«درع الخليج» وحيدا أمام إيران

بالعربي: ان التدخل المتعاظم لإيران الشيعية في العراق، في سوريا ولبنان من خلال استغلال عناصر شيعية من سكان الدول المستهدفة للسيطرة تثير القلق الشديد في اوساط قادة الدول العربية في الخليج.

ان التجربة المريرة في تدخل إيران في محاولة الانقلاب في البحرين التي اغلب سكانها شيعة بالادعاء ان البحرين هي الولاية الـ 14 لإيران ما زالت اصداءها تدوي في رؤوسهم. ان المهمة الإيرانية لاستخدام البحرين كرأس جسر للتمدد في شبه الجزيرة العربية بقيت كما هي. ولكن هذه المحاولة تم صدها في حينه عندما دخل الف جندي سعودي في اذار 2011 إلى حدودها وبعدها دخل حوالي خمسمائة شرطي من اتحاد الامارات.
منذ الغزو السريع لصدام حسين للكويت فقد برز في وسط دول الخليج ـ السعودية، اتحاد الامارات، عُمان، قطر، الكويت، البحرين ـ الحاجة لبلورة «قوات درع الجزيرة» كقوة ردع استراتيجي أمام مؤامرات إيرانية تجاه شبه الجزيرة العربية. هذ الجهد لم ينجح. ان التدخل الاخير لإيران بتحرك قوات الحوثيين الشيعة لاحتلال المواقع الحساسة في اليمن، ومنها مدن الموانيء والمطارات الاساسية في جنوب اليمن، عادت وعبرت عن طموح إيران في ان تحتفظ لنفسها بمضائق هرمز وباب المندب والتي من شأنها أن تمكنها من شل الخط البحري ما بين البحر الاحمر والخليج العربي.
الفشل العربي واغماض العين الغربية ازاء العدوانية الإيرانية هذه إلى جانب استعداد الدول العظمى للتوقيع على اتفاق يمكن إيران من الحصول على سلاح نووي تقض مضاجع العرب وتسرع الحاجة لزيادة قدرات جيش درع الجزيرة.
ازاء فقد الثقة بالغرب والخسارة المتوقعة لليمن وبوقوعها بايدي الحوثيين، ينشغل قادة دول الخليج ثانية بصورة حثيثة في محاولة بلورة قوة عسكرية لصد إيران. في كانون اول 2009 اتخذ قرار في مؤتمر القمة الثلاثين في الكويت بانشاء قوة تدخل سريع لدول الخليج للمحافظة على سلامة الحدود العربية في شبه الجزيرة، بواسطة قوة عسكرية كبيرة وموحدة تضم مئات الاف الجنود، بما في ذلك قدرات بحرية، يحظى بموازنات كبيرة ومستعد للقيام بالردع والحسم. وكذلك المغرب والاردن تم ضمها كعمق استراتيجي لهذا التحالف ولكن هذه القوة لم يتم زيادتها.
ان مؤتمر دول التعاون في الفترة الاخيرة في الرياض نتج عنه اتفاقات كثيرة من بينها تقديم دعم ومساعدة لمصر التي تعتبر ذات القدرة العسكرية الحقيقية في العمق العربي السني. اضافة لذلك توجهت السعودية بطلب دعم باكستاني لاستباق التطورات التي لا يمكن منعها عندما تسقط اليمن أو الاخطر من ذلك عندما تنهي إيران تزودها بالسلاح النووي بموافقة امريكية.
في الوقت الذي سقط فيه الغرب ضحية للخداع الإيراني الذي يقوم وزير الخارجية ظريف بتسويقه فليس للعرب (وكذلك للاسرائيليين) شك بشأن النوايا الإيرانية. ان التهديدات التي اسمعت اثناء الازمة في البحرين من قبل اغلبية رجال النخبة الامنية الاعلى في إيران، سواء في الحكومة او في القيادة العسكرية او في مجلس الشورى الإيراني، عبرت عن توجه معادي في السياسة الإيرانية ولم تترك للعرب مجالا للشك.
دول خليجية كثيرة والتي وقعت على اتفاقيات دفاع وامن مع دول الغرب وخاصة الولايات المتحدة تشعر الان بانها تم التخلي عنها. منذ احداث البحرين وفي اعقاب الاحداث في اليمن تعزز في الخليج الادراك بان التوجهات والبرامج المعادية التي تبنتها إيران تجاه شبه الجزيرة العربية لم تتغير ويجب عليهم الاهتمام بانفسهم وحدهم.
في الاونة الاخيرة اتضح للعرب بانه ليس فقط انهم لن يحصلوا على مساعدة غربية في وقت الضائقة ولكن ان هنالك اتفاقا يتبلور مع إيران على حساب «دول التعاون المشترك الخليجي» من شأنه أن يتحول إلى تهديد اساسي لامنهم. ان الوضع الذي خلق يوفر فرصة لاندماج اسرائيل، ايضا بالسر في المخططات الجيواستراتيجية لدول المنطقة، والتي ستستبق امكانية عقد اتفاق مريح بخصوص المسألة الفلسطينية والتي تعتبر هامشية في السياق العربي. في ضعف الغرب وتنكره للازمة الإيرانية وتعبيرها العملي الخطير في اليمن تشير ثانية إلى ان اتفاقيات الدفاع بانواعها هي مجرد عكازة ضعيفة. هذه العبرة تبرر مقاربة اسرائيل التي تستند في دفاعها فقط على نفسها. في هذه الاثناء قررت السعودية ان تضع قوات عسكرية كبيرة على الحدود مع اليمن في اعقاب سيطرة المتمردين الحوثيين. الطلقة الاولى في الطريق.

روبين باركو
إسرائيل اليوم

صحف عبرية