"أنصار الله" تضغط في عدن..وتطمئن مصر

بالعربي: تتجه الأوضاع الإنسانية إلى المزيد من التدهور والسوء في اليمن، في اليوم العاشر لحرب "الحزم" السعودية ، التي لم تستجب لنداءات من منظمات دولية تسعى إلى إدخال مساعدات طبية عاجلة إلى البلاد الغارقة في مشهد الفوضى، في وقت لم تتمكن الضربات الجوية من كبح الهجوم الذي يشنها الحوثيون في عدن، بالرغم من إلقائها للمرة الثانية إمدادات عسكرية للمقاتلين للمؤيدين للرئيس المتراجع عن استقالته عبد ربه منصور هادي. في هذه الأثناء، وجه جماعة "أنصار الله" رسالة طمأنة إلى مصر لإزالة مخاوفها حول مضيق باب المندب الإستراتيجي.

وتشهد الأوضاع في اليمن مزيداً من التدهور على الصعيد الإنساني، في حين من المرتقب اليوم السبت أن يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً لبحث اقتراح روسي بهدف إرساء "هدنة إنسانية".
وأعلنت "اللجنة الدولية للصيب الأحمر" اليوم أن ثلاث شحنات تحمل مساعدات وطاقماً طبياً إلى اليمن لا تزال ممنوعة من الدخول، رغم مناشدات لـ"التحالف العربي" الذي تقوده السعودية، والذي يسيطر على المجال الجوي والموانئ في البلاد.

وتسعى اللجنة إلى الحصول على ضمانات أمنية لطائرتين تحاول إرسالهما لصنعاء، وإحداهما تحمل إمدادات طبية لما يصل إلى ألف جريح، والأخرى محملة بثلاثين طناً من الإمدادات الطبية وإمدادات الصرف الصحي، إلى جانب قارب على متنه فريق جراحي لمدينة عدن.

وقالت المتحدثة باسم الصليب الأحمر  سيتارا جبين إن "إمداداتنا لا تزال تمنع.  الوضع يزداد سوءاً، ومع كل ساعة تمر، يموت الناس في اليمن، ونحن بحاجة لإيصال هذا على نحو عاجل."
ومع استمرار القتال، وارتفاع عدد الضحايا، يعقد مجلس الأمن الدولي بطلب من روسيا، اجتماعاً مغلقاً اليوم لبحث إمكانية إرساء هدنة إنسانية.
وقال المتحدث باسم البعثة الروسية في الأمم المتحدة اليكسي زايتسيف إن المباحثات ستتطرق إلى "إمكانية إرساء هدنات إنسانية في الغارات الجوية".
ويأتي الاقتراح الروسي بعد مبادرة أخرى تقدمت بها دول الخليج التي تحاول إقناع موسكو بفرض عقوبات اقتصادية وحظر على تسليم الحوثيين أسلحة. لكن روسيا التي تعارض هذه المبادرة، اقترحت تعديل النص ليصبح حظراً يشمل كل اليمن، وعقوبات محدودة.
وفي الشأن الميداني، يستمر الضغط من قبل الحوثيين للسيطرة على مدينة عدن الجنوبية، وعلى مينائها،  قطعاً للطريق أمام أي محاولة لإقامة سلطة تسعى السعودية لإقامتها في هذه المدينة الجنوبية التي فر إليها الرئيس اليمني من صنعاء قبل مغادرته البلاد.
وفي هذا الإطار، اقتحمت خمس دبابات تابعة لـ"أنصار الله" منطقة المعلا في محافظة عدن، وسط اشتباكات عنيفة بين مقاتلي الجماعة والميليشيات المناوئة لهم، فيما ذكرت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" نقلاً عن مصدر عسكري أن الجيش والأمن بمساندة "اللجان الشعبية" تمكن من السيطرة على جزيرة العمال أمام ميناء المعلا ، كما تمت السيطرة على الموقع وما فيه من أسلحة ثقيلة ومتوسطة.

ذكر مصدر عسكري أن مواقع الحوثيين في عدن تعرضت ليل أمس لغارات شنها  "التحالف" ترافق مع قصف كثيف من بوارجه الحربية .
وأضاف المصدر أن "التحالف" اسقط أيضاً خلال الليلة الماضية، وللمرة الثانية، معدات عسكرية وذخيرة وأسلحة لأنصار هادي.
وكان المتحدث باسم عملية "عاصفة لحزم" أحمد عسيري أعلن أمس أن قوات "التحالف" أسقطت "دعماً لوجيستياً لميليشيات هادي في عدن صباح أمس الجمعة، معتبراً أن ذلك أدى إلى "تغيير الوضع على الأرض".
إلى ذلك، تواصل القصف البحري الذي يشنه تحالف "الحزم"، على مواقع عسكرية موالية للحوثيين، في منطقة خورمكسر في محافظة عدن، حيث تتركز قوة عسكرية موالية للحوثيين.
وفي صنعاء، لم يختلف المشهد في اليوم العاشر للحرب عن الأيام السابقة، حاصداً المزيد من الضحايا.
وأسفرت غارة جوية على قرية عكاش القريبة من معسكر للقوات الجوية على جبل النبي شعيب  قرب العاصمة اليمنية اليوم، عن مقتل تسعة أفراد من عائلة واحدة، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، مضيفة أن "خمسة أشخاص آخرين أصيبوا بجروح، فيما لا يزال  بعض المواطنين تحت الأنقاض".
من جهة أخرى، وفي مؤشر إضافي على ضعف السلطة المركزية في اليمن، التي تزداد تقهقراً في ظل الحرب، أعلنت  مصادر في الجيش اليوم أن مقاتلين قبليين في محافظة حضرموت في شرق اليمن سيطروا على قاعدتين تابعتين للجيش، بعد يوم من انسحاب الجنود من مواقعهم إثر تمدد تنظيم "القاعدة"، وأن هؤلاء يعتزمون استعادة السيطرة على مدينة المكلا من يد "القاعدة".
وأضافت المصادر أن حلفاً قبلياً سيطر على قاعدتي الشحر والريان، اللتين تقعان على ساحل بحر العرب إلى الشمال الشرقي من المكلا، بعد انسحاب الجيش منهما.
وقال الحلف القبلي في بيان إنه يعتزم التقدم صوب المكلا واستعادة الأمن، بعدما طرد مسلحو "القاعدة " الجيش ونهبوا المدينة وحرقوا المباني واقتحموا المصارف والسجن الرئيسي.
وأضاف البيان أنه "نظراً لما استدعت الظروف الأمنية التي تعرضت لها مدينة المكلا وما يمليه واجبنا تجاه عاصمتنا وأبنائنا، فقد تداعت قيادة حلف قبائل حضرموت على توجيه قوة من أبناء حلف قبائل حضرموت والزحف تجاه المكلا للمساهمة والمشاركة في حفظ أمن واستقرار المكلا وباقي مدن المحافظة."
بدورهم، قال شهود ومصادر قبلية إن مسلحين يجتمعون خارج المكلا وينتظرون تعزيزات قبل التقدم باتجاه المدينة.
سياسياً، بعث المتحدث باسم جماعة "أنصار الله" محمد عبد السلام برسالة طمأنة إلى مصر بخصوص مضيق باب المندب الإستراتيجي.
وقال عبد السلام إنه "سبق وأوضحنا للقيادة المصرية والشعب المصري الشقيق أن اليمن حكومة وشعباً أبديا استعدادهما للدخول في نقاشات مباشرة لإزالة المخاوف إن وجدت في ما يخص مضيق باب المندب وتأثيراته على الملاحة الدولية".
وأضاف: "لهذا نؤكد مجدداً لأشقائنا في مصر أن يدركوا ألا صحة لتلك المخاوف إطلاقاً، وأن الهدف منها توريط الشعب المصري في المشاركة في دماء اليمنيين وسفكها من دون حق".
والتأثير على الملاحة في باب المندب يلحق الضرر بالملاحة في مجرى قناة السويس العالمي، حيث اكتسب المضيق، الممر المائي الواصل بين البحر الأحمر وخليج عدن ومن ثم المحيط الهندي، أهميته بعد حفر قناة السويس العالمية التي تعتبر أقصر طريق ملاحي في العالم بين الشمال والجنوب.
ويمر عبر القناة نحو 12 في المئة من حجم التجارة العالمية، ما شكل أهمية حيوية لمضيق باب المندب باعتباره المدخل الجنوبي للقناة.
واعتبر عبد السلام أن محاولة إثارة المخاوف حول المضيق الإستراتيجي "هدفها مساندة العدوان السعودي الصهيو- أمريكي على الشعب اليمني، والذي لا مبرر له إطلاقا"، بحسب قوله.
وفي المقلب الآخر، وبعد مقتل ثلاث جنود سعوديين على الحدود مع اليمن،  قررت السلطات السعودية تعليق الدراسة في محافظة جازان في أقصى جنوب غربي المملكة.
(موقع السفير، أ ف ب، رويترز، "الأناضول")