في يدنا 3 أشهر لتخليص الطفل مناصرة من العذاب !

بالعربي- كتبت رولا حسنين: 

أكاد أجزم أن كل الفلسطينيين شاهدوا كل مقاطع الفيديو التي نُشرت عن الطفل أحمد مناصرة، ابتداءً من فيديو محاولة الاحتلال قتله عندما دهسته سيارة شرطة الاحتلال في القدس بتاريخ 12 أكتوبر الماضي، وتركه ينزف دون اسعاف، وكيل من الشتائم التي انهالت عليه كرصاصات في جسده، مروراً بصورة لأحمد عُرضت له وهو يبتسم داخل أول محكمة احتلالية تُعقد له، فظن الكل أن الطفل أحمد ابن الـ 13 عاماً، يبتسم ليقهر الاحتلال، متغافلين أن بسمته في حقيقتها كانت بعد أن شاهد والده لأول مرة بعد كل رحلات التنكيل به داخل مستشفى الاحتلال وسجونه، ليظهر لنا أحمد بعد يومين بالتحديد في وجه شاحب وعيون يحفّها اللون الأسود، مرتدي زيّ أسرى سجون الاحتلال، هنا كانت حقيقة أحمد، في صورة نهائية لمجمل المعاناة التي لاقاها على يد الاحتلال.

أحمد وهو يرقد في مشفى سوروكا العسكري، كان يطلب من محاميه طارق برغوث على الدوام أن يبقى بجانبه، بعد أن منع الاحتلال أهله من رؤيته أو الاطمنئان عليه، وكان دواعي طلبه هذا يتجلى في أنه يتعرض للتهديد والوعيد من سجانيه وحراسه بعد أن يبقى وحيداً مكبلاً في سرير إصابته.

حاول الاحتلال أن يظهر لنا انسانيته في فحوى فيديو سربه مكتب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عندما التقطوا بشكل سري الفيديو لمحاميه برغوث وهو يطعمه، لأن يده اليمنى مكبلة بالسرير، والأخرى لا يستطيع تحريكها بشكل اعتيادي نتيجة الاصابة التي تعرض لها على يد شرطة الاحتلال، أخفوا ملامح المحامي وخرجوا بالفيديو على أنهم يطعمون الفتى مناصرة ويداوون له جراحه، ليُعرض أمس مقطع فيديو مسرب، لثلاثة محققين وهم يتهجمون على الطفل أحمد يطالبونه بالاعتراف على أنه كان ينوي طعن مستوطنين برفقة ابن عمه الشهيد حسن مناصرة (16 عاماً)، الذي استشهد في ذات اليوم برصاصات الاحتلال وعلى ذات التهمة.

"مش متذكر" هي الكلمة التي كررها أحمد أمام المحققين، لأن اصابته كانت في الرأس وعلى منطقة الذاكرة تحديداً، بعد هذا الفيديو انقسم الشعب ما بين باكياً على ما يتعرض له أحمد، ومستعرضاً لبطولة طفل صمد أمام تحقيق السجان ولم يعترف الا بقول "مش متذكر..أنا مصاب في رأسي على يدكم، لا أذكر شي"، في حين توحدت القيادة كلها ولأول مرة بعد سنوات طوال، توحدت في صمتها أمام جريمة الاحتلال بحق أحمد مع التأكيد أنه ليس الأول ولن يكون الآخر ما دامت القيادة صامتة، بل ربما توحدت القيادة أيضاً في ذات السؤال "كيف تم تهريب الفيديو من داخل غرف التحقيق؟"، ويا ليتها لم تتوحد اذا فهمت نداء الشعب بالوحدة على هذه الشاكلة.

أجل أحمد قسم الشعب، ما بين باكياً على حال أحمد ولاعناً على صمت القيادة، وما بين شباب منتفض ثأر لأحمد في اليوم التالي من عرض فيديو اصابته والشتائم عليه، كما فعل الشهيد بهاء عليان والأسير المصاب بلال أبو غانم، اللذان نفذا عملية اطلاق نار وطعن في حافلة للمستوطنين قرب جبل المكبر في القدس المحتلة، قتلا فيها 3 مستوطنين وأصابوا أكثر من 20، ليشاطرهم الثأر ابن جبل المكبر علاء أبو جمل بعملية دهس وطعن في القدس ضد مستوطنين، بفارق 3 دقائق فقط مع عملية بهاء وبلال، وبعد فيديو أمس "التحقيق مع أحمد" قد نجد توأمة ثأر آخر.

قانونياً.. أحمد مناصرة يجب أن يكون اليوم في حضن والدته، ويجب ألا يخضع لأي سجن بأي تهمة، لأن عمره لم يتجاوز الـ 14 عاماً، العمر الذي حددته المحكمة الدولية ليكون العمر الذي يسمح بمقاضاة أي طفل دون تعريضه للتحقيق أو التعذيب، أحمد بقي له 3 أشهر ليبلغ الـ 14 عاماً، أي أنه في يدينا 3 أشهر لتخليصه من سجون الاحتلال، فاعملوا على حريته حتى لا يضيع بقية عمره، أحمد لأنه فلسطيني تتخلى عنه المحافل الدولية وتتنكر له كل قوانين العالم كما تخلت عنه قياداته الفلسطينية، أحمد لأنه طفل في سجون الاحتلال لم نرَ أي حراك دولي أو أممي للافراج عنه، كما شاهدنا تحركات أمريكا والامم المتحدة مطالبة المقاومة في غزة بالكشف عن مصير الجندي"هدار جولدن" أثناء العدوان الصهيوني على قطاع غزة صيف عام 2014، لنجد أن العالم يعمل ضمن قاعدة جديدة وهي "برهان براءة الطفل أحمد يدينه، وبرهان اجرام الجندي الاحتلالي يبرئه"!.