المواطن العربي.. ممنوع عليك حرية التعبير!

بالعربي-كتبت ريم خليفة: 

منذ تموز/يوليو 2013 وبلدان المنطقة العربية شهدت متغيرات في الساحة السياسية لعل أهمها تشكيل تحالفات إقليمية بين مجموعة من البلدان لقمع الحراك المطلبي لمجتمعات مازالت محرومة من حق التعبير ومن حق التظاهر ومن حق أن تمارس حقوقا مدنية وسياسية بشكل مفعل وليس لأجل الاستهلاك الإعلامي.

فمنذ سقوط حكم الإخوان في مصر والمنطقة العربية تتجه إلى منحى أكثر انغلاقا عما كان في مقابل استمرار المشهد الدموي على يد التنظيمات الإرهابية المسلحة وصولا إلى افتعال حالة الحروب والنزاعات التي تمزق كل بلد عربي.

هذه النزاعات التي دفعت بالشعوب للجوء لأوطان الغرب الذي مازال داعما لأنظمة قامعة وصامتا أمام انتهاكات حقوق المواطن العربي الذي ممنوع عليه من كل حق في التنفس بحرية.

ولن يقف الأمر عند هذا الحد بل ان النزاعات في المنطقة أخذ في  غالبها الطابع الطائفي  المفتعل لأجل مقاومة التغيير السياسي ولاجل اشغال الشعوب بقضايا أخرى بدلا من طرح قضايا تتمثل في الرأي الآخر و التمثيل السياسي وغيرها.

ولهذا فان حرية التعبير في البلدان العربية تمثل واحدة من أهم التحديات لأنها تعتبر الركيزة الأساسية التي تقوم عليها كل حرية أخرى، بل وتمثّل وسائل الإعلام الحرة والتعددية والمستقلة شرطاً أساسياً لممارسة هذه الحرية، كما ورد في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وتعد هذه الحرية ساعداً أساسياً في بناء مجتمعات سليمة.

لكن ماذا عن مجتمعاتنا التي مازالت تعيش بعقلية لا تعترف بالاختلاف في الرأي ، مستخدمة بذلك المال والسلاح في حلول أمنية أو عسكرية لإخماد أي صوت ومعاقبة كل من يختلف معها.

لقد ذُهل العالم من مشهد ملايين العرب ممن يخرجون إلى الشوارع في المسيرات السلمية منذ مطلع العام 2011. ولكن للاسف لم  يتغير من هذا المشهد كثيرا عدا في تونس، هذا البلد الذي مازال يعد بارقة أمل في منطقة تكتظ بالاضطراب السياسي و المواطن العربي مازال خاضعا ً لمزاج أنظمة سياسية لا تؤمن بحرية التعبير.

كما ان  السذاجة في العمل السياسي وقلة الوعي بأهمية حرية التعبير و دور المجتمع المدني المستقل، احدثالانفصام في مسألة التحول أو حتى الانتقال إلى مجتمع حر كما حدث في ليبيا مثلا. وبدلاً من ذلك أصبح هناك حنين لعودة الاستبداد وبصورة قد تكون أسوأ من سابقها.

إن حرية التعبير هي إكسير الحياة والبقاء للمجتمعات الحيوية، وإن حق الفرد في إبداء الرأي والتعبير عن مواقفه وقناعاته الفكرية والسياسية والدينية، هو حق عيني مادي محسوس وليس حقاً غائباً متجاوزاً، ذلك أن علاقة الفرد بالمجتمع علاقة مباشرة محسوسة، تفرض فيه المساهمة بالرأي والنصيحة لكل الأفراد الآخرين، حاكمين ومحكومين.

واستبعاد ذلك عبر وسائل شتى لن يخلق مجتمعاً تعددياً حراً، ولكن سينتهي الأمر إلى مزيدٍ من البطش والقمع والانقسام الذي يتفشّى فيه الاضمحلال السياسي داخل المجتمع، الذي يصبح عاجزاً عن خلق التغيير، وقابلاً لسياسة الإخضاع والاستعباد السياسي. ولذا ونحن على وشك أن نودع العام 2015  مازال المواطن يعيش في فلك الممنوع الذي يحرمه من حق العيش بأمن وبكرامة.