دراسة إستراتيجيّة "بتل أبيب": ضمّ غور الأردن إلى "إسرائيل" يُحقق لها الأمن والاستقرار

بالعربي: رأت دراسة في كيان الإحتلال أصدرها المعهد "الاورشليمي" للشؤون العامّة والدولة، أنّ الفرضيات القائمة لدى صنّاع القرار في "تل أبيب" تستبعد الانسحاب من غور الأردن بأيّ شكلٍ من الإشكال، وتُصّر على إبقاء قوات عسكريّة فيه. وقال البروفيسور أرنون سوفير، من جامعة حيفا، والذي يُعتبر من كبار الاختصاصيين في شؤون الجغرافيا السياسيّة، ومن أكبر دُعاة ترحيل العرب من فلسطين، إنّ غور الأردن مهم من الناحية الإستراتيجيّة: فحدوده مع الأردن تشكل نقاط تواصل هامّة للتجارة والسفر مع بقية دول المنطقة، واستمرار سيطرة كيان الإحتلال على قطاعات منه ستعني أنّ الضفّة الغربيّة ستبقى مطوقة من قبل الدولة العبرية، على حد تعبيره.

وأشار سوفير إلى أنّه من منذ احتلال الضفّة الغربيّة في عدوان 1967، اعتبرت جميع حكومات الإحتلال منطقة غور الأردن بمثابة الحدود الشرقية لإسرائيل، وطمحت في ضمّه لمساحة الدولة، مُوضحًا أنّه من اجل تعزيز وإحكام سيطرتها على المنطقة، أقامت في الأغوار، منذ مطلع سنوات السبعينيات، 26 مستوطنة، التي يعيش بها اليوم حوالي 7500 مستوطن، وعلى مدار السنين، تمّ الإعلان عن الغالبية العظمى من أراضي غور الأردن، على أنّها أراض تابعة للدولة، وجرى ضمّها إلى مناطق النفوذ التابعة للمجالس الإقليمية، التي تعمل في إطارها معظم المستوطنات في المنطقة.
وفي إطار اتفاقية أوسلو، تمّ تعريف هذه المنطقة، عدا جيب يضم مدينة أريحا والمساحات التي تحيط بها، على أنّها مناطق C، التي تُسيطر عليها "إسرائيل" سيطرةً تامّةً، وقد صرح مقربون جدًا من نتنياهو بأنّ غور الأردن سيبقى تحت سيطرة الإحتلال في أيّ تسوية مستقبلية. وتابع بروفيسور سوفير قائلاً إنّه منذ العام 2005، تفرض "إسرائيل" في غور الأردن سياسة من التقييد على حركة وتنقل السكان الفلسطينيين، كما أقام الاحتلال خلال السنوات الأخيرة 4 حواجز ثابتة، وشدد جيش الإحتلال بصورة ملحوظة من التقييدات المفروضة عليها، وأتاح المرور فقط لسكان غور الأردن على أساس بطاقة الهوية، بشرط أنْ يكون العنوان المسجل ببطاقة الهوية هو إحدى قرى الغور. أمّا باقي سكّان الضفّة الغربيّة، فيُطلب منهم إبراز تصريحٍ خاصٍ يتّم إصداره من قبل الإدارة المدنيّة، وبدون التصريح، فإنّ الجيش يتيح المرور فقط في الحالات الإنسانية. وبينّ سوفير أنّ إسرائيل لا ترى في الأغوار وحدةً جغرافيّة واحدة، مع باقي مناطق الضفة الغربية، وبالتالي، فإنّ الفلسطينيين الذين يسكنون خارج الأغوار، ويمتلكون أراضٍ زراعية في مجالها، جرى فصلهم عن أراضيهم، وفقدوا مصادر رزقهم، ومن هنا، فإنّ السياسة التي تُطبقها "إسرائيل" في غور الأردن، بجانب تصريحات أصحاب المناصب الرفيعة حول هذه القضية، ترمز إلى أنّ الدافع من ورائها ليس امنيًا بحتًا، بل سياسيّ بامتياز، ويتمثل في ضمّ هذه المنطقة من الناحية الفعليّة للدولة العبرية.
وذكر سوفير أيضًا أنّ رئيس وزراء الإحتلال الأسبق، يتسحاق رابين، كان قد كرر في مناسبات عديدة بأنّ مساعي "إسرائيل" يجب أنْ تصب في منع قيام كيان فلسطينيّ شاطئه يكون البحر الميت، ومنعه من التماس الجغرافي مع أيّ رقعة ارضٍ عربيةٍ، أمّا ما يسمى بوزير الأمن الأسبق، شاؤول موفاز، فقد قال مؤخرًا إنّ الحدود المستقبلية لكيان الإحتلال ستشمل الكتل الاستيطانية، أيْ غوش عتصيون، وغور الأردن. وأشارت الدراسة إلى أنّه تحت شعار الأهمية الأمنية لغور الأردن، أخذت الحكومات المتعاقبة تتبنّى المقولة التي أطلقها يغآل الون، والتي جاء فيها أنّه لكي يتحقق الدمج بين حلم سلامة البلاد من ناحية جيو-إستراتيجيّة مع إبقاء الدولة يهودية من ناحية ديمغرافية، يتطلب هذا فرض نهر الأردن حدودًا شرقية للدولة اليهودية، وهكذا صاغ الون خطته للحل الإقليميّ بعد عدوان 1967، متضمنةً غور الأردن على النحو التالي: خلق وجود مدنيّ، إضافة للوجود العسكريّ، بواسطة نقاط استيطانية، الوجود المدني والعسكري يُشكّل تصحيحًا للحدود، ولا تُعتبر المستوطنات مشكلة أمام الحلول السياسيّة، كما يُشكل الغور تواصلاً جغرافيًا بين بيسان وصحراء النقب، بالإضافة إلى أنّ المنطقة تُشكل حزامًا واقيًا للقدس من هجمات عسكريّة من الناحية الشرقيّة.
وكان الجنرال في الاحتياط عوزي دايان، النائب الأسبق لما يسمى بقائد هيئة الأركان العامّة في جيش الإحتلال قد صرحّ بأنّ ضمّ غور الأردن إلى "إسرائيل" يُحقق لها الأمن والاستقرار، مُشدّدًا على أنّ مناطق الدفاع الحيوية لكيان الإحتلال توجد في غور الأردن فقط، ولا بدّ أنْ يكون تحت سيادة "إسرائيل"، وإذا لم تكن هناك سيادة إسرائيليّة على غور الأردن، فإنّ الأمن لن يتحقق على المدى البعيد. علاوة على ذلك، أشار إلى أنّ نتنياهو في أثناء زيارته إلى غور الأردن، أكّد على أنّ هذه المنطقة هي الحدود الأمنيّة الشرقية لكيان الإحتلال
وأوضح دايان أنّ هذه المنطقة تُلبّى الاحتياجات الأمنيّة الأساسيّة، بدءً من الحفاظ على عمق استراتيجيّ عرضيّ "لإسرائيل" من نهر الأردن وحتى البحر المتوسط بمسافة 64 كم، يُمثل حماية لسكان كيان الإحتلال من الصواريخ الباليستية بعيدة المدى الخاصة بإيران، والدفاع ضدّ أيّ هجوم محتمل على "إسرائيل" من الجبهة الشرقيّة، على حدّ تعبيره.

رأي اليوم