في تونس تحرش جنسي واغتصاب للأطفال... دون عقاب !!

بالعربي: من مركز الرعاية إلى سوق الدعارة”، هكذا تلخص هيفاء مسار حياتها بعد أن تعرضت لاعتداءات جنسية طيلة أربع سنوات من قبل مدير مركز رعاية أطفال كان يأويها.

والعقوبة كانت حبسه لستة أشهر، صدر الحكم ضدّ من تتهمه ملاك باغتصابها في قضية رقمها (ب332/10، وهي قضية دعارة، بعد أن أتلفت عن جهل عائلة الضحية أدلّة الإدانة، وبات ملفّ القضية شبه فارغ من قرائن الملاحقة القضائية.

بين إهمال إداري ثغرات قانونية وجهل عائلة المعتدى عليها بكيفية المحافظة على دليل الإدانة، تتفشى الاعتداءات الجنسية بحقّ أطفال في تونس ويفلت عدد كبير من الفاعلين من العقاب.

قضيتا ملاك و هيفاء تندرجان ضمن سلسلة اعتداءات جنسية ضد قصّر تضيع حقوقهم نتيجة ثغرات في مجلة (قانون) حماية الطفل الصادرة عام 1995 والقانون الجزائي 1913. يفاقم هذه الظاهرة تأخر الإشعار بوقوع الجريمة “غياب الجدية اللازمة من سلطة الإشراف حسبما توصل إليه معد التحقيق بعد عامين من التقصي.

فخلال السنوات الثلاث الماضية، تلقت مندوبية حماية الطفولة بوزارة الطفولة 773 إشعارا بتعرض أطفال لانتهاكات جنسية – زنا محارم، تحرش جنسي واغتصاب.لكن أقل من نصف هذه الاشعارات وجدت طريقها إلى أنظار المحاكم التونسية، ما ينذر بخطر اتساع دائرة الأطفال المتضررين من هذه الجرائم وإفلات المجرمين من العقاب.

في عام 2013 وحده، أحالت مندوبية حماية الطفولة 230 قضية إلى المحاكم من بين 332 إشعارا بتعرض أطفال للاعتداء الجنسي. وأصدرت المحكمة الابتدائية بتونس 146 قرارا بالإدانة، بواقع 63 % من مجمل القضايا المحالة. أما الشكاوى المتبقية، فارتأت المحكمة عدم الاستماع الدعوى

تعليق الشكاوى وضعف الحسم القضائي يعود إلى وجود “ثغرات قانونية” يتقاطع مع جهل ذوي المعتدى عليهن بخطوات حماية أدلة الجريمة من الطمس في الساعات الأول عقب الاعتداء.

القاضية في قضاء الطفل المهدد والجانح أسمهان بوذريوة تشير إلى أنّ “العديد من الفتيات والفتيان يتعرضون للاغتصاب ولكنهم لا يتمكنون من إثبات هذه الجريمة النكراء التي تتواصل تداعياتها النفسية والاجتماعية عليهم طيلة حياتهم”.

وتستحضر حياة الورتاني الأخصائية النفسية في مركز الاستماع لضحايا العنف – التابع للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات- حال الفتاة بثينة التي تعرضت للاغتصاب مذ كانت في التاسعة من عمرها. وهي لا تزال تعاني اليوم من انعكاسات نفسية، تتمثل في “الرهاب الاجتماعي” واضطراب السلوك، رغم بلوغها حاليا سن الثامنة والعشرين.

فرغم توقيع تونس علىالـ 12 اتفاقيات الدولية الخاصة بالأطفال، وسنّ قوانين محليّة عديدة لحماية الطفل (أنظر المؤطر)، إلا أن ذلك لم يحل دون ارتفاع عدد الانتهاكات المسجلة ضدّ أطفال خصوصا في مسألة الاعتداءات الجنسية.

فحالات الاعتداء الجنسي المسجلة على أطفال – ذكورا وأناثا- قفزت من 152 في 2012 إلى 332 في 2013، وبواقع 56 %. وهو ارتفاع يفسره مهيار الحمادي المندوب العام لحماية الطفولة، بأنه ناتج عن حالة الفوضى التي تعيشها البلاد إضافة إلى مناخ الحرية الذي سمح بالتطرق للموضوع.

ذات الوتيرة استمرت عام 2014 بواقع (331 حالة إشعار)؛ أرقام تعزوها جهّات قضائية وحقوقية إلى الإهمال الإداري وضعف القانون القاصر عن ملاحقة المعتدين، إلى جانب إتلاف أدلة الاتهام “بسبب جهل الضحية واهلها بكيفية الحفاظ على آثار الجريمة” كل ذلك يكرّس نهج الإفلات من العقاب.

عقدة المكافحة (المواجهة)

أولّ العوائق التي تحول دون إنصاف الضحية وملاحقة المجرم تبدأ بـ “الجانب الإجرائي” في إثبات التهمة والذي تصفه مصادر قضائية تونسية بالمسار المعقّد، بخاصَة فيما يتعلق بـ”المكافحة” بين الطفل “الضحية” والمتهم (مواجهة تحدث بدون وجود أخصائي اجتماعي ونفسي).

ذلك أن المقابلة تحصل بين الضحية الطفل والمتهم حصرا ودون حضور طبيب نفسي الأمر الذي يؤدي في الكثير من الحالات إلى تراجع الضحية عن أقوالها.

إذ أثبتت التجارب أنّ اضطرابا نفسيا يحصل للضحية القاصر لدى مواجهة الجاني المفترض ما قد يفضي إلى تغيير الأقوال وتبديل الإفادات وبالتالي إسقاط التهمة عن المتهم.

القاضية أسمهان بوذريوة تتحدث لمعد التحقيق عن قصة “طفلة” تعرضت للاغتصاب ثم غيّرت أقوالها – الواردة في تسجيل الشكوى- لدى “مواجهتها” مع مغتصبها، الذي عمد إلى “إرهابها” من أجل دفعها إلى التراجع عن أقوالها. لكن هذه القاضية “تدخلت لمنعه وحذرت المتهم من ممارسة ذلك السلوك”.

إنصاف الفتاة بمطرقة القاضية أسهمان بوذريوة كاد أن يغيب عن قضيّة الطفل “س” الذي تعرض لاغتصاب من قبل جاره – وتعهد بها القضاء التونسي في 2009- ثمّ تعرض للتهديد منه لدى “مواجهته” أمام قاضي التحقيق، ما أسفر عن عدم سماع الدعوى في مرحلة أولى.
إلا أنَ القاضي – وفق رواية مهيار الحمادي الذي اعتذر عن تقديم تفاصيل تتعلق بالضحية – أصرّ على متابعة الملفّ وطلب من مندوبية حماية الطفولة تقريرا نفسيا -وفق ما كشفه مهيار حمّادي مندوب حماية الطفل للمحقق.

وتوصل التقرير إلى أن تراجع الطفل “س” عن أقواله سببه “حالة الخوف” و”استحضار العنف الذي تعرّض له في الاغتصاب” ليقع الحكم في وقت لاحق بادانة المتهم وسجنه لـ 5 سنوات مع النفاذ.

رغم الحالتين المذكورتين إلا أنّ هذا السلوك المبادر يبقى فرديا ولا ينسحب على سائر حالات المواجهة وفق ما أفادة مهيار حمادي الذي يقرّ بانّ “المواجهة” تمثّل إشكالا نفسيا وإجرائيا قد يعيق في الكثير من الحالات حيثيات تتبع الجناة.

ويعترف المسؤول أنَ معاملة الطفل كراشد في الجانب الاجرائي المتعلق بقضايا الاغتصاب، وتحديدا مسألة عرضه على “المواجهة” مع المتهم بالاعتداء عليه يتسبب في الكثير من الأحيان بتراجع الضحية عن اقواله بعامل الخوف.

لم تستفد تونس من تجربة فرنسا وكندا في جزئية مواجهة المتّهم القاصر والضحية في قضايا الاغتصاب والاعتداء الجنسي، إذ يعتمد كلا النموذجان(الفرنسي والكندي) على آليات تتضمن الاستماع للطفل ضحية الاعتداء الجنسي مرة واحدة فقط بحضور مختص نفسي، إضافة إلى تسجيل أقواله أثناء استماع القاضي لها واعتمادها في مجريات القضية.

راشد عند “المكافحة” قاصر عند “الشهادة”

المفارقة في هذا الصدد أنّ ذات المشرع الذي يتمثل “الطفل” كراشد خلال المواجهة، يسحب منه هذا الاعتبار خلال الاستماع اليه حيث يعود الطفل الأقل من 13 سنة إلى حالة “القصور” التي لا يعتد باقواله كشاهد أمام قاضي الطفولة.
يضاف لذلك تطبيق ما تضمنته الفصل 72 من مجلة الاجراءات الجزائية (انظر المؤطر2) . وهو ما يعني المكافحة، حيث يوضع الطفل الضحية أمام المضنون فيه لمواجهة تصريحات كل منها.

توصّل معد التحقق إلى قضيّة اغتصاب جنسي حدثت في 2009 بطلها معتد جنسي في عقده الرابع، قام باغتصاب ابن جيرانه الذي لم يتجاوز 11 من عمر. اللافت أنّ المعتدي كاد أن يفلت من العقاب لأن الضحية لا يعتد بشهادته ما لم يصحبها دليل، وكادت القضية أن تغلق دون ملاحقة المتهم.

إشكال يفسّره المتحدث باسم وزارة العدل سفيان السهيلي بأنّ شهادة الطفل غير كافية في الغرض وأيّ تعارض في رواية الضحية حتّى وإن كانت في بعض التفاصيل ينتهي بنسف الرواية من الأساس.
ويقر السهيلي بمعضلة الإجراءات الجزائية بالمحاكم التونسية التي تجبر الطفل على رواية تفاصيل الاعتداء عليه أكثر من أربع مرات كحد ادنى.

إتلاف دليل الإدانة

إشكال ثان يعاضد إشكالية “قصور الطفل الضحية” عن الإفادة والشهادة وهو إشكال تغييب الأدلة وإتلافها بسبب جهل الضحية والأهل على حدّ السواء.

يكشف مندوب حماية الطفولة بتونس أنيس عون الله لـ “المحقق” أنّ عددا من القضايا أغلقت دون الوصول إلى أي نتيجة بعد تغييب الضحايا للأدلة بصفة اعتباطية من طرف الضحية”.إذ أنّ المحكمة الابتدائية بتونس قضت في 2013 بعدم سماع الدعوى في أربع قضايا اغتصاب أطفال نظرا لإتلاف دليل الاثبات بعد اغتسال الضحايا وغسل الثياب قبل الذهاب إلى قسم الشرطة.

وهو الأمر الذي يقرُه سفيان السليطي المتحدث باسم النيابة العمومية في العاصمة، الذي يؤكد أن جلّ قضايا الانتهاكات الجنسية التي ترفع للقضاء التونسي تفتقد للأدلة بسبب استحمام الضحية وغسل مناطقه الحساسة ما يسفر ذلك عن إزالة السائل المنوي الذي يمكن استخدامه كدليل، سواء بالحصول عليه من جسم الضحية أو من ثيابه قبل غسلها”.

ويرى السليطي أن تغييب الأدلة يحيل ملفات القضايا إلى ملفات فارغة” عاجزة عن تتبع المتهم الأمر الذي يفسّر التباين القائم بين عدد الإشعارات التي تصل إلى المندوبية والقضايا المرفوعة في المحاكم التونسية إضافة إلى عدد القضايا التي يبت فيها القضاء التونسي بالبراءة للمظنون فيه.

في هذا السياق، تندرج قضية “ملاك” – التي ادعت بتعرضها للاغتصاب من طرف كهل- التي تأخرت في الإشعار بوقوع الجريمة حيث أنَها بقيت نحو 6 أشهر صامتة قبل التوجه إلى النيابة العمومية، مدة طويلة كانت كافية لإتلاف دليل الاتهام وتلاشي قرينة الإدانة.

تراخي إداريّ

خلال بحثه الذي امتد بين عامي 2013 و 2014، توصل معد التحقيق إلى وجود تراخي ايداري ضد مسؤولين يشتبه في تورطهم بتجاوزات جنسية، ما أدى إلى إفلات عديد جناة مفترضين من العقاب، ففي 2013 اعلنت وزيرة المرأة سهام بادي إن مصالح وزارتها احالت أربعة ملفات إلى القضاء تتعلق بمشرفين بمراكز رعاية الطفل تحرشوا جنسيا باطفال أو اغتصبوهم، لكن القضاء التونسي لم تصله أي من هذه القضايا.

يضاف إلى الفراغ القانوني العامل الإداري، إذ تعاني وزارة المرأة والشباب والطفولة من ضعف واضح في متابعة تقارير الانتهاكات الجنسية في مراكز رعاية الطفولة ما يعد ضعفا يصل في بعض الحالات الحالات إلى حدّ التستر على المتجاوزين بحسب ما يكشف هذه التحقيق.

الخطير أنّ التقارير المقدمة إلى الوزارة حول الانتهاكات الجنسية في مراكز رعاية الطفولة مستمرة منذ 2005 إلى حين كتابة هذه الأسطر ولم ترد أي عقوبات إدارية رادعة في حق المنتهكين.
تجربة (هـيفاء) – اسم مستعار- مع التّحرّش الجنسي الذي تعرضت له من قبل مديرها في مركز رعاية الطفولة الذي كانت تقطنه،تضمّنت “قبلة ومداعبة وإيحاءات جنسيّة “إضافة إلى دعوتها لممارسة الجنس”، وفق ما أسرّت به إحدى المشرفات بالمركز المندمج ببن عروس للرعاية لمعدِ التحقيق.

عانت هيفاء – التي تبلغ الآن 18 سنة – من التحرش الجنسي طيلة أربعة أعوام من قبل مدير المركز، وفق تقرير داخلي لوزارة المرأة والطفولة في شهر اغسطس/ آب 2012 اطلع عليه معد التحقيق.

وهي ذات الخلاصة التي انتهى لها تقرير سلمته الأخصائية النفسية بالمركز المندمج للشباب والطفولة في إقليم تونس الكبرى بتاريخ 18 يونيو/ حزيران 2011 لمدير المركز الذي حوله بدوره إلى وزارة المرأة والأسرة – اطلع عليه معدّ التحقيق- إذ جاء فيه : أن مربِ لا يزال مباشرا لعمله في ذات المركز على الرغم من تحرشه طوال أربع سنوات كاملة بإحدى مكفولاته، دون اتخاذ أي عقوبة إدارية أو قانونية في حقّه.

“بأي ذنب” …

سلوك عبد الله،المشرف في مركز رعاية الطفل ببن عروس، الذي تقطنه هيفاء،– المتمثل في المداعبة والدعوة لممارسة الجنس- “يعتبر حسب القانون التونسي من قبيل التحرش الجنسي والذي يعد عملا باحكام الفصل 226 ثالثا من المجلة الجزائية كل امعان في مضايقة الغير بتكرار افعال او اقوال او اشارات من شانها ان تنال من كرامت الشخص او تخدش حياءه وذلك بغاية حمله على الاستجابة لرغباته او رغبات غيره الجنسية أو بممارسة ضغوط عليه من شانها اضعاف ارادته على التصدي لتلك الرغبات وتصل عقوبة جريمة التحرش الجنسي إذا ارتكبت على طفل إلى عامين سجنا وستة آلاف دينار خطية (غرامة) مالية.

المفارقة أنّ عقوبة “عبد الله” اقتصرت إثر صدور نتائج التّحقيق، على الاستجابة لطلب نقلة إلى مركز آخر للطفولة سبق أن تقدّم به في يوليو/ تموز 2011 ومازال يتمتّع إلى الآن بوظيفته كـ”مربّ للأطفال” بعد تجميده عن العمل مدّة 6 أشهر فترة التحقيق، وذلك رغم أنّ تقرير الأخصّائيّة النفسيّة أشار إلى أنّه يعاني من اضطرابات في السّلوك تستوجب ابعاده عن الأطفال.

اقرّت وزارة المرأة والطفولة في منتصف عام 2013 لمعد التحقيق أنَ مراكز رعاية الطفولة البالغة 23 مركزا شهدت 4 حالات اغتصاب واعترفت خلال تحقيق داخلي بأن خمسة مراكز على الأقل سُجّلت فيها حالات تحرش جنسي دون إعطاء رقم محدّد.
4 حالات اغتصاب، كان ضحاياها “أطفال” تكفلهم الدّولة، بعضهم اُغتصب من قبل أترابه وآخرون اغتصبوا ممّن كان يجدُر به أن يرعاهم، وفق تقارير داخلية للوزارة وتصريحات حصرية لمندوب حماية الطفولة تحصل عليها معدّ التحقيق.

ووفق تقريرـ تحصلنا على نشخة منه ـ أعدته لجنة تحقيق داخل الوزارة في أغسطس/ آب 2012 فإنّ بعض حالات الاعتداء الجنسي في مراكز رعاية الطفولة تورط فيها عدد من الأعوان والإداريين بتأمين الغطاء للمعتدين جنسيا على أطفال المراكز موفرين لهم التستّر الكامل على أفعالهم.

المتسترة في قضية الحال هي (ك – ع)، مشرفة وحدة الحياة بالمركز المندمج باقليم تونس، كانت على علم بوقوع تحرش جنسي ضدّ هـيفاء من قبل “عبد اللّه” وتستّرت عليه وفق تقرير الأخصائية النّفسيّة المقدّم لوزارة المرأة.
كما أنَ التحقيق الداخلي للوزارة في 2012 أكد أنَ المشرفين لم يتدخلوا لمنع الاعتداءات الّتي يكون ضحيتها في الغالب من هم دون سن العاشرة على الرغم من علمهم بوجود حالات تحرش جنسي في هذه المراكز.

فعلى الرغم من علم المربّي المداوم بمركز سيدي ثابت يوم الجمعة 20/01/2012 باحتمال تعرض طفل من أطفال المركز إلى الاغتصاب في ذلك اليوم، إلا أنّه لم يتّخذ أيّ إجراء لحمايته. ولم يُقدم حتّى على تغيير غرفة الضحية لإبعاده عن “المغتصبين”، وهو الإجراء الذي اتخذه مدير المركز بتاريخ 23/01/2012 أي إثر مرور ثلاثة أيّام عن حادثة الاغتصاب وفق شهادة رئيسة وحدة التحقيق الخاصة إيناس قرفالة، اكدتها في لقاءات متكرر مع كاتب التحقيق.

مواجهة مع الوزيرة السابقة والحالية

ولدى مواجهة وزيرة المرأة السابقة سهام بادي أكدت أنّ هذا الملف يحظى باهتمام الوزارة، وأنّ عددا من المتّهمين بالتّحرش الجنسي أحيلت ملفّاتهم إلى القضاء والبعض الآخر على مجالس التّأديب”، إلا أنّه لا توجد أي حالة وحيدة تفيد باتّخاذ إجراءات عقابية إدارية ضدّ مرتكبي هذه الجريمة.

ورغم إشارتها إلى أنّ المحاسبة” ستطال من أذنب ومن تستّر على المذنب ولم يقم بدوره”، إلا أن الوزارة تنكر أن يكون هناك “اغتصاب” أو استغلال جنسي للأطفال من قبل المربّين المشرفين عليهم مباشرة نافية أيضا إمكانية وجود تواطؤ بين المشرفين والمعتدين.
تصريحات وزير المرأة السابقة سهام بادي بأنّ الوزارة تتّبع الإجراءات الإدارية المنصوص عليها ضدّ من “أخلّ بواجبه” في حماية الأطفال الضحايا لم تقابله على أرض الواقع أي إجراءات ملموسة فـالأمر انتهى عند لجنة مختصّة أرسلتها الوزارة للبحث عن حادثة المركز المندمج دون أي قرار رسمي بمعاقبة أي طرف من الأطراف المتواطئة في جرائم الاغتصاب”، وفق تصريح مصادر عليا بالوزارة فضلت عدم الكشف عن هوياتها.

معد التحقيق ونظرا لطول فترة العمل على هذا التحقيق التي امتدت لقرابة العامين عاد لمواجهة وزيرة المرأة الحالية سميرة مرعي التي اعلنت بدورها أن معالجة ملف الاعتداءات الجنسية على الأطفال من أولويات وزارتها بعد أن سجلت خلال العام الماضية 289 اعتداء جنسيا كان ضحيته الأطفال، واقرت مرعي بوجود تقصير من كافة مؤسسات الدولة في معالجة هذا الملف، خصوصا على مستوى مراجعة القوانين وتطبيقها.

وتستمر المأساة …. ما لم …

صعوبة إثبات الانتهاكات في حق الطفولة تشكل معضلة قانونية وإجرائية، ما تتسبب في إفلات عدد من الجناة من العقاب سيما في صورة وقوع التحرش الجنسي والمضايقات في مكان خاص وغير متاح للعموم وكذلك عند وقوع التحرش الجنسي بالأقوال. بيد أن الاستناد إلى الوسائل التكنولوجية الحديثة من تصوير وتسجيل صوتي قد يجسدان حلولا جديرة بالدراسة ويبقى الأمر خاضعا لاقتناع وجدان المحكمة في كل الأحوال.

كما أن هذا “الفراغ القانوني” وفق تشخيص مهيار الحمادي، مندوب حماية الطفولة في تونس يمكن تجاوزه بالإجراءات التي تتضمن سرعة الإشعار بالتعرض الطفل للاعتداء الجنسي وبعدم إزالة الإدلة وتغيير ملابس الضحية إضافة إلى ضرورة تمرير مشروع قانون سبق أن وقع اعداده ينصّ على أن الضحية يقع الاستماع لاقوالها مرّة واحدة فقط من قبل اخصائي نفسي وعون أمن حال تعرّضه للاعتداء وحفظ التسجيل تجنبا لتعريضه للضغط عند مواجهته بالجاني أو في رواية القصة لأكثر من مرّة.

المصدر(