زالت تعيش الفقر والفساد والاستبداد والتبعية، وقال "دم الإخوان اللي في رابعة هو دم مصري وكل الدم حرام، والدم اللي في رابعة يوجعني ويوجع ضميري، وطريقة فض الاعتصام لم يكن فيها مهنية أو احترام للروح الإنسانية"، و أنه ليس مع إسقاط النظام الحالي لأنه لا يوجد بديل له حاليًا.

كلام صاحبي إثار غضب داعمي سلطة السيسي الذين رفضوا موقفه من رابعة، إلى جانب جمهور الإخوان الذي هاجمه بسبب ما وصفه بدعمه سابقًا لفض اعتصام رابعة ومشاركته في انتخابات رئاسة مابعد "30 يونيو"، وحتى عدد من نشطاء معسكر ثورة "25 يناير" وصف ظهوره بأنه لتلميع النظام وتحضير حمدين للعب دور مستقبلي.

ما يتم تجاهله أن أحد أبرز شعارات ثورة "25 يناير" هو "الشعب يريد إسقاط النظام" لم يعمل من أجله أحد بشكل واقعي. النظام واحد بسلطات متعددة، في كل مرة كان الحراك الشعبي يتم إنهاؤه قبل أن يتطور ويشمل النظام، هناك حالة خلط عند الأغلبية من الجمهور في أن الرئيس وحكومته هم النظام، وليسوا مجرد سلطة من الممكن أن يستغني عنها النظام للحفاظ على نفسه.

على الرغم من أن حمدين صباحي يعود إلى الساحة السياسية بحثًا عن دور الوصيف الذي فشل في تحقيقه في انتخابات ما بعد "25 يناير"، وانتخابات ما بعد أحداث "30 يونيو" أيضًا، ومواقفه دائمة التذبذب والتمييع، وأنه لا يستطيع إعلان موقف صريح حاسم، لكن هذا سقفه الذي ربما لا يمكن أن نطالبه بتجاوزه، وفي ظل الوضع السياسي المأزوم التي تعاني منه معارضة الداخل، يكون قطع العلاقة مع صباحي وغيره مما يعرف بالتيار المدني الديمقراطي خسارة كبرى، خصوصًا أنه من الممكن الدخول معهم في تحالف مرحلي يكون من أهم مطالبه الإفراج عن المعتقلين وإسقاط قانون التظاهر، والحفاظ على هوامش حرية نستطيع من خلالها تبادل الأفكار والآراء، والتصدي لسلطة فاشستية يتزعمها عبد الفتاح السيسي، ويديرها عباس كامل لتفصيل الحياة السياسية والمناخ العام على مقاس معسكر الموالاة فقط لا غير.