شباب السويس من الانتحار حرقًا إلى الانتحار شنقًا والمسؤولين: مرضى نفسيين

بالعربي - سيد عبد اللاه: « الظروف الاقتصادية – الظلم – القهر » .. كلها أسباب توحدت في محافظة السويس منذ قيام ثورة 25 يناير ليأتي ثمارها بنفس النتيجة، وهي “الانتحار” الذي كان شرارة ثورة 25 يناير في مصر، والتي اندلعت في محافظة السويس على خطى ” محمد بو عزيزي” في تونس، والتي جاءت نتيجتها قيام ثورة 25 يناير من السويس، عقب محاولة انتحار شاب لنفس الأسباب التي لم تتغير، وهو ما دفع كافة المصريين إلى توحيد شعار الثورة ومطالب الشعب في “العيش – الحرية- العدالة الاجتماعية”، ولكن الغريب هو تكرار هذه الحوادث في محافظة السويس، وخاصة لفئة الشباب التي بدأت تأخذ منحنى خطر وتزايد في الأعداد وتطور في وسائل الانتحار الذي بدأ بالحرق ثم تطور بالشنق، فيما لم يتغير رأى المسئولين في مثل هذه الحوادث التي يجدونها حالات فردية لمرضى نفسيين بحد وصفهم .

حيث واصل تعداد الانتحار في حصد الشباب بمحافظة السويس في مختلف المجالات والمراحل العمرية في ظل الحالة الاقتصادية والاجتماعية المتردية وتزايد الضغوط على المواطنين، فضلًا عن غياب الوازع الديني ليأتي آخر هذه الحالات في محافظة السويس هي محاولة انتحار شاب شنقًا بالسلك الشائك المخصص لتأمين ديوان عام المحافظة، لفشله في الحصول على وظيفة ووحدة سكنية تابعة للمحافظة، وقد تم إنقاذه وسط صراخ زملائه وصيحات الجنود في محاولة إنقاذه .

ويعد هذا الحادث معتاد بمحافظة السويس بعد تكررت مثل هذه الحوادث التي يتم إنقاذ البعض منهم والبعض الآخر يلقى حتفه، وفى أقل من90 يوم انتحر شاب شنقًا داخل الشقة التي يقيم بها بمدينة الأمل بالسويس، لمروره بأزمة نفسية بسبب تعطله عن العمل، وتبين أن شابًا في العقد الثالث من العمر، يدعى “خ. ا. ع” عاطل، قام بربط حبل في مواسير الغاز بمطبخ الشقة، بعدما أحكم إغلاق باب الشقة من الداخل وشنق نفسه، وبعد قلق أخيه عليه لتأخره، قام بكسر باب الشقة، بمساعدة الجيران، للاطمئنان عليه، ففوجئ به متوفيًا ومعلقًا من رقبته في المطبخ .

ومن قبله انتحر متهم محتجز على ذمة إحدى القضايا، داخل حجز قسم شرطة السويس، بعد تناول كمية كبيرة من الأدوية والعقاقير المسكنة، تم نقل الجثة لمشرحة مستشفى السويس العام، وكشفت التحريات انه هدد بالانتحار لاعتقاده بأنه بريء من التهم التي وجهت إليه، ولكن تهديده لم يؤخذ على محمل الجد وكان يعانى من سوء المعاملة بداخل القسم .

وفى حي فيصل بمحافظة السويس أقدم شاب بالسويس على الانتحار بإلقاء نفسه من الدور الخامس بمساكن الزهور التابعة لحي فيصل بالسويس، بسبب ظروفه المالية، وتم نقل جثته لمشرحة مستشفي السويس العام وأكدت شهادة الشهود، أمام قسم شرطة فيصل بالسويس، أن الشاب كان يعاني من مشاكل مادية، وانعكست على حالته النفسية ودفعته للانتحار .

وفى شركة “إليكو” بالسويس لجأ العمال إلى آخر الطرق لمواجهة سياسة الشركة التعسفية ضد العمال وهي “الانتحار”، حيث أحبط العمال أول محاولة انتحار من قبل زميلهم بالشركة، اعتراضًا منه على سياسة الشركة التعسفية تجاه العمال ومساومتهم على تسويتهم وتسريحهم وقال العمال إنهم فوجئوا بزميلهم “مسعود أبو العباس” يتوجه لأحد المباني، ثم وجدوه أعلى المبنى يعد حبلًا وعقده، تمهيدًا لإدخال رقبته لينتحر شنقًا وسارع زملاؤه للمبنى، وتسللوا للسطح وجذبوه إلى الداخل قبل أن يسقط وينتحر .

وفى آخر العام الماضي، أشعل أحد الشباب بمحافظة السويس النار في جسده أمام ديوان عام المحافظة، احتجاجًا على أوضاعه الاقتصادية، عقب انهيار جزئي للعقار الذي يسكن فيه، وتجاهل المحافظة لهذا الحادث، الذي يهدد بتشريد سكان العقار المكون من 25 أسرة، حيث حاول شاب حرق جسده، أثناء وقفة احتجاجية لسكان الإيواء، أمام ديوان عام محافظة السويس، إذ سكب البنزين عل جسده وأشعل النار في نفسه، ما تسبب في حالة من الذعر والفزع لدى المواطنين والمحتجين هناك، وتمكن الأهالي والمحتجين من إنقاذه وإخماد النيران، وتم نقلة إلى أحد المراكز الطبية القريبة، حيث أشارت مصادر طبية أن الشاب أصيب بحروق بنسبة 30%، مؤكدين أن سرعة إطفاء النيران قد ساهم بشكل كبير في إنقاذ حياته .

ومن قبلها أقدم طالب جامعي بمحافظة السويس على الانتحار لتعثره في الدراسة وعدم تمكنه من اجتياز السنة النهائية بكلية التجارة، بشنق نفسه داخل شقة تحت الإنشاء بمنزل أسرته بمدينة السلام .

وفى منتصف العام الماضي انتحر شاب في السويس، بشنق نفسه داخل الشقة التي يقيم فيها بمدينة الأمل بالسويس، لمروره بضائقة مالية وتم نقل الجثة لمشرحة مستشفى السويس العام وأخطرت النيابة لتولي التحقيق وكشفت التحريات الأمنية أن المتوفى كان يعاني من أزمة نفسية بسبب تعطله عن العمل، وكان يتعاطى أقراصًا مهدئة، وهدد أشقائه أكثر من مرة بالانتحار إذا لم يوفروا له فرصة عمل .

ولم يكد يمر شهر على هذا الحادث حتى تكرر الأمر بمحاولة انتحار شاب حرقًا أمام ديوان عام محافظة السويس لنفس الأسباب، وهى عدم حصوله على فرصة عمل ومعاناته من البطالة وسوء الظروف المعيشية، وعدم مقدرته على توفير أبسط احتياجاته في الحياة .

وتكرر هذا الحادث في مطلع العام الماضي، وحاول عاطل الانتحار شنقًا داخل شقته بسبب ظروفه المالية والبطالة وعدم قدرته على إطعام أطفاله، إلا أن الأهالي تمكن من إنقاذه استغاثة لصرخات زوجته التي أنقذته في اللحظات الأخيرة .

وتوجت هذه الحوادث التي تكررت بشكل مستمر في محافظة السويس بحادث محاولة أحد المواطنين حرق نفسه في ميدان الأربعين على خطى “بو عزيزي ” في تونس، وتم اللحاق به لتنطلق شرارة ثورة 25 يناير من السويس ليسقط فيه في 25 يناير 2011 أول شهيد وهو “مصطفي رجب” برصاص الشرطة التي تعاملت بعنف مع المتظاهرين رغم مطالبهم السلمية في ذلك الوقت .

هذا ويأتي رد المسئولين في محافظة السويس متمثلًا في محافظة السويس على مدار السنوات الماضية ومنذ قيام ثورة 25 يناير، واحد ولم يتغير وهو أنها حوادث فردية يعانى فيها أصحابها من حالات نفسية، فيما تلخص رد كل رجال الدين المتمثلين في المشايخ إن هؤلاء المنتحرين يرتكبون جرم في حق الدين، وفى حق نفسهم ودعوتهم إلى الرجوع لدين، والتأكيد أن من يزهق روحه بيده هو يكفر بإرادة وقدر الله .

ويأتي ذلك رغم أن منظمة الصحة العالمية قالت في تقرير لها إن معدلات الانتحار التقديرية في إقليم شرق المتوسط “أقل بكثير من الأقاليم الأخرى” وأشارت في تقريرها، إلى أن أكثر من 800 ألف شخص يقضون كل عام منتحرين، ما يعني أن حالة انتحار واحدة تقع كل 40 ثانية تقريبًا .

وبحسب الجهـاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فقد وصل تعداد سكان مصر خلال فبراير الماضي، إلى 94 مليون نسمة منهم 86 مليونا بالداخل، بينما وصل عدد المغتربين منهم بالخارج وفقا لإحصاءات وزارة الخارجية المصرية إلى 8 ملايين .

وحسب تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فإن عدد قوة العمل في مصر يبلغ 27.2 مليون فرد، وتصل نسبة البطالة بينهم 13.4%، بزيادة تتراوح بين 4% – 5%، على مدارا السنوات الثلاث الماضية .

المصدر (موقع البديل)