سخنين: زبيدات يروي ذكريات يوم الأرض الأول

بالعربي: يسكن شريف زبيدات (أبو عمر) والذي بلغ 66 عاما في منزله القديم على جانب الشارع الرئيسي في حي الحزين غرب مدينة سخنين، وهو البيت الذي اقتحمه الجيش الإسرائيلي صباح يوم 29 آذار من العام 1976

بعد أن هب أهل سخنين لكسر حظر التجول والدفاع عن الأرض.

"عرب 48" زار منزل زبيدات الذي استقبلنا وهو يتحدث عن ذكريات تأبى النسيان، مشيرا إلى سقف المنزل الذي كان قد اخترقه الرصاص بكثافة في يوم الأرض الأول في محاولة لإثارة الرعب والترهيب لكسر إرادة الشباب الغاضب، مؤكدا أن الشباب أبى إلا أن يدافع عن وطنه صامدا بشموخ وكبرياء.

حظر تجول وحملة اعتقالات

استعرض زبيدات أحداث ذلك اليوم التاريخي المشهود، وقال: "وصلت الشرطة صباح 30 آذار من العام 1976 بعد الإعلان عن الإضراب العام  أمام بيتي، واستشاط الجنود غضبا ونقمة بعد أن شاهدوا الأهالي غير آبهين بقرار حظر التجول، وحينها وقفنا أنا وأطفالي (7- 8 أعوام) ومجموعة شباب أمام منزلي وعلمنا أنهم يريدون اعتقال حيدر ميعاري وكان معهم شرطي يدعى يوسف من شفاعمرو تقدم مع قوة مدججة وسألني "من ألقى الحجارة على الشرطة؟". طالبونا بالدخول إلى منازلنا بسبب حظر التجول واستفزوا الشباب، ثم حاصروا نحو 30 شابا داخل منزلي ثم داهم الجنود منزلي وأطلقوا النار في زواياه وأمطروا سقفه بعدد هائل من العيارات النارية، إلا أن غالبية الشباب قفزوا من شرفة الطابق الثاني وأذكر منهم حسين علي طه وراجح ميعاري وجميل الطبعوني، واختبأ عدد من الشباب بالخزانة. روّع الجنود أطفالي وكان أحدهم يحمل سلاح "عوزي" فقام الشباب بدفعه خارج المنزل وأنا أصرخ الله أكبر.

نسوة إلى جانب الرجال للدفاع عن الأرض

وأضاف زبيدات: "بعد خروج راجح ميعاري (رحمه الله) من الخزانة اكتشف الجيش أمره وأطلق جنوده النار بكثافة لترهيب الناس، قيدّه الجنود وحبسوه مؤقتا في منزل محمود الطبعوني القريب وحينها طلبنا من النسوة أن تفك قيده، وفعلا نجحن بتحريره واحضاره إلى منزلي. يومها اعتقل شقيقي جميل لسبع ساعات وبعد أن أطلقوا سراحه بدت علامات الضرب والعنف على وجهه. أذكر أن أم زكريا في آخر حارة الحزين قرب بيت الشهيدة خديجة شواهنة ضربت جنديا وطرحته أرضا في أعقاب سد الطريق في الليل أمام المصفحات والآليات العسكرية من قبل الشباب".

ويتابع: "اشتدت المواجهات في أعقاب انتشار خبر الاستشهاد وجرح بعض الشباب، واستمرت المواجهات بعد أن انتشر الجيش في مركز البلدة، وكان يقف أمام بيت محمد حسين الخضران 5 ضباط يطلقون نحونا النار من مسدسات، توجهنا إلى شارع ضيق قرب منزل أبو جمال بدارنة وكانت ترافقني والدتي، جرح بعضنا فاهتمت النسوة بالمصابين. واجه الشباب الرصاص والسلاح بصدره العاري، وأذكر حينها إصابة محمد سعيد العبود قربي بجانب المسجد هناك وكان الشباب الثائر يسخر من الجنود رغم هول المواجهة والبعض يقول لهم أطلقوا الرصاص هنا على الصدور، وتجلت شجاعة وانتفاضة حقيقية توجت بوحدة الشعب والإرادة الجبارة".

ولفت زبيدات إلى أنه "بعد انسحاب الجيش في حينه من منزلي فقدت طفلي الذي لم يتجاوز العامين، بحثنا عنه لساعات ثم وجدناه مختبئا تحت السرير".

أيام عزة وكرامة

ويواصل زبيدات روايته وهو يستعرض مشاهد الفخرة والاعتزاز، ويؤكد أن ما عاشه من "وحدة وطنية ربما لم يسبق لها أي مثيل"، ويقول إنه "مهما تحدثوا عن ذلك اليوم المشهود فإنه لن يعطوه حقه، لأن المشهد العظيم أبلغ من أي وصف يذكر".

أعيدوا ليوم الأرض الاعتبار

واستطرد قائلا: "أرادوا تحويلنا إلى رعاع وقطاريز إلا أننا أثبتنا بإرادتنا أننا شعب لنا جذورنا ووجودنا الشرعي وأصحاب أرض ووطن أصلانيين، ومن هنا نستمد قوتنا.. لكن أكثر ما يؤلمني هو جهل الجيل الصاعد بأهم محطة فارقة في حياة هذه الأقلية التي سطرت اسمها في تاريخ النضال، وآمل أن يعاد الاعتبار ليوم الأرض الخالد بما يليق بالشهداء والجرحى والمعتقلين وكل صناع ذلك اليوم النضالي المجيد".

"نقلا عن موقع عرب 48"