المتحدث باسم الجنائية الدولية: فلسطين يمكنها من اليوم اتهام أفراد بارتكاب جرائم حرب في غزة

بالعربي: قال المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية، فادي عبد الله، إنه يحق لفلسطين، منذ اليوم الأول لانضمامها إلى المحكمة (الأربعاء)، “تقديم طلب إحالة ضد مشتبه في ارتكابهم جرائم حرب خلال الحرب (الإسرائيلية) الأخيرة على قطاع غزة إلى المدعية العامة للمحكمة”.

وأضاف عبد الله، أنه “لا يوجد تعارض بين تقديم فلسطين طلب إحالة اليوم، وبين قيام المدعية العامة، فاتو بن سودا، بدراسة أولية للوضع في فلسطين”، موضحا إمكانية سير الخطوتين بالتوازي.

وأعلنت محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، الأربعاء، انضمام فلسطين رسميا كعضو كامل العضوية في فيها، بحسب التلفزيون الرسمي الفلسطيني، لتصبح فلسطين العضو رقم 123 في المحكمة.

وبحسب قناة “فلسطين” التلفزيونية الحكومية، فقد “تسلم وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي ممثلا عن فلسطين كتابا من المحكمة، جاء فيه قبول فلسطين كعضو كامل العضوية في المحكمة”.

وقال عبد الله إنه “من اليوم، أصبحت فلسطين دولة طرف في نظام روما الأساسي، لها واجبات تتعلق بالتعاون والمساهمة في موازنة المحكمة وما إلى ذلك، ولها حقوق في المشاركة في التصويت على انتخاب القضاة والمدعي العامة وتعديل مواد النظام، وكذلك الحق في تقديم طلب إحالة ضد مشتبه في ارتكابهم جرائم خلال الحرب (الإسرائيلية) الأخيرة على قطاع غزة إلى المدعية العامة للمحكمة”.

وأضاف “يجب أن نوضح أن المحكمة لا تلاحق دولا أو حكومات، ولكن فقط تلاحق أفرادا عندما يشتبه في ارتكابهم جرائم حرب أو إبادة جماعية أو جرائم ضد الانسانية، وفي هذه الحالة يمكن لفلسطين أن تقدم طلب إحالة، ولا يشترط أن تكون إسرائيل عضوا بالمحكمة حتى تتمكن الجنائية الدولية من ملاحقة أو محاكمة إسرائيليين”.

وشنت إسرائيل حربا على قطاع غزة في السابع من يوليو/ تموز 2014 استمرت 51 يوما وأسفرت عن إستشهاد أكثر من ألفي فلسطيني وإصابة نحو 11 ألف آخرين، وفق وزارة الصحة الفلسطينية، وفي المقابل، قتل 68 جنديا من جيش الإحتلال، و4 مدنيين إسرائيليين، إضافة إلى عامل أجنبي واحد، وإصابة 2522 "إسرائيلياً"، بينهم 740 جنديا من جيش الإحتلال.

ورداً على سؤال بشأن ما إذا كان تقديم فلسطين لطلب إحالة ضد أفراد تتهمهم بارتكاب جرائم يتعارض مع الدراسة الأولية التي بدأتها المدعية العامة حول الوضع في فلسطين في يناير/كانون ثاني الماضي، قال المتحدث “لا يوجد تعارض، لأن الخطوتين (الطلب والدراسة) لا تعيقان بعضهما البعض، بل على العكس عندما يكون هناك إحالة من دولة طرف في حالة يشبه ارتكابها جرائم، تقوم المدعية العامة حينئذ بفتح دراسة أولية قبل اتخاذ المحكمة قرار بفتح تحقيق من عدمه، وهنا تسير الدراستان بالتوازي”.

لكن فادي، عاد ليوضح، أن المدعية العامة هي الوحيدة، المعنية بتحديد المشتبه بهم، قائلاً “عندما تقدم دولة طرف، طلب إحالة يكون مضمونه نريد منكم أن تنظروا في الجرائم المرتكبة من تاريخ كذا إلى كذا، دون تحديد أسماء، وهنا تقرر المدعية العامة أولاً فتح تحقيق أو لا بناء على دراسة أولية، وثانياً تقرير من هم المشتبه بهم”.

وحول ما إذا كان ذلك يعني فتح الباب أمام محاكمة قادة الفصائل الفلسطينية في حرب غزة الأخيرة، أقر عبد الله بإمكانية ذلك، قائلا إن “قبول فلسطين لاختصاص المحكمة يمنح المدعية العامة إمكانية التحقيق في الجرائم التي ارتكبت على أراض فلسطين بغض النظر عن جنسية مرتكب هذه الجرائم أو التحقيق في الجرائم التي ارتكبت من قبل فلسطينيين أيا كان مكان وقوع الجرائم”.

وأوضح المتحدث أنه لا يوجد ما يمنع استقبال الأدلة من جانب "إسرائيل" في طلب إحالة يخص فلسطين.

وقال “يمكن لأي حكومة أو أفراد أو منظمة تقديم معلومات قد تفيد الدراسة الأولية، حتى لو كانت "إسرائيل" لأننا فضلاً عن عدم محاكمة دول، لسنا في مرحلة مخاصمة، بل هي مرحلة دراسة أولية تتطلب ايجاد جميع المعلومات متاحة”.

وأضاف أنه “لا يوجد سقف زمني للمدعية العامة في قرار فتح تحقيق من عدمه، كما لا يوجد سقف زمني لاعتراض دولة طرف على رفض المدعية فتح تحقيق”.

وأشار إلى أن “الاعتراض يكون أمام الدائرة التمهيدية للمحكمة المكونة من 18 قاضيا”.

وبحسب المتحدث، فإن الحالة الوحيدة التي يمكن فيها وقف التحقيق في جرائم يشتبه ارتكابها، هي “صدور قرار من مجلس الأمن في حال اعتبر ضرورات الأمن والسلم تتطلب تأجيل أو تعليق الإجراءات لمدة لا تتجاوز 12 شهراً”.

وعن وجود مادة تقضي بعدم جواز محاكمة الأفراد عن جريمة مرتين، وهو ما يعتبره البعض مخرجاً لإفلات الأفراد من المحاكمة أمام الجنائية، قال عبد الله إن “المهم بالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية أن يكون هناك محاكمة عادلة وملاحقات جدية وليس بالضروري أن يكون أمامها، لأن هناك مبدأ أساسيا في نظام روما وهو  التكامل بين القضاء الوطني والدولي”.

وأضاف “وبالتالي لا تتدخل المحكمة إلا إذا كان القضاء الوطني غير قادر على إجراء ملاحقات جدية أو غير راغب في إجراء هذه الملاحقة، وفي النهاية الأمر يعود إلى تقدير قضاة المحاكمة والتثبت من جدية المحاكمات وطول الملاحقات وعدد الشهور والوثائق التي قدمت”.

المتحدث الذي قال إنه لا يمكن لفلسطين الانسحاب من عضوية المحكمة الجنائية إلا بعد سنة من تاريخ إيداع صك الانسحاب لدى الأمين العام للأمم المتحدة، أوضح أن “هذا الانسحاب، إن حدث، لا يؤثر في أي قضية بدء التحقيق  فيها قبل الانسحاب، ويظل واجبا على الدولة التي انسحبت التعاون بشأن هذه القضية”.

وفيما أعربت السلطة الفلسطينية ممثلة في “اللجنة الوطنية العليا للمتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية” (حكومية) عن التزامها بقيم ومبادئ القانون الدولي تزامنا مع قبول عضوية فلسطين في المحكمة، رحبّت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، اليوم الأربعاء بانضمام السلطة الفلسطينية، رسميا إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وفي الثاني من شهر يناير/كانون ثان الماضي، قدمت السلطة الفلسطينية  طلبا للانضمام الي المحكمة الجنائية الدولية، مما يتيح لها ملاحقة مسؤولين إسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وجاء تقديم الطلب الفلسطيني للانضمام إلى المحكمة، بعد أقل من 3 أيام علي رفض مجلس الأمن الدولي تمرير مشروع قرار يضع جدولا زمنيا لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بحلول شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2017.

وسبقت عضوية فلسطين، في الجنائية الدولية، كل من تونس والأردن وجيبوتي وجزر القمر، من الدول العربية.

ووفق المتحدث باسم المحكمة، لم يتم إحالة أي حالة يشتبه في ارتكاب أفراد "إسرائيليين" جرائم بها، عدا إحالة من جزر القمر في حالة الاعتداء على سفينة “مافي مرمرة” (استهداف قوات كوماندوز تابعة لبحرية الإحتلال، للسفينة التي توجهت إلى قطاع غزة لكسر الحصار منتصف عام 2010 وهو ما أسفر عن مقتل العشرات).

ورفضت المدعية العامة للمحكمة العام الماضي، طلب جزر القمر، معتبرة أنه كان هناك جرائم وقعت بالفعل لكن لا تصل إلى معيار الجسامة المطلوبة لفتح تحقيق (لا تقع ضمن نطاق اختصاصهم)، وأعقب ذلك تقديم جزر القمر اعتراضا على القرار وهو ما ينظره القضاة حاليا ليقرروا فتح تحقيق أو الإبقاء على قرار المدعية.

كما لم يصدر أي أوامر بمحاكمة أحد من القادة العرب، لأن المحكمة لم تصل إلى مرحلة محاكمة المشتبه بهم، حيث أن هناك أوامر بالقبض على أشخاص ولم يتم تنفيذها، وهي أمر بالقبض على سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، والرئيس السوداني عمر البشير ووزير الدفاع السوداني الحالي عبدالرحيم محمد حسين، وزير الدولة السابق للشئون الداخلية ووزير الدولة للشئون الانسانية بالسودان أحمد هارون، وعلى محمد عبد الرحمن الشهير بعلي كوشيب أحد قادة ميليشيا الجنجويد (قبائل سودانية).

والعقوبات التي  تقرها المحكمة في حال ثبوت الجرائم تشمل السجن 30 عاما كحد أقصى، بالإضافة إلى غرامات مالية وتعويضات للمجني عليهم وفي  ظروف مشددة يمكن أن تقضي بالسجن مدى الحياة.

وتأسست المحكمة الجنائية الدولية عام 2002، بغية منع ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، ومحاسبة كل من يرتكب مثل هذه الأعمال الوحشية.

وتشير ديباجة نظام روما الأساسي إلى عزم الدول الأطراف وضع حد لإفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب وعلى الإسهام بالتالي في منع هذه الجرائم.