كاميرا "مصور الشهداء" تتوارى قليلا عن ميادين الشهداء

بالعربي_كتب: علاء دراغمة

منذ الأيام الأولى للهبة الشعبية، حمل طالب الصحافة احمد جحاجحة، 23 عاما، من مخيم قلنديا، كاميرته ولاحق كل حدث في المخيم، خاصة سقوط الشهداء، ووثق لحظات غيابهم القاسية، ووزعها على وسائل الاعلام، دون ان يعلم أحد ان هذا الصحافي الشاب الواحد سيتحول الى الحدث التالي الذي سيسعى العديد من زملاءه الى توثيقه..
وبعد استشهاده، قيل عنه: "شهيد يصور شهيد وهو يدفن شهيد" حيث قام احمد بتصوير الشهيد محمد عليان زميله في الكلية وهو يقوم بالمشاركة بدفن الشهيد الطفل احمد شراكة من مخيم الجلزون.
"احنا منقاوم عشان نعيش.. كل اكم يوم في شهيد في المخيم ولازم نغطي كل اشي بصير.. عشان نوصل الرسالة صح" .. تلك كانت اخر الكلمات التي قالها لي الشهيد احمد جحاجحة اثناء تشييع جثمان الشهيدين احمد ابو العيش وليث مناصرة.
خبر عاجل: استشهاد شابين من مخيم قلنديا بعد قيامهما عمليتا دهس متفرقتان وخطف جثمانيهما، هذا كان اخر خبر قد سمعته عن احمد.
تجمع ابناء مخيم قلنديا على مدخل المخيم لاستقبال جثمان احمد الذي استشهد في السادس عشر من كانون اول الماضي، والذي افرجت قوات الاحتلال عن جثمانه مساء اليوم.
"انا ما كنت اعرف انهم اخذوا الجثمان، قالولي انو تصاوب، بالأول رحت عالمستشفى ما لاقيته رجعت عالبيت، قالولي انه استشهد واخدوا الجثمان، صرت اصرخ والله نفسي اشوفه واتأكد انه استشهد بعيني، وادفنه بإيدي" تصرخ والدة الشهيد أحمد جحاجحة وتنظر إلى "كاميرا وكمامة غاز وجاكيت صحافة" وهي المعدات التي تركها ولدها بعد استشهاده.
احمد ابن مخيم قلنديا شمال القدس، كان طالباً في قسم الصحافة والمتوقع تخرجه نهاية الفصل القادم في الكلية العصرية الجامعية.
كان أحمد يعيش مع عائلته اللاجئة من قرية ساريس المهجرة عام 1948 ، العائلة الحزينة الآن فقدت أصغر أبنائها، والمكونة من والده حسن جحاجحة، 54 عاماً، العاطل عن العمل ووالدته وأخوته علي ومحمد، وأخواته الخمس.
علمت العائلة عن استشهاد ابنها حين أعلنت مصادر "اسرائيلية" ان احمد استشهد بعد إطلاق قوات الاحتلال النار عليه بعد قيامه بدهس مجموعة من الجنود خلال اقتحامهم للمخيم
ويقول الشاب محمد ابو اصبع ،23 عاما، أحد أصدقاء الشهيد: "فقد أحمد السيطرة على السيارة التي كان يقودها عندما شاهد مجموعة من الجنود يصوبون اسلحتهم باتجاهه، فاصطدم بحافة الشارع، طلب منه الجنود الترجل من المركبة وقاموا فوراً بإعدامه بدم بارد وما ينفي الرواية "الاسرائيلية" عدم وجود قطرة دم واحدة داخل السيارة أو في مقدمتها"
ويضيف: مع بداية الهبة الحالية استعرنا انا واحمد سترتين خاصتين بالصحافة وكتبنا عليهما صحافة باللغة الانجليزية حتى نستطيع العمل بأريحية.
ويستفقد أبو أصبع صديقه المقرب في تشييع جثامين الشهداء التي سلمتهم قوات الاحتلال في الآونة الاخير في المخيم، اذ اعتاد الاثنان تغطية المسيرات والجنازات معاً في المخيم وفي مدينة رام الله.
وقد عرف احمد منذ بداية الهبة الحالية ب"مصور الشهداء" لأنه كان دائم المشاركة وتوثيق الجنازات في المخيم.
وكان يخطط في الأيام الأخيرة قبل استشهاده لتصوير فيلم يوثق فيه انتهاكات الاحتلال ويروي بعض من قصص الشهداء في المخيم، فلا بد من تسخير كل الجهد والوقت للدفاع عن الوطن فلكل منا واجب عليه أداؤه.
وتقول والدته سارة جحاجحة ،51 عاما، وهي ربة منزل: "قلتله تصبح على خير عالساعة 11 ودخلت انام وهو مثل كل ليلة بطلع بالليل يشتري بزر وبروح عالقهوة يلعب شدة مع اصحابه بس في هاي الليلة كان في جيش بالمخيم وقتلوه."
ونفت الوالدة ادعاء الاحتلال بأن يكون ابنها قام بعملية الدهس وتقول: "كتير بقولوا عن عمليات الدهس ودايما بوقفو الشباب وبقتلوهم عالحواجز وبلفقولهم نفس التهمة كلو كذب بكذب، وابني لم يكن ينتمي لأي تنظيم سياسي، ولم يسجن او يطلب للاحتلال وفي كل رمضان كان يحصل على تصريح للعبور للأراضي المحتلة."
وتقول شقيقته ميسون جحاجحة ،27 عاما، مشرفة في مركز اطفال: لقد قمنا بالاتصال مع الارتباط العسكري الفلسطيني للتنسيق مع الارتباط "الاسرائيلي" لتسليم الجثمان.
وتضيف: هذا دور الرئيس محمود عباس ويجب عليه الضغط على "الاسرائيليين" لتسليم جميع جثامين الشهداء لدفنهم بين بكرامة بين اهاليهم.
وكان قد استشهد في نفس الليلة الشاب حكمت حمدان ،29 عاما، أب لطفلين. اتهمته قوات الاحتلال ايضا بانه حاول تنفيذ عملية دهس خلال اقتحام الجنود للمخيم وقامت باختطاف جثمانيهما.