ثورة ” القمامة”.. مرحلة اخرى لشارع العربي

بالعربي_كتبت ريم خليفة  :  شدت مظاهرات بيروت الاخيرة انظار العالم الى نوعية الاحتجاج الذي انطلق في وسط العاصمة اللبنانية وتحديدا في ساحة الشهداء، اذ وقف ناشطون يوزعون على الوافدين أعلاما لبنانية كتب عليها “طفح الكيل”، بينما ارتدى العديد من المتظاهرين والمنظمين قمصانا قطنية بيضاء كتب عليها “طلعت ريحتكم” وهو الشعار الأساسي الذي انطلقت منه الحملة منذ نهاية تموز/يوليو الماضي. ولقد امهل المتظاهرون اللبنانيون امس الاول ( السبت) في 30 اغسطس/ آب 2015 خلال مظاهرة حاشدة  الحكومة اللبنانية 72 ساعة لتحقيق مطالبهم وهددوا بالتصعيد في حال لم يتم ايجاد حل لمشكلة النفايات والتنديد بـ”فساد” الطبقة السياسية، والمطالبة بتأمين أهم الحاجات الحياتية.

بعض المرقبين اعتبر ما يحدث حاليا في بيروت بمثابة مرحلة جديدة لاطلاق الاحتجاجات في الشارع العربي. لكن هذه المرة لم يحرق شاب نفسه بل خرجت رائحة النفايات لتعلن بشكل صريح وبالشعارات  طلب ” تكنيس ساسة لبنان” وفسادهم  الذي حول بيروت الجميلة الى بيروت القمامة. وحمل المتظاهرون الذين يهتفون بين وقت لاخر ” ثورة…ثورة ” لافتات هاجمت المسؤولين واصفة إياهم ب”الزبالة” التي مل منها الناس مع تراكم النفايات وانقطاع مستمر للكهرباء.
الملاحظ ان هذه المظاهرة وحدت الشارع اللبناني اذ عكست مشاركة واسعة من قبل جميع طوائف المجتمع مع الاصرار على رفع الأعلام الوطنية لا غير في وسط بيروت. هذا الحراك  الذي وحد الشارع بعد الدعوة التي اطلقت من قبل ناشطيين في المجتمع المدني تتهم الطبقة السياسية في لبنان بالعجز عن تامين ادني متطلبات المواطن.
وبحسب  التقارير الدولية فان لبنان يعاني من انقطاع مستمر في التيار الكهربائي منذ انتهاء الحرب الأهلية قبل 25 عاما، ومن بطالة وبطء في المعاملات الإدارية وديون عامة تبلغ حوالى سبعين مليار دولار.
والمتتبع للخبر اللبناني يلحظ  ان القادمين إلى وسط العاصمة اللبنانية  أتوا من مناطق مختلفة وهم ينتمون إلى طوائف متعددة، وهي ظاهرة نادرة في بلد مازال يعاني من انقسامات سياسية وطائفية حادة. بينما شاركت اعداد كبيرة من الفنانين المتظاهرين من بينهم  الفنانة باسكال صقرعبر مكبرات للصوت مؤدية بصوتها الشجي ” صوت الجوع لما الناس يجوعوا، أقوى كتير من صوت المدافع″ بينما وقف الفنان االمعروف لدعمه المستمر لقضايا الحرية والانسان في العالم العربي مارسيل خليفة متضامنا مع المتظاهرين وملتقطا ” سلفي” معهم خلال الاحتجاج.
المتظاهرون الشباب عبروا  بشكل واضح سقوط اقنعة الساسة في لبنان فكثير جاء ليطالب بحقوق خدماتية غير متوفرة كالاستشفاء والكهرباء وببلد نظيف وهو ما قالته احدى المتظاهرات لفرانس برس ” لم انتخب مرة في حياتي، ولن انتخب إلا متى رأيت طاقما سياسيا جديدا ونظيفا.
ويمكن القول بان لبنان لا يتحرك اليوم شارعه عبر تظاهر حزبية ولكن تحرك كتظاهرة وحدوية ووطنية لمت شمل البيت اللبناني .اذ تنوعت المطالب من الداعية لحل لأزمة النفايات إلى المطالبة بتأمين الكهرباء والماء إلى إسقاط النظام الطائفي وانتخاب رئيس للجمهورية واستقالة المجلس النيابي، وصولا إلى حل لقانون الإيجارات.
ان ما يحدث في لبنان يعبرعن حراك مطلبي اخرعما صاحب ثورات واحتجاجات الربيع العربي .وذلك في حال تخاذلت او تكاسلت الدولة عن توفير ابسط حاجات الانسان اليومية او في حال رفعت الدعم وطبقت نظام الضريبة في حال غياب التمثيل السياسي الحقيقي. وهو ما يعني ان المنطقة مقبلة على احتجاجات قد تتجه الى منحى يتعلق بالبيئة وبالامن الغذائي والمائي.