"عاصفة الحزم" تستنزف السعودية

بالعربي: يتبنى التفكير الاستراتيجي الصهيوني والغربى  فى التعامل مع العالم العربي ودول الجوار المحيطة به سياسة "شد الأطراف ثم بترها"، بمعني مد الجسور مع الأقليات وجذبها خارج النطاق الوطني ثم تشجيعها علي الانفصال (وهذا هو المقصود بالبتر) لإضعاف العالم العربي وتفتيته، مثلما فعلت "إسرائيل" فى انفصال  جنوب السودان، حيث استخدمت جنوب السودان لتحقيق هدف استراتيجي بعيد المدى هو إضعاف مصر وتهديدها من الخلف، حسب تصريحات عاموس يادين، الرئيس السابق للموساد، فى وكالات الأنباء يوم 28/10/2010، قائلًا "في السودان أنجزنا عملا عظيما للغاية، لقد نظمنا خط إيصال السلاح للقوى الانفصالية في جنوبه، ودرّبنا العديد منها، وقمنا أكثر من مرة بأعمال لوجيستية، لمساعدتهم، ونشرنا هناك في الجنوب وأقليم دارفور شبكات رائعة وقادرة على الاستمرار بالعمل إلى ما لا نهاية، ونشرف حاليا على تنظيم الحركة الشعبية هناك، وشكلنا لهم جهازا أمنيا استخباريًا".

ويعرض الخبراء حجم الخسائر الاستراتيجية والاقتصادية المتعرضة لها 10 دول عربية مشاركة في "عاصفة الحزم" ضد اليمن، ولعل أبرز الخاسرين هى السعودية المعتمد اقتصادها على الواردات بنسبة 90%، فيما تأتي مصر بالمرتبة الثانية بمعدل خسائر يصل إلى 5 مليارات دولار، متأثرة بارتفاع أسعار النفط من 50 إلى 60 دولارًا للبرميل.

وذهب بعض الخبراء إلى المخطط الصهيوأمريكي لتفتيت العالم الإسلامي من باكستان إلى المغرب، من 56 دولة إلى 88 دويلة صغيرة، وفقًا لرؤية برنارد لويس، مستشار الرئيسين الأمريكيين بوش الأب والابن لشؤون الشرق الأوسط، وتبدأ بمصر التى تقسم لـ4 دويلات، سيناء شرق الدلتا وتكون تحت النفوذ اليهودي، والإسكندرية كعاصمة للدولة المسيحية وتضم جنوب بنى سويف وأسيوط ومطروح، ودولة النوبة وعاصمتها أسوان، وأخيرًا الدولة الإسلامية وعاصمتها القاهرة ويفضل أن تكون تحت النفوذ "الإسرائيلي".

وتنقسم السودان إلى دويلة النوبة، الشمال الإسلامية، والجنوب المسيحية، وإقليم دارفور، كما يهدف مخطط لويس، لتقسيم دول الشمال الإفريقي وهي ليبيا والجزائر وتونس والمغرب، لتكوين دولة البربر، والبوليساريو، ودويلات المغرب والجزائر وتونس والمغرب، إضافة إلى دول شبه الجزيرة العربية والخليج، ويخطط المشروع لإلغاء الكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان واليمن والإمارات من الخارطة، ومحو وجودها الدستوري، لتصبح 3 دويلات هي الإحساء الشيعية وتضم "الكويت، الإمارات، قطر، عمان، البحرين"، دويلة نجد السنية، ودويلة الحجاز السنية

قال الدكتور سرحان سليمان، الخبير الاقتصادى، إن الغرب استغل طفرة ثورات الربيع العربى لخلق تصادم بين الأنظمة الحالية والسابقة بغرض تفتيت الشعوب العربية وتقسيمها إلى دويلات كما فعلت فى السودان وليبيا وسوريا، واليوم فى اليمن بأيد عربية ودعم أمريكى.

وأضاف، أن خسارة مصر تصل الى أكثر من 5 مليار مبدئيًا من حرب اليمن؛ نتيجة ارتفاع أسعار برميل البترول خلال الحرب من 50 دولارا إلى ما يقارب 60 دولارًا، موضحًا أن مصر تفقد خصومات كانت مرتقبة من فاتورة دعم المنتجات البترولية بنحو 5 مليارات دولار، فتنخفض قيمة الطاقة نتيجة انخفاض السعر لنحو 25 مليار دولار، بدلًا من 30 مليار دولار.

وتابع سرحان، أن حجم التوفير ينخفض بنحو 15% تقريبا، لكن الخسائر ترتفع باستمرار ارتفاع النفط، لافتًا إلى أن التداعيات الاقتصادية على مصر والمنطقة العربية غير مقدرة كليًا، مؤكدًا أن هناك دولًا ستحصد خسائر وستجنى مشاكل اقتصادية كبيرة نتيجة حرب اليمن، متسائلًا هل ستعوض دول الخليج مصر نتيجة هذه الخسائر؟ أم سيتحملها المواطن المصرى الفقير؟.

وأشار، إلى تراجع ضخم في الاقتصاد بسبب قلة الصادرات إلى دول الخليج والاتحاد الأوربى بعد عاصفة الحزم، موضحًا أن ضربات عاصفة الحزم لم ولن تؤثر بإيران؛ لأنها تعتمد على 90% من الداخل، وهي تكفي احتياجاتها، بينما السعودية تستورد 90% من السلع من الخارج، وبالتالى هي الخاسر الأكبر فى المعركة.

وتوقع سرحان، أن مدة الحرب لن تطول وتنتهي بحل سياسي، متوقعًا فشل السعودية فى السيطرة على اليمن؛ لأن اليمنيين يملكون عقيدة لا تهتز مثل حزب الله على حد قوله

فيما قال الدكتور صلاح العمروسى، الخبير الاقتصادي، والباحث في مركز البحوث العربية، إن مصر تعاني من ركود اقتصادي وعجز بالموازنة العامة للدولة ولا يمكنها الإنفاق على حرب اليمن، مؤكدًا أنها ستلحق الضرر بالاقتصاد.

وأوضح أن الغرب يسعى منذ زمن لتحويل الشرق الأوسط إلى الشرق الأوسط الكبير وتقسيمه إلى دويلات عديدة حتى لا تستطيع التصدى لـ "إسرائيل" وضمان حمايتها، وخلق صراعات داخلية وطائفية لاستنفاد موارد وثروات الدول العربية، ونجحت فى ذلك باشتباك الدول العربية مع أشقائها.

وقال الدكتور إيهاب الدسوقي، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية: مشاركة مصر في حرب اليمن خسارة للاقتصاد المصري على المدى البعيد، موضحًا أن الخسارة تتوقف على الفترة الزمنية التي تشارك بها مصر، فكلما كانت أطول كانت الخسارة المادية أكبر

ورأى الدكتور محمد النجار، الخبير الاقتصادي، أن حرب اليمن تؤثر بالسلب على الاستثمارات الخارجية لمصر، في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة، موضحًا أن تكلفة الحرب تتعدى مليارات الجنيهات حال استمرارها.

وتابع النجار، أن الدولة بحاجة إلى المليارات للنمو الاقتصادي عقب حالة ركود كبيرة، فمصر تعاني من أزمة اقتصادية حادة بحسب تقرير وزارة المالية عن شهر يناير 2015، وارتفاع عجز الموازنة وصل نحو 5.7% من الناتج المحلي، بما يعادل 132 مليار جنيه خلال النصف الأول من العام المالي الجاري

بينما يرى الدكتور جمال زهران، عضو مجلس الشعب السابق وعضو مجلس الأمناء بالتيار الشعبي، أن أمريكا تستعمر الدول العربية بتكنولوجيا غير تقليدية لتقسيم الأمة وإخضاعها لحماية "إسرائيل" في المنطقة، ومحو فلسطين من الخريطة، مؤكدا نجاح المخطط الصهيوأمريكى بمساعدة نظام مبارك وبعض الأنظمة العربية في فصل جنوب السودان عن شماله، وأيضًا تفكيك العراق وليبيا والصومال على أسس عرقية ودينية ومذهبية لإشعال الحروب والنزاعات بينه.

وأشار زهران، إلى مصلحة مصر بتوطيد العلاقات مع سوريا وإعادة العلاقات مع روسيا والصين للتوازن مع أمريكا، والقيام بدور عربي لإقناع الدول السعودية والخليج بتأثرها بذلك.