"إسرائيل": حزب الله سيقتحم المستوطنات

بالعربي: تتوقع "إسرائيل" في أي حرب مقبلة أن يبادر مقاتلو «حزب الله» إلى اقتحام مستوطنات مجاورة للحدود، وعدم الاكتفاء فقط بالدفاع وإطلاق الصواريخ عن بعد.

وينقل المراسل العسكري لموقع «والا» أمير بوحبوط، في سلسلة تقاريره عن الحرب المقبلة مع «حزب الله»، عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن «حزب الله استبدل الطريقة، وهو يفكر هجومياً».

ويعود بوحبوط إلى العبوتين اللتين انفجرتا في مزارع شبعا قبل حوالي عام، واللتان زرعهما أفراد القوة الخاصة التابعة إلى «حزب الله»، وبمعجزة لم يقتلا أي جندي إسرائيلي. وينقل عن ضابط رفيع المستوى في قيادة الجبهة الشمالية الإسرائيلية قوله «من يزرع عبوات شديدة الانفجار، من النوع الذي انفجر في الدورية، لا يوجه تحذيرات إلى إسرائيل، وإنما أراد القتل».

وبعد ثلاثة أسابيع من التفجير أقرّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بأن رجاله هم من زرعوا العبوتين. حتى ذلك الإقرار كان «حزب الله» يتبع سياسة ضبط نفس، وكانت إسرائيل قد حددت لنفسها خطوطاً حمراء بشأن انتقال أسلحة كاسرة للتوازن من سوريا إلى «حزب الله». ولم يكن سلاح الجو الإسرائيلي يتردد في ضرب قوافل تحمل مثل هذه الأسلحة، ولكن تكرار ضرب القوافل قاد «حزب الله» للرد. حتى ذلك الحين كانت شعبة الاستخبارات الإسرائيلية تشيع أن «حزب الله» مرتدع من حرب لبنان الثانية، لكن جهات أخرى في الجيش كانت ترى أن «حزب الله» يحافظ على الهدوء لانشغاله بتعاظم قوته. ويوضح مصدر أمني إسرائيلي كبير أن «نصر الله، اليوم أكثر من السابق، مستعد للمجازفة مع إسرائيل والذهاب حتى النهاية، فالمهم عنده ألا يبدو في نظر إسرائيل ضعيفاً».

ويستذكر بوحبوط الثأر الذي لا تزال إسرائيل مدينة به لـ «حزب الله» لاغتيالها الشهيد عماد مغنية قبل سبع سنوات. ويقول إن هناك اتفاقاً في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية حول أن «حزب الله» هو «الخطر الفعلي الأشد على إسرائيل في الوقت الراهن. فلحزب الله في العام 2015 مقاتلين أكثر خبرة وصواريخ تطال أماكن أبعد، بل إنهم سيحاولون قصف مطار اللد، ومقر وزارة الدفاع بدقة. في الجيش الإسرائيلي يفهمون أنه مقارنة بـ2006، الحرب المقبلة مع لبنان ستكون أقسى بكثير».

ويوضح بوحبوط أن «حزب الله» حالياً لا يخشى اتخاذ تدابير فعّالة على الحدود اللبنانية ضد إسرائيل، ولذلك فإنه رد مباشرة على اغتيال جهاد مغنية بإطلاق صواريخ مضادة للدروع ضد دورية في مزارع شبعا، وقتل قائد سرية وجندي. ومثل هذه الأفعال، الفعل ورد الفعل، يمكن أن تضر بمنظومات الردع، وقد تقود في أسوأ الأحوال إلى الحرب. ولذلك فإن مصدراً رفيع المستوى في القيادة الشمالية حذر من الاستهانة بقدرات «حزب الله» الإستراتيجية ورؤيته بعيدة المدى، وأيضا عدم المبالغة في قيمته التكتيكية.

وبعد أن يعدد بوحبوط نشاطات مقاتلي «حزب الله» الرصدية على الحدود، يشير إلى وجود خشية لدى الجيش الإسرائيلي من أن يقتنع الحزب أن إسرائيل صارت تمتص الضربات ولا ترد. ويشير هؤلاء إلى تفجير بورغاس كمثال، رغم توفر معلومات لدى إسرائيل أن «حزب الله» يقف خلف مقتل ستة إسرائيليين وجرح العشرات هناك. وأشار إلى تحليل السيد نصرالله في خطاب له لحرب «الجرف الصامد» على غزة، وقوله إن «العدو لا يصمد في حروب الاستنزاف، لذلك ينبغي تطويرها». وتخشى إسرائيل من أن انجازات مقاتلي الحزب في سوريا تزيد الشهية لديهم وتعاظم ثقتهم بأنفسهم.

في كل حال يوضح بوحبوط أن الجيش الإسرائيلي يتدرب منذ حرب لبنان الثانية على الحرب مع «حزب الله»، ومن ذلك يحصل على العبر في محاربته لحماس وباقي المنظمات العاملة في المنطقة. ولذلك يستعد الجيش الإسرائيلي لاحتمال قيام قوات خاصة من «حزب الله»، بحجم 100 إلى 200 مقاتل، باقتحام مستوطنات قريبة من الحدود واحتلالها لفترات قصيرة. ولم يعثر الجيش الإسرائيلي حتى اليوم على أية أنفاق تخترق الحدود، كما لم يحدد أنفاقا كهذه. ورغم ذلك هناك فرضية في الجيش تقول بأن الحزب قد يفاجئ. وحسب ضباط في «الفرقة 91» فإنه إذا قرر مقاتل من «حزب الله» اجتياز الحدود ركضاً يستطيع أن يدخل إلى «كيبوتس مسكاف عام» خلال دقائق، وهو ليس بحاجة إلى نفق. وهناك العديد من المستوطنات الإسرائيلية الأخرى القريبة من الحدود.

وتختلف الآراء في الجيش الإسرائيلي حول الحرب المقبلة مع «حزب الله»، حيث ينتظر أن يحسم رئيس الأركان الجديد الجنرال غادي آيزنكوت في العديد من الجوانب بهذا الشأن. وبين هذه الأمور هل أن الجولة المقبلة حرب أم معركة؟ وهل يجب السماح للحزب بأن يكون المبادر، وبعدها إطلاق وحدات الجيش لاقتحام مواقعه؟ وهل ستلحظ المخابرات العسكرية تغيير «حزب الله» لمقاربته من الدفاع إلى الهجوم، وهل أن على الجيش الإسرائيلي توجيه ضربة استباقية؟

وهنا يشير بوحبوط إلى أن الحقيقة الواضحة للجميع هي أنه إذا كانت جولة القتال الأخيرة ضد حماس طالت 50 يوماً، فإن القتال ضد «حزب الله» قد يمتد لأشهر ولذلك هناك حاجة لتحليل عدة مقاربات. والسؤال الأساسي هو ما الذي يوقف الحزب: القوة النارية أم المناورة البرية؟
ويتحدث بوحبوط هنا عن أن قدرات القوات البرية الإسرائيلية في العام 2015 هي الأعلى في تاريخ الجيش الإسرائيلي، فلديه دبابات «ميركافا 4» ومنظومات الدفاع ضد الصواريخ المضادة للدروع، ومدرعة «نمر»، وأيضا نظريات وأساليب قتال جديدة وخاصة.

كما أن لدى إسرائيل حاليا تسع بطاريات «قبة حديدية» مضادة للصواريخ والعاشرة ستدخل الخدمة الفعلية في العام المقبل. وبخصوص سلاح الجو الإسرائيلي فإن قدراته عالية، وقد قصف في الحرب الأخيرة على غزة حوالي 7250 هدفاً، في حين أنه قصف 3200 هدف خلال حرب لبنان الثانية التي استمرت 33 يوماً. ويشير إلى أن السؤال سيكون عن عدد الأهداف في حرب لبنان الثالثة.

ولكن من تدريبات سلاح الجو الإسرائيلي يتبين أن وتيرة الغارات ستكون أكثر مما كان في «الجرف الصامد». ويقول بوحبوط أن «قدرة العمل لديه تسمح له بتنفيذ هجوم لم يسبق له مثيل ضد أهداف حزب الله، أكثر كثافة مما رأينا حتى اليوم. فالآلة تزداد تطوراً، ولكن لمثل هذه العملية ثمن: طائرات سوف تسقط، وفي التدريبات يستعدون لاحتمال أن يأسر حزب الله طيارين. ويقول قائد في سلاح الجو انه ينبغي البدء بأعلى درجة ممكنة. يمكن استخدام ذخائر صغيرة ذات شدة هائلة وضرر بيئي أقل». وعن الهجوم البري فإن العقيد غابي سيبوني، الذي يرأس مشاريع بحث في مركز دراسات الأمن القومي، يحث على البدء بالمناورة البرية من اللحظة الأولى. وفي نظره لا جدوى لسلم التصعيد، لأن هذا السلم يعني إدارة حوار مع «حزب الله»، وهذا مضيعة للوقت وهو يزيد حجم الإصابات. لذلك يطالب الجيش باستخدام كل قدراته من اللحظة الأولى.

ويشير بوحبوط إلى أن آيزنكوت، حين كان قائدا للجبهة الشمالية أمر في العام 2012 بنشر صور جوية ومعلومات استخبارية حول بنى تحتية لـ «حزب الله» في جنوب لبنان. وكمثال نشر صورة جوية لمدينة الخيام، ومواقع الحزب التخزينية والإطلاقية فيها، وكانت الرسالة: الاستخبارات الإسرائيلية تعرف جيدا ما يفعله «حزب الله»، وهذا هو الثمن الذي سيدفعه لبنان إذا هجم الجيش الإسرائيلي على 200 قرية حوّلها الحزب إلى مواقع عسكرية له.

في كل حال فإن بوحبوط يعتبر أن هذه القرى، التي غدت المخزن الأساسي للحزب، صارت أيضاً نقطة ضعفه. وحسب أحد السيناريوهات فإنه إذا أطلقت الصواريخ من هذه القرى فسيتقدم الجيش الإسرائيلي في العمق ليسكت المقاومة، ويلحق بالقرى دماراً كبيراً. وحسب هذا السيناريو حينها لن يكون لدى نصر الله تفسير لما جرى، ولا قدرة عنده أو عند الإيرانيين على تمويل إعادة الإعمار.

لكن الحرب ليست دوماً كما يخطط لها. وحسب بوحبوط فإن الحرب مع «حزب الله» ستكون بين الأصعب والأشد تعقيداً. ويشير عسكريون إلى أنه حين يحاول الجيش الإسرائيلي التوغل في عمق الأراضي اللبنانية، فان «حزب الله» سيحاول تنفيذ اقتحامات للمستوطنات. ويقول سيبوني أن «تواجد حزب الله، ولو لخمس دقائق في حانيتا، سيشكل إنجازاً هائلاً في نظره، مع أننا إذا احتللنا بنت جبيل 8 مرات لن يكون شيئاً. إذا احتل هو حانيتا فسوف نبقى نتحدث عن ذلك لمئة عام أخرى».

المصدر: السفير