السُم البطيء على موائد الغزيين

بالعربي-أريج : الحاج أبو إياد لم يكن يعلم أن حظّه العاثر سيقوده لشراء كيلو ونصف الكيلو من سمك “السروس”، ليكتشف أنها مسمومة مع أنه اعتاد شراء السمك “الطازج”، من باعة جائلين كان يثق في بضاعتهم.

في منزله، دهشت زوجته من تماسك قشور السمك وصلابتها، ما أثار  شكوكها حول جودته. وحين عرضه على أحد جيرانه، أعرب عن قناعته – بحكم خبرته الطويلة في مهنة الصيد- في أنها صيدت “بواسطة مادة سامة”.

كان البائع أكد لأبي إياد أنه يحتفظ بجزء من الأسماك التي يصطادها للاستهلاك الخاص بأسرته، ويبيع جزءا منها للزبائن.

أبو إياد من بين مستهلكين غزيين عديدين يقعون ضحية عمليات غش وتحايل من صائدي أسماك يستخدمون سموما محظورة، تحدث ضررا بالسمك ينعكس على صحة المستهلك، حسبما يوثق هذا التحقيق.

فبعد 16 شهراً من التقصي، توصل معد التحقيق إلى أن التشوهات في أنواع معينة من الأسماك تنجم عن قيام صيادين غير مرخصين وهواة صيد تقدر أعدادهم “بالعشرات” – على استخدام اللانيت بعيدا عن الرقابة. ورغم أن استخدام هذا المبيد السمي يخالف المادة 24 من نظام الحماية الخاص بالثروة السمكية الصادرعام 2005 – التي تنص على عدم جواز صيد الأسماك باستخدام سموم، أومتفجرات أو مواد كيميائية- إلا أن صيادين غير مرخصين يستغلون ضعف الرقابة على محال بيع المبيدات الزراعية – منبع اللانيت- ويستخدمونها بطريقة مخالفة للقانون وبطريقة تؤثر على صحة المستهلك والمستخدم وتضر بالثروة السمكية.

وزارة الزراعة تسمح ببيع اللانيت في محال المواد الزراعية المرخصة، لكنها تحظر استخدامه في صيد الأسماك وتحصره بمكافحة الحشرات والقوارض بشرط خلط المادة ضمن معايير آمنة، وفق مدير دائرة الخدمات السمكية بالوزارة د. جهاد صلاح.

وفي مسعى لردع الصيادين، عن استخدام اللانيت، نصبت وزارة الزراعة يافطات إرشادية في نيسان/ إبريل 2014 في عدة نقاط على طول الساحل تحذر من استخدام السموم والمتفجرات في صيد الأسماك.

يرجع د. صلاح الهدف من وراء اليافطات “منع أي تجاوزات على البيئة البحرية، ولحماية الثروة السمكية”، لافتاً إلى أن “معظم من يستخدمون تلك الطرق غير المشروعة، دخلاء على المهنة وبعض هواة الصيد”. وبينما يؤكد قلّة عدد الذين يصطادون بهذه الطريقة، يتحدث د. صلاح عن خلو أسواق السمك من المنتجات الملوثة، باعتبار أن الصيادين الهواة “يحتفظون بها لاستهلاكهم الخاص، أو يبيعونها لبعض زبائنهم”.

على أن معد التحقيق حصل على إفادات من صيادين حول استعمال  صيادين غير مرخصين سموما في صيد أنواع محددة من الأسماك، تجد طريقها إلى موائد الغزيين.

بحث ميداني

وتفيد استبانة رأي وزّعها معد التحقيق، على 60 من هواة صيد، بأن 11.6% منهم يرجعون مشاكل تأخر الإنجاب لديهم إلى تعرضهم لمادة اللانيت وتناولهم خلال فترات سابقة أسماكا صيدت بواسطتها. وتربط تقارير طبية مرفقة بالتحقيق بين تأخر الإنجاب واستخدام المادة السمية.

ينتج عن استخدام اللانيت – الذي يصنف ضمن مجموعة مبيدات كيميائية خطرة تتبع مبيدات الكربمات العضوية- ظهور أمراض صحية وسرطانية وإنجابية، بحسب تقرير نشر على موقع منظمة الصحة العالمية – في فبراير/ شباط 2013. ويربط هذا التقرير بين استخدام تلك المادة في عمليات الصيد واحتمال تعرض مستهلكين لأمراض صحية وسرطانية وإنجابية على المدى البعيد.

نتائج تحليل الإستبانة تبين أن 11.6 % من أفراد المجموعة المستطلعة آراؤهم، يرجعون معاناتهم من مشكلات تأخر الإنجاب إلى اعتيادهم صيد السمك باللانيت خلال فترات سابقة. بلغت النسبة 12.7 % في الساحل الشمالي، ذي الكثافة الصخرية، بينما تبلغ 10.2 % في الجنوب.
وتفيد الوثائق الطبية المرفقة بهذا التحقيق بتكرار أعراض التأخر في الإنجاب لدى هواة صيد غزييّن، استخدموا في فترات سابقة مادة اللانيت المحظورة في الصيد فلسطينياً ودولياً.

حلّل كاتب التحقيق الاستبانة بالتعاون مع شركة ساستك للاستشارات والتطوير المتخصصة بالبحوث الإحصائية بغزة. شملت العينة هواة صيد في خانيونس، دير البلح، الشاطىء والسودانية. يقطن هذه المناطق الساحلية الأربع تلك، قرابة 500 ألف غزي من بين مليون و 700 ألف نسمة، بحسب تقديرات 2013.

وراعى معد التحقيق حزمة خصائص شخصية وديمغرافية لدى إعداد الاستمارة وتوزيعها، مستهدفا فئة المتزوجين من أفراد العينة المستطلعة آراؤهم.

قصص حيّة

رامي .(39 عاماً) ينتظر بشغف لحظة ولادة طفله واحتضانه منذ تزوج قبل 12 عامًا. تبدو الحسرة على وجه هذا الشاب وهو يسرد حكاية إصابته بالعقم، وكيف كان في بداية عمله في مهنة الصيد قبل 20 عاماً يصطاد الأسماك بواسطة “السم”، للمساعدة على توفير قوت أسرته.
أما سعد (27 عامًا) فبحث عن عمل إضافي لتوفير ألفي دولار هي تكاليف إجراء عملية “زراعة أنابيب”، التي باتت الأمل الوحيد أمامه للإنجاب، بعد أن أكدت فحوص عديدة لدى مركز متخصص في قطاع غزة إصابته بالعقم.

يقول سعد إنه دأب في طفولته على مساعدة أقرباء له اعتادوا صيد الأسماك باستخدام اللانيت. وكان يعود في كل مرة محملاً  بكيس فيه “حصة” أسماك كانوا يوزعون جزءاً منها على أقربائهم وجيرانهم، دون إدراك لمخاطرها على صحتهم.

تأكيدات مخبرية

الأجهزة المتوافرة في مختبر الأدوية والأغذية التابع لكلية الصيدلة بجامعة الأزهر بغزة “لا يمكنه قياس العلاقة المباشرة بين تناول أسماك مسمومة وارتباطها بتأخر الإنجاب”، بحسب رئيس المختبر د.سامي الديب. وبالتالي فإن الطريقة الوحيدة تكمن في تحليل مادة “اللانيت” لمعرفة طبيعة المواد المركبة منها وتأثيراتها الصحية على مستهلكي تلك الأسماك.
تبين من نتائج تحليل كيميائي لعينة “لانيت” بتاريخ9/5/ 2013 أن تلك المادة تتكون من “مركب كيميائي شديد السمية ويتم تحضيرها من مادة الميثوميل الخطرة”. وهي مكونة من “استيرات” حامض الكربميك، بنسبة تركيز عالية تصل 90 %، إذ يحتوي كل لتر من اللانيت على مادة فعالة 225 جم من الميثوميل، كما هو موضح بالتقرير المرفق.

ربط علمي

رئيس قسم الأدوية والعلوم الطبية بالجامعة د. محمود طالب يثبت في تقرير علمي مدعّم بالبراهين – أعده بناء على فحص عينة اللانيت – ” أن تأثير تلك المادة شديدة السمية، تظهر على الأشخاص الذين يتعرضون لها، بعد مرور فترة زمنية قد تزيد على 10 أعوام، مسببة ضرراً في نشاط الأنزيمات المختلفة، داخل جسم الإنسان، والمكونات الحيوية داخل الخصيتين، ما ينتج عنه تأخر في الإنجاب، أوالإصابة بالعقم”.

كما تحدث “ضررا هرمونيا وجينيا أثبتته أبحاث علمية مختلفة”، حسبما يشرح د. طالب، مضيفا أن تلك “الأعراض تظهر على أشخاص تعرضوا للمبيد عبر تناول أسماك مسمومة لمدد تصل لعشرة أعوام بفعل تراكم تلك المواد السمية داخل الجسم، وإضرارها بالنشاط الهرموني، وإحداثها تغيرات جينية ووراثية”.

ويرجع د. الطالب رأيه من وجهة نظر علمية إلى ما يعرف بنظرية “الجذور الحرة أو الشقوق الطليقة”. وأسهمت هذه النظرية، “في تفسير العديد من الأمراض التي تحدث نتيجة تعرض جسم الإنسان للسموم، والملوثات البكتيرية، بوجود اعتقاد سائد لدى العديد من علماء الأحياء بأن أنواعا عديدة من الأمراض أهمها السرطان، تنشأ بسبب تفاعلات الجذور الحرة مع (دي إن إيه)، إلى جانب كونها مسؤولة عن حدوث تفاعلات سريعة مع مكونات الغذاء ومكونات خلايا الكائن الحي لتنتج مركبات غير طبيعية تعمل على تحفيز الخلايا السرطانية في جسم الإنسان”.

د. ثروت الحلو المختص بعلاج العقم وأطفال الأنابيب يدعم رأي د. الطالب، مؤكدا  أن “تناول أسماك مسمومة لفترة طويلة، يؤدي الى الإصابة بأمراض خطيرة من أبرزها تأخر الإنجاب والضعف الجنسي، بالإضافة إلى احتمالات الإصابة بأمراض سرطانية متعددة”.

بحوث بيئية

د. جورج كرزم المختص بقضايا البيئة في مركز العمل التنموي “معًا” يعدد في بحث علمي – حول مخاطر المبيدات الكيميائية – مخاطر استخدام اللانيت في عمليات الصيد. ويوضح بأنها “تصنف ضمن مواد كيميائية خطرة تتبع مبيدات (الكربمات)، المؤلفة من استيرات حامض الكربميك Carbamic Acid. وهي تعد كما المبيدات الفسفورية العضوية مثبطة لإنزيم يعرف بـ(اسيتيل كولين استيراز)”.
ويربط هذا التقرير بين استخدام تلك المادة في عمليات الصيد واحتمال تعرض مستهلكين لأمراض صحية وسرطانية وإنجابية على المدى البعيد. كما يؤدي “التعرض لهذا المبيد إلى حزمة أعراض، أبرزها انخفاض في مستويات السائل المنوي، وانخفاض الخصوبة بسبب تلف الخصيتين”.

بداية المشكلة

يقول أبو هاني سعد الله الذي يمتهن الصيد منذ 30 عامًا، إن استخدام السم في الصيد كان يكثر خلال سبعينيات القرن الماضي. في تلك الفترة، “كانت غزة تحت حكم الإدارة العسكرية الإسرائيلية، ولم تكن هناك رقابة كافية على عمليات الصيد، الأمر الذي كان يشجع استسهال الصيد بواسطة السم”.

ويشرح صياد آخر يكنى بأبي محمد، طريقة صيد الأسماك بـ”واسطة اللانيت على قطع صغيرة من الخبز، وتركها فترة من الوقت حتى تتخمر ومن ثم يقومون برشها بالقرب من أماكن الصخور المنتشرة على شاطيء البحر”.

بمجرد صيدها، يزيل الصيادون أمعاء السمك في محاولة منهم للتخلص من السموم التي التهمتها تلك الأسماك، حسبما يضيف.

لكن د. محمود طالب يؤكد في تقريره العلمي أن ذلك “لا يعني بتاتاً التخلص من تأثيرها السمي، إذ تختزن السموم في جسم السمكة إلى درجة تجعلها تؤدي بعد عدة سنوات إلى مضاعفات صحية في حال تم استهلاكها”.

الأسماك التي يتم صيدها بتلك الطريقة هي السروس، والقراس، والمرمير، بحكم وجود تلك الأنواع في أماكن الصخور القريبة من الشواطىء.

أستاذ الانتاج النباتي في كلية الزراعة بجامعة الأزهر كمال عيد يقول إن مبيد اللانيت جرى استخدامه قبل عدة سنوات بإفراط لمكافحة الحشرات المضرة في حقول الخضار.

مؤسسة الأبحاث العلمية“SRF”  توصلت في دراسة نشرتها عام 2008 إلى أن المبيدات الزراعية تؤثر على النحل والطيور والأسماك، وتسبب أوراما خبيثة بالكبد وموت الأجنة وقلة الكفاءة التناسلية.

رقابة ضعيفة

قبل نقل عينة مادة اللانيت لمختبر الأدوية بجامعة الأزهر، جال معد التحقيق في محال بيع المواد الزراعية في منطقة سوق فراس – وسط غزة- بتاريخ 5 أيلول/ سبتمبر  2013، وطلب شراء اللانيت. ولم يبدِ صاحب المحل أي تحفظ، وسرعان ما باعه إياها بكل سهولة.

ولاحظ أن عدداً من تلك المحال المقدره بالعشرات – وتخضع لرقابة مفتشي وزارة الزراعة – تبيع أصنافا عديدة من المبيدات الحشرية الخطرة، دون اشترط الحصول على وصفة زراعية. يتم ذلك في مخالفة للمادة 4 من قرار وزير الزراعة رقم (1) لسنة 2002 بشأن تداول وبيع مبيدات الآفات الزراعية: “عدم السماح للمرخص له ببيع مبيدات الآفات الزراعية إلا بناء على توصية من أحد مرشدي وزارة الزراعة أو من أحد المختصين في العلوم الزراعية ذات العلاقة”.

ويشير أحد العاملين في محل مواد زراعية – فضل عدم ذكر اسمه – إلى أنهم يبيعون معظم المبيدات الحشرية المتوافرة لديهم دون وصفة زراعية، موضحًا أن العديد من الأشخاص والمزارعين يستخدمون المبيدات من خلال الخبرة المتوافرة لديهم، بعيداً عن استعمالها على الوجه الصحيح.

تجلب معظم المبيدات الزراعية للقطاع، وفق ما يؤكد أصحاب محال بيعها عن طريق المعابر التجارية مع إسرائيل. لكنهم يلفتون إلى أن كميات اللانيت يهرب جزء منها عبر الحدود مع مصر .

التقرير السنوي لوزارة الزراعة بغزة المنشور على موقعها الالكتروني عام 2010 يوضح أنه تم اصدار موافقات إدخال مبيدات حشرية لكميات تقدر بـ(146482 لترا/ كغم) من أنواع عديدة من المبيدات الحشرية المستخدمة في مكافحة الآفات الزراعية، المسموح بإدخالها، عبر الشركات المسجلة والمرخص لها استيراد وبيع تلك المبيدات.

د. سعود الشوا المهتم بقضايا البيئة ومدير مركز فيتكو للخدمات البيطرية والطبية يطالب بتعزيز الرقابة على بيع المبيدات وحصر بيعها بمزارعين بشرط ربطه بوصفة يمنحها مهندس زراعي مرخص أو مهندسو وزارة الزراعة.

ضعف في آليات الرقابة

مدير دائرة الخدمات السمكية بوزارة الزراعة (د. جهاد صلاح) يؤكد أن الوزارة “تراقب باستمرار” محال بيع المبيدات الزراعية، لافتاً إلى أن “مسؤولية مراقبة الأسواق تقع على جهات أخرى الى جانب دور وزارة الزراعة؛ دائرة حماية المستهلك التابعة لوزارة الاقتصاد إلى جانب وزارة الصحة وبلدية غزة، باعتبار كل ما يباع في أسواق السمك، مواد غذائية بالدرجة الأولى.

ينتج صيادو غزة حوالي 2000 طن من الأسماك سنويا. هذا المعدل يتغير تبعا لحجم الحصار الإسرائيلي والآثار الناجمة عنه. ففي عام 2010 وصل الانتاج إلى 1724 طنًا، بحسب التقرير السنوي لوزارة الزراعة، في حين ارتفع عام 2013 إلى قرابة 2000 طن، وفق رئيس نقابة الصيادين بقطاع غزة نزار عياش.

يعود د. صلاح ليشير إلى أن “الوزارة والجهات الأخرى المسؤولة تقوم بدورها كاملاً، ومفتشوها متوجودون في الميدان”. ويتحدث عن جولات “مستمرة لمحال بيع المبيدات الزراعية، للتأكد من عدم استخدامها لأغراض أخرى غير الذي تباع لأجله”.

إلا أنه يقر بوجود “أعداد قليلة من المخالفين ومعظمهم من الصيادين غير المرخصين، وبعض هواة صيد، يسيئون استخدام تلك المواد”.
ويؤكد د. صلاح أن الوزارة “لا تتهاون مع أي صياد يثبت استخدامه لوسائل غير مشروعة في صيد الأسماك”، لافتا إلى أنه “يتم اعتقال المخالفين وإيقاع  العقوبات عليهم”.

ويرى أن كمية الأسماك الملوثة بمواد مضرة “لا تتعدى 1 % من أنواع السمك التي يتم صيدها باستخدام هذه الوسائل وهي السروس والقراس والمرمير ، بحكم تواجدها بالقرب من الشواطيء”.

  يؤكد مدير عام حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد الوطني بغزة د. رائد الجزار أن الوزارة تراقب جميع السلع والبضائع التي تصل للمستهلكين. ويشير إلى أن فرق التفتيش التابعة لإدارته ضبطت خلال 2013 “كمية محدودة جدا (كيلوغرامين)” حسب وصفه، “لأسماك صيدت بواسطة مادة اللانيت”. ضبطت الكمية مع أحد الباعة الجائلين من الصيادين العشوائيين “غير المرخصين”.

     مركز الميزان لحقوق الإنسان يفيد في تقرير نشره في (19  أيار/مايو 2014) بعنوان: “تحديات الرقابة على الأغذية في قطاع غزة وغياب الحق في الحصول على غذاء آمن صحيا”، بوجود نقص في عدد الكادر البشري لدى وزارة الزراعة بغزة، إذ يتوافر لديها 125 مهندسا زراعيا – منهم 25 فقط متخصصون بوقاية النباتات، ويراقبون عشرات المحال التجارية الخاصة ببيع المبيدات وآلاف المزارعين، ما ينتج عنه “بحسب المركز ضعف شديد في الرقابة على المبيدات واستخداماتها”. ويحذر تقرير الميزان من” آثار خطيرة على صحة المستهلكين”، إذ وصلت نسب التلوث في العينات المسحوبة من الأغذية في معظم محافظات القطاع عام 2013 إلى 23.6 % منها 14.9 % تلوث كيميائي و 24.9 % تلوث ميكروبيولوجي.

محمود العاص رئيس جمعية “التوفيق لرعاية الصيادين” الأهلية في غزة، يطالب وزارة الزراعة بتعزيز الرقابة” للحد من إمكانية قيام أي شخص، باللجوء إلى استخدام السم في عمليات الصيد”.

ويعتاش من وراء مهنة الصيد في قطاع غزة، بحسب تقرير صادر في 2013 عن المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، أكثر من 70 ألف مواطن. إذ وصل عدد العاملين في مهنة الصيد قرابة 7000 صياد، إلا أنه تقلص إلى  4500 صياد منذ فرضت إسرائيل حصارها عام 2007. ونتج عن ذلك تقليص مساحة الصيد من 12 ميلا بحريا قبل الحصار إلى ستة أميال.

تشير المادة 32 ” من قانون البيئة الفلسطيني الصادر عام 1999، إلى حظر القيام بأعمال من شأنها تلويث مياه البحر خلافاً للمقاييس والشروط الخاصة بحماية البيئة البحرية من التلوث”. كما تنص المادة 41 من الفصل الخامس الخاص بحماية الطبيعة على: “حظر صيد أو قتل أو إمساك الحيوانات البرية والبحرية والأسماك، ويحظر إتلاف أوكارها أو إعدام بيضها”، ويحدد قانون العقوبات الفلسطيني عقوبة عدم الالتزام بأحكام المواد ” 32،38،39″ من هذا القانون بتحمله غرامة مالية لا تقل عن خمسة آلاف دينار أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً، وبالحبس مدة لاتقل عن سنة ولاتزيد على عشر سنوات أو بإحدى هاتين العقوبتين.

مخاطر محدقة بالثروة السمكية

نزار عياش رئيس نقابة الصيادين بقطاع غزة يشير الى أن كميات السمك المصطادة. انخفضت من 4000 طن سنويا في العام 2007 إلى 2000 طن سنويا في موسم 2013 نتيجة تقليص مساحة الصيد الى اقل من 6 اميال بحرية، وممارسة عدد كبير من الصيادين الصيد باستخدام شباك ذات فتحات ضيقة سعة فتحاتها اقل من 9 ملم بغرض صيد الاسماك صغيرة الحجم “المعروفة لديهم” ببذور الأسماك”.
معد التحقيق يوثّق بالفيديو عمليات إهدار لآلاف الأسماك الصغيرة والكائنات البحرية التي يتم التخلص منها عبر إعادة إلقائها في البحر، نتيجة الصيد الجائر.

ويشير الدكتور عبد الفتاح عبد ربه أستاذ الاحياء والعلوم البيئية بالجامعة الإسلامية إلى أن صيد بذور الأسماك يؤدي الى اضمحلال أنواع عديدة منها وتدمير التنوع الحيوي في البيئة البحرية.