«أنصار الله» إلى الجنوب نحو عدن

بالعربي: إذا صحّت التقارير الواردة من جنوب اليمن والتي تفيد عن تقدّم كبير لـ «أنصار الله» على محوري الضالع ولحج بعد سيطرتها على تعز، ومحاولتها التقدّم باتجاه أبين من ناحية البيضاء، فذلك يعني، عملياً، أنّها باتت تحاصر عدن، حيث يتحصّن الرئيس، المتراجع عن استقالته، عبد ربه منصور هادي ويعمل على رصّ صفوف ميليشياته التي تستقطب المتطوعين من تيارات واتجاهات لمواجهة الحوثيين.

ووسط تضارب التقارير حول مدى تقدّم «انصار الله» جنوباً، وانباء عن فرار افراد من عائلة الرئيس هادي الى مسقط، برز موقف لافت للسفير الأميركي في صنعاء ماثيو تولر الذي قال إنّ «الحوار السياسي لن ينجح إذا أطيح بهادي أو اعتقل وسقطت عدن»، مشيراً إلى أنّ ذلك «قد يحدث بسرعة» بسبب حشد الحوثيين لأعداد كبيرة من عناصرهم في كافة أنحاء البلاد.
السفير الأميركي لا يزال «متفائلاً نسبياً»، بحسب تعبيره، مع الإشارة إلى أنّ «الفصائل المتصارعة في اليمن يمكن أن تتوصّل إلى اتّفاق على تقاسم السلطة إذا تمكّنت من الاجتماع خارج البلاد ومن دون تأثير من أطراف خارجية مثل إيران».
وفي عبارة لا تخلو من التهديد، قال تولر: «حتى ان الحوثيين لا يرغبون في تحمّل مسؤولية دفع اليمن إلى وضع مماثل للوضع في سوريا وليبيا»، مضيفاً «حالما يدمّرون مؤسسات الدولة سيكون من الصعب للغاية بناؤها».
وفي أجواء الحوار، حسم المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر خياره بشأن الدولة التي ستستضيفه، وصرّح لـقناة «الجزيرة» بأنّ الحوار اليمني - اليمني سيجرى في الدوحة، غير أنّ أيّ اتفاق يتمّ التوصل إليه، في ما بعد، سيوقّع في السعودية، باعتبار أنّ للمملكة ودول مجلس التعاون الخليجي «دورا رئيسيا في دعم الشعب اليمني على مدار الأعوام الماضية».
الحوثيون لا يرون مبرراً لنقل محادثات السلام اليمنيّة إلى قطر، ولكنّهم لا يرفضون الفكرة بشكل قاطع، وفقاً لعضو المكتب السياسي في الجماعة محمد البخيتي. إلّا أن المتحدث الرسمي باسم «أنصار الله» محمد عبد السلام ردّ على الدعوة إلى الحوار، معتبراً أنّ «لا فرق بين موقف الدوحة والرياض من الثورة الشعبية اليمنية فهو ذات الموقف المتشنّج والمتغطرس والمتعالي ... ولهذا يتحرّكون سوياً بدعم القاعدة والتكفيريين سياسياً ومادياً وعسكرياً وإعلامياً، وهذه أمور يعرفها الجميع».
وحسم موقف الجماعة موضحاً بشكل لا لبس فيه «أن يتقاسموا أين يكون التفاوض فالحوار في الدوحة والتوقيع في الرياض والغداء في دبي، كلام لا يعنينا». واستطرد قائلاً «يحرّضون على القتل ويدعمون القاعدة ويشرعنون وجودها ويسعون الى اثارة الصراع الطائفي والمناطقي في اليمن ويصفون الثورة بأسوأ العبارات التي تسيء للشعب اليمني».
وبينما تحاول «أنصار الله» التقدم نحو عدن من اكثر من محور حيث يتحصّن هادي وميليشياته، أفادت مصار عسكريّة وأمنية عن معارك بالأسلحة الثقيلة دارت، أمس، في محافظتي الضالع ولحج القريبتين من عدن.
ويبدو أن الميليشيات الموالية لهادي تعاني من صعوبات في تنظيم صفوفها وتجنيد متطوعين بعد الحملة التي أطلقها هادي لتجنيد 20 ألف عسكري من أجل تعزيز «جيشه»، برغم أنّ الأرقام تؤكّد وجود «عدة آلاف من المجندين» الذين تمّ تسجيلهم، لكن تبقى هناك عملية تدريبهم وتسليحهم وانضباطهم.
وفور تسجيل هؤلاء المتطوعين فإنهم انتشروا في الشوارع بأسلحتهم، مؤكدين عزمهم «سلخ جلد الحوثيين»، وفقاً لمصادر مقربة من هادي.
وتمكّن الحوثيون من السيطرة على مقر الإدارة المحلية في مدينة الضالع، كبرى مدن المحافظة التي تحمل الاسم ذاته. إلا أنّ مصادر عسكرية أكّدت أنّ المعركة للسيطرة على مقر اللواء 33 مدرع في شمال الضالع، أسفرت عن مقتل عشرة من أنصار الجماعة.
وكانت وسائل إعلام يمنية أفادت بأنّ قوات من الحرس الجمهوري وعناصر من الجماعة تقدمت نحو مدينة الضالع ونصبت سبع نقاط تفتيش، وسيطرت على منطقة سناح ومبنى المحافظة وأجزاء من منطقة الجليلة، بعد اشتباكات عنيفة مع مسلحي «الحراك الجنوبي».
ويمثّل وصول الحوثيين إلى الضالع أوّل دخول لهم إلى الأرض التي كانت ضمن «جمهورية اليمن الجنوبي» المستقلة، وهو ما دفع قوى «الحراك»، التي تريد الانفصال، إلى دعوة أبناء الجنوب للتصدي لما وصفته «العدوان الحوثي»، معتبرة إعلان الحوثيين التعبئة العامة بمثابة «إعلان حرب ضدّ الجنوب».
وفي بلدة كرش، التي تصل محافظتي تعز ولحج وتعتبر أحد المداخل الإستراتيجية نحو مدينة عدن، اندلعت مواجهات عنيفة بين ميليشيات هادي والحوثيين، قبل أن تتمكّن الجماعة ووحدات الجيش اليمني من السيطرة عليها. وتقع البلدة على بعد نحو 100 كيلومتر إلى الشمال من عدن، وتفصلها مسافة 40 دقيقة في السيارة عن قاعدة العند الجوية الرئيسية التي يبدو ان «انصار الله» باتوا يطوقونها.
وتعليقاً على تقدّم الحوثيين في الجنوب أكد البخيتي أنّ «أنصار الله» لا تستهدف عدن ولا أيّ منطقة أخرى، ولكن تدافع عن البلاد ضدّ الإسلاميين المتشددين.
ولكن مصادر عسكرية أفادت بأنّ ميليشيات هادي أجبرت الحوثيين على الانسحاب من بلدة كرش ومحافظة الضالع بعد ساعات من سيطرتهم عليها.
وفي هذه الأثناء، أكّد مسؤولون أمنيون أنّ الجماعة دخلت ميناء المخاء - آخر ميناء يمني على البحر الأحمر جنوباً - لتقترب بشكل أكبر من مضيق باب المندب.
ووفقاً لمسؤولين أمنيين فإنّ دافع الحوثيين من دخول المخاء، التي تبعد نحو 80 كيلومتراً عن باب المندب، «يمكن أن يكون الوصول إلى طريق ساحلي يربط المدينة بعدن التي تبعد 260 كيلومتراً، وليس السيطرة على المضيق».
وفي محافظة البيضاء، قالت مصادر قبلية إن الحوثيين يخوضون مواجهات، منذ مساء أمس الأول، مع قبائل مؤيدة لهادي، حيث قتل تسعة من مسلحي القبائل و15 من الحوثيين.
وفي محافظة مأرب، إلى الشرق من صنعاء صدّ مسلحو القبائل قافلة للحوثيين وسط مواجهات عنيفة «أوقعت عشرات القتلى» وفقاً لمصادر قبلية.
وشيعت «أنصار الله» في ساحة التغيير وسط صنعاء، أمس، جثمان السياسي والصحافي البارز عبد الكريم الخيواني بعد ستة أيام على اغتياله في العاصمة على أيدي تنظيم «أنصار الشريعة» جناح «القاعدة» في اليمن.