إسرائيل تفشل في إقناع يهود أوروبا بالهجرة إليها وحملات الترهيب من الـ”إسلام المتطرّف” لم تُحقق أهدافها

بالعربي: يعتبر قادة كيان الإحتلال  أنّ ما يُطلقون عليه الهاجس الديمغرافيّ، بات يُشكّل خطرًا إستراتيجيًا على كيان الإحتلال، خصوصًا وأنّ عدم انسحاب إسرائيل من المناطق الفلسطينيّة المُحتلّة منذ عدوان العام 1967، يجعل هذا الخطر محدقًا وقريبًا جدًا. ولا تتورّع كيان الإحتلال عن محاولاتها المُتكررة لاستجلاب اليهود إلى فلسطين للتخفيف من هذا الخطر، ولكنّ محاولاتها باءت بالفشل، وفي هذا السياق كشفت سلسلة تقارير نشرتها صحيفة (هآرتس) العبرية، مؤخرًا، حول الأوروبيين اليهود في أوطانهم المختلفة، كشفت النقاب عن فشل المحاولات الصهيونية  بحثّهم على الهجرة إلى كيان الإحتلال، وقالت إنّ غالبيتهم الساحقة جدًا، لا تُبالي بالحملات الصهيونية لتحفيزهم على الهجرة إليها، كما فشلت حملات الترهيب الإسرائيليّة من الهجمات التي تشهدها أوروبا من حين إلى آخر، من قبل تنظيمات إسلاميّة مُتشدّدة ومن تنظيمات أوروبيّة يمينيّة متطرفة جدًا.

وتابعت الصحيفة قائلةً إنّ يهود أوروبا يرفضون الخطاب الصهيوني عنهم، ويؤكّدون على هويتهم الوطنيّة في القارّة العجوز، بحسب ما ذكرت الصحيفة. بموازاة ذلك، أفادت الصحيفة، تستمر معاهد صهيونيّة-إسرائيليّة، وبدعمٍ من الحكومة، في وضع مخططات لتحفيز الهجرة واستيعابها صهيونيا.
ويُعتبر مشروع تحفيز أبناء الديانة اليهودية في العالم على الهجرة إلى كيان الإحتلال، المشروع الأهم والأساس للحركة الصهيونيّة وكيان الإحتلال على حدٍ سواء، حيث شهد في السنوات الثماني الماضية انهيارًا كبيرًا، مقابل مع ما كان في سنوات التسعين، وأعاد الهجرة إلى معدلات سنوات الثمانين، بما بين 14 ألفا إلى 18 ألف مهاجر سنويًا، في حين أن معدل (الهجرة العكسية)، أيْ مغادرة كيان الإحتلال والعيش في الغرب، في حدود 12 ألفا سنويًا، ولكنّ هؤلاء يُهاجرون دون التنازل عن الجنسية الصهيونية.
علاوة على ذلك، شدّدّت الصحيفة العبريّة على أنّه منذ عدّة سنوات تعمل كيان الإحتلال على استنهاض الهجرة من جديد، التي تواجه بمعوقات لوجيستية، حيث يعيش أكثر من 90 بالمائة من أبناء الديانة اليهودية في أوطان مستوى المعيشة فيها أعلى بكثير من إسرائيل، عدا عن الاندماج. وما يزيد من قلق الصهيونية، تابعت الصحيفة، أنّ أعداد اليهود في العالم تتناقص سنويًا بعشرات الآلاف، وما (يُعوّض) عن هذا التناقص هو الزيادة السكانية في كيان الإحتلال. ويعود التناقص إلى عامل الزواج المختلط الذي يبعد عن اليهودية، وابتعاد العلمانيين خصوصًا، عن المؤسسات الدينية والصهيونية، إضافة إلى نسبة التكاثر المتدنية، كما قالت المصادر السياسيّة في تل أبيب للصحيفة الإسرائيليّة. ولفتت الصحيفة في سياق تقاريرها إلى أنّه يعيش في العالم حاليًا زهاء 14 مليون يهودي، تعترف المؤسسة الدينية بيهوديتهم، منهم 6,15 مليون في كيان الإحتلال، و5,25 مليون في الولايات المتحدة الأمريكيّة. وأشارت أيضًا إلى أنّ مُراسلها قام بجولات ميدانيّة في العديد من الدول الأوروبيّة، بدءً من أكبر تجمع لهم في أوروبا: حيث يعيش حوالي 480 ألفًا من اليهود في فرنسا، و 290 ألفًا في بريطانيا، ودول أخرى مثل بولندا وهنغاريا وغيرها. والانطباع العام الذي تعكسه هذه التقارير، أنّ اليهود الأوروبيين، لا يشعرون أنفسهم منفصلين عن أبناء قوميتهم، بمعنى قومية الدولة التي يعيشون فيها. وهمومهم الأولى، هي هموم أوطانهم، و نسبة صغيرة من تفكر بالهجرة إلى دولة أخرى، وكيان الإحتلال ليست دائمًا عنوانهم الأول.
وعلى الرغم من ذلك، فقد وضع ما يُطلق عليه (معهد سياسة الشعب اليهوديّ)، التابع للوكالة الصهيونّية، مخططًا وقام بعرضه على حكومة بنيامين نتنياهو، التي تبنّته فورًا، وأضافت الصحيفة أنّ هدف المخطط هو استيعاب 120 ألف مهاجر فرنسيّ يهوديّ في كيان الإحتلال خلال أربع سنوات، وذلك على الرغم من أنّ إحصائيات المعهد التي وردت في تقرير الخطة، تؤكّد على أنّ هجرة هذا العدد من فرنسا ليست واقعية. كما أشارت الإحصائيات نفسها إلى أنّ نسبة الزواج المختلط بين يهود وديانات أخرى، في فرنسا تتراوح ما بين 25 بالمائة حتى 35 بالمائة.
وبحسب الصحيفة، تدعو الخطة، إلى تخصيص ميزانيات وبنى تحتية، بهدف استيعاب 1500 شركة أوْ مصلحة اقتصادية، بملكية أوروبيين يهود، بعد نقلها من أوطانها إلى إسرائيل، وهي ما ستضمن 30 ألف مكان عمل، وفي المقابل يقوم كيان الإحتلال ببناء أحياءٍ سكنيّةٍ لهؤلاء المهاجرين، تضمن لهم نفس البيئة التي يعيشون فيها في أوطانهم الأصليّة. وتشير إحصائيات إسرائيل الرسمية سنويًا، إلى أنّ الهجرة من دول أوروبا، تصل إلى بضع مئات سنويًا، باستثناء روسيا والجمهوريات السوفييتية السابقة، التي تصل إلى بضعة آلاف قليلة.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ كيان الإحتلال أعلن عن أنّها استقبلت في العام 2014 حوالي 7 آلاف مهاجر فرنسي، وهذا يشكل حوالي ثلاثة إضعاف معدل الهجرة سنويًا من فرنسا، إلّا أنّ الاعتقاد السائد، هو أنّ قسمًا كبيرًا من المهاجرين، هو من حملة الجنسية الصهيونية ، وقد هاجروا من إسرائيل قبل سنوات، وقرروا العودة على خلفية اقتصاديّة، حسبما ذكرت الصحيفة العبريّة.

نقلا عن رأي اليوم